عبر مسلمون في السويد عن رفضهم لتبريرات الحكومة للسماح لمتطرفين بالاعتداءات المتكررة على القرآن الكريم في الشهرين الأخيرين، مشيرين إلى أن ستوكهولم تعاني من "أزمة عنصرية"، بحسب ما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية الجمعة 4 أغسطس/آب 2023.
حيث قالت صوفيا، وهي تقف تحت أشعة الشمس مع أصدقاء في حديقة يطل عليها مسجد ستوكهولم، إنها سئمت النقاشات حول حرية التعبير التي أعقبت حرق نسخ من المصحف في العاصمة السويدية.
وأضافت صوفيا، البالغة من العمر 36 عاماً، وتعمل في مجال تعليم الكبار، أنها شعرت كما لو أنَّ دينها غالباً ما يُنظَر إليه على أنه المشكلة، وليس الأشخاص الذين يقفون وراء الحرق.
وتابعت: "لقد وُلِدنا وترعرعنا هنا على مدى عدة أجيال، لكنهم (الحكومة) لا يتحدثون عن المسلمين كما لو أننا جزء من السويد… نحن محامون وأطباء وصحفيون ورعاية صحية وأشخاص عاديون ونشكل جزءاً من السويد".
وفي أحدث سلسلة من الاحتجاجات في السويد والدنمارك، التي حُرِقَت فيها أو أُتلِفَت نسخٌ من القرآن، أشعل رجلان النار في نسخة من المصحف خارج البرلمان السويدي الإثنين 31 يوليو/تموز.
وأثارت الحرائق جدلاً داخلياً حول حدود قوانين حرية التعبير الليبرالية الاستثنائية في السويد، وزادت من حدة الخلاف الدبلوماسي بين السويد والدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
قالت صوفيا: "يسمونها أزمة القرآن، لكنها ليست كذلك، بل هي… أزمة عنصرية"، وأعربت المرأتان اللتان تقفان على جانبيها عن موافقتهما.
وأضافت صوفيا: "إنهم يقلبونها علينا وكأنها أزمة يعاني منها المسلمون، لكننا لم نحرق الكتاب المقدس لأحدهم".
سلوان موميكا وسلوان نجم، الرجلان العراقيان المسؤولان عن واقعة الحرق يوم الإثنين، 31 يوليو/تموز، أحرقا أيضاً مصحفاً خارج مسجد ستوكهولم في عطلة عيد الأضحى في يونيو/حزيران.
ويوم الثلاثاء 1 أغسطس/آب، اتهم أولف كريسترسون، رئيس الوزراء السويدي، غُرباء باستغلال قوانين حرية التعبير في البلاد لنشر الكراهية و"جر السويد إلى صراعات دولية". وألقى باللوم على المعلومات المُضلِلَة في اشتعال الغضب حول وقائع الحرق.
واستبعد كريسترسون تقليص الحماية القانونية السويدية لحرية التعبير -وهي من بين أقوى الحمايات على مستوى العالم- لكنه قال إنَّ حكومته ستدرس التغييرات التي من شأنها السماح للشرطة بإيقاف حرق نسخ من القرآن إذا كانت تشكل تهديداً للأمن القومي.
من جانبها، قالت شافية خراكي، وهي معلمة تبلغ من العمر 45 عاماً، إنها لم تقبل ادعاء كريسترسون بأنَّ المعلومات المضللة هي السبب، معربة عن اعتقادها أنَّ السويد بحاجة إلى "تحمل المسؤولية عن أفعالها".
وأضافت: "أحداث الحياة الحقيقية هي التي تسببت في الغضب. الناس لن يقتنعوا بما يقول. ما يحدث ليس مقبولاً".
في حين قالت صديقتها، التي لم ترغب في الكشف عن هويتها، إنه لا توجد حاجة لتغيير القانون، لكن الأمر يتعلق بترجمته. وتخشى أن تُشكِّل خطط الحكومة -تحالف الأقلية الذي يديره معتدلون بدعم من الديمقراطيين السويديين من اليمين المتطرف- للنظر في تغيير قوانين النظام العام تهديداً للديمقراطية.
وتابعت: "يحرقون نسخاً من القرآن، ثم يقولون الإسلاموفوبيا سيئة، ولا يضعون أية خطط لمحاربتها".
وبحسب استطلاع جديد للرأي، فإنَّ واقعة الحرق الأخيرة ربما ساعدت في ارتفاع نسب تأييد المعارضة في السويد بمعدل 11 نقطة مئوية، وهي الأكبر منذ انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي.
في غضون ذلك، قال عبدي إبراهيم، عامل اجتماعي يبلغ من العمر 44 عاماً، إنَّ أفعال الحرق هذه تدمر سمعة السويد في العالم. وأضاف: "يبدو أنَّ معظم الناس لديهم نفس التصور: حرية التعبير جيدة لكن لا ينبغي أن تنتهك حقوق الآخرين. يمكنك التعبير عن آرائك بطريقة أخرى".