أوصى مكتب أمين المظالم في بريطانيا وزارة الخارجية بتقديم اعتذار للمواطن ماثيو هيدجز، وأن تُعوضه بمبلغٍ قدره 1900 دولار تقريباً، بعد أن فشلت في حمايته من الوقوع تحت التعذيب، أثناء اعتقال تعرض له في الإمارات، بحسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 3 أغسطس/آب 2023.
بحسب مكتب أمين المظالم بالبرلمان البريطاني، فقد فشلت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية البريطانية في حماية ماثيو هيدجز، وهو أكاديمي بريطاني سجنته الإمارات العربية المتحدة عام 2018.
كما طالب المكتب الوزارة بأن تعلن خلال ثلاثة أشهر، كيف "ستضمن التعامل مع الظروف المماثلة بما يتماشى مع التوجيهات ذات الصلة".
إذ قالت الرئيسة التنفيذية للمكتب ريبيكا هيلسينراث: "إن دور الحكومة في نهاية المطاف هو حماية مواطنيها، بينما تمثل هذه الواقعة فشلاً ذريعاً في تحقيق ذلك. وسيكون أثر هذا الفشل كبيراً على هيدجز، حيث سيضطر إلى التعايش مع الأمر لما تبقى من حياته. ويجب ألا يتكرر الأمر ثانيةً مع أي شخصٍ آخر".
يُذكر أن هيدجز كان طالب دكتوراه في جامعة دورهام آنذاك، وتعرض للاعتقال بالإمارات في شهر مايو/أيار من عام 2018، بتهمة التجسس لصالح الحكومة البريطانية، قبل احتجازه في الحبس الانفرادي أكثر من خمسة أشهر.
يقول هيدجز إن العاملين في السجن خدروه بالقوة، واستجوبوه لفترات تصل إلى 15 ساعةً في اليوم، ما أجبره على التوقيع على اعترافات كاذبةٍ نتيجةً لذلك. وتلقى هيدجز حكماً بالسجن مدى الحياة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، ثم أُفرج عنه بعد خمسة أيام.
وتلقى هيدجز أول زيارة من طاقم القنصلية البريطانية في 18 يونيو/حزيران 2018، بعد مضي أكثر من شهرٍ على احتجازه. لكن اللقاء لم يدم سوى خمس دقائق.
بينما دام اللقاء الثاني 30 دقيقة، وجرى في الـ30 من أغسطس/آب عام 2018. وقد صرح هيدجز لمكتب أمين المظالم بأن السلطات الإماراتية أملت عليه ما يجب قوله في الاجتماع، وكانوا حاضرين خلاله.
"رسالة تحذير لكل بريطاني"
وضغطت وزارة الخارجية للوصول إلى هيدجز "أكثر من 50 مرة على المستوى الرسمي، و23 مرة على المستوى الوزاري". بينما توصّل مكتب أمين المظالم إلى أن الخارجية اتبعت التوجيهات المتعلقة بالوصول القنصلي في قضيته باستمرار.
لكن مسؤولي الخارجية كان يجب عليهم أن ينتبهوا لعلامات تعرُّض هيدجز المحتمل للتعذيب وإساءة المعاملة، وأن يُصعدوا قضيته لمستشار حقوق إنسان من أجل تقديم "المشورة والتوجيه والدعم… بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدولية"، وحتى يُخبرهم المستشار "بالتوقيت والأسباب التي قد تبرر التدخل"، بحسب مكتب أمين المظالم.
وأردف مكتب أمين المظالم أن الخارجية كانت تعلم بأمر احتجاز هيدجز في الحبس الانفرادي "معظم الوقت"، ولاحظت خلال الاجتماعات علامات على أنه يعاني من نوبات قلق وذعر، وكلاهما من علامات التعذيب وإساءة المعاملة.
علاوةً على أن الخارجية كانت تعلم بوجود 75 حالة لمواطنين بريطانيين زعموا تعرضهم للتعذيب وإساءة المعاملة داخل النظام القضائي الإماراتي، وذلك بين عامي 2010 و2019، وفقاً للتقرير.
وأوضح مكتب أمين المظالم أن توجيهات الخارجية تسمح بمتابعة مزاعم التعذيب وإساءة المعاملة دون موافقة الشخص المعني، وأضاف أن مسؤولي الخارجية لم يتمكنوا من رؤية هيدجز إلا في حضور أولئك الذين أساءوا معاملته.
فيما قال هيدجز إنه يُحمّل الإمارات المسؤولية عن تعذيبه وإساءة معاملته، لكنه يرى أنّ تعامل الخارجية مع القضية "كان من أكثر الأشياء الصادمة التي اضطررت لمواجهتها في تلك الفترة. لقد شعرت بأنهم تخلوا عني تماماً، ولم أصدق أنهم لم يفهموا العلامات شديدة الوضوح والصراحة على تعذيبي".
وأوضح أن وزير الخارجية جيريمي هنت، وعده بإجراء مراجعةٍ داخلية لطريقة التعامل مع قضية احتجازه، وذلك إثر إطلاق سراحه من الإمارات.
ثم استطرد هيدجز قائلاً: "لم يحدث ذلك مطلقاً. ولهذا لم يكن أمامي أي خيار سوى التوجه بشكواي إلى مكتب أمين المظالم".
وتابع: "هذا انتصار شخصي بالنسبة لي، لكنه يمثل أيضاً رسالة تحذير لكل مواطني بريطانيا من أن الإمارات ترتكب جريمة التعذيب، فضلاً عن القيود الخطيرة المفروضة على ما تستطيع الخارجية فعله لمساعدتكم وحمايتكم".