اتجهت روسيا إلى طلب مساعدة من دولة صغيرة في آسيا الوسطى، كانت سابقاً عضواً في الاتحاد السوفييتي، ويجمعها نشاط تجاري واسع النطاق بأوروبا والصين، لتجاوز أزمة العقوبات الغربية، والوصول إلى موارد السلع العسكرية، بحسب ما كشفته صحيفة The Washington Post الأمريكية الأربعاء 19 يوليو/تموز 2023.
حيث يقول مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن دور قرغيزستان بالذات أكثر ما يقلقهم، فقد تأكدوا من أن هذه الدولة الجبلية غير الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 6.7 مليون نسمة، كانت يوماً الحدود الجنوبية للإمبراطورية السوفييتية، هي الآن موطن العديد من الشركات التي تحولت إلى قناة للسلع الغربية والآسيوية التي لا تستطيع روسيا الحصول عليها بشكل قانوني من أي مكان آخر.
فبعد غزو الكرملين لأوكرانيا، شهدت قرغيزستان- خصوصاً في الأشهر الأخيرة- توسعاً مذهلاً في شركات الاستيراد والتصدير التي تتعامل مع روسيا أكثر من غيرها. وهذه الشركات تستفيد من ارتفاع مبيعات السلع الصينية والأوروبية الخاضعة للعقوبات- من الطائرات المسيرة وقطع غيار الطائرات إلى مناظير البنادق ودوائر القنابل المتقدمة- التي يُنقل معظمها جواً أو براً إلى شركات في روسيا، حسبما قال مسؤول أمريكي له معرفة دقيقة بهذه التعاملات.
واشنطن تستعد للضغط عليها
وبعد أشهر من الزيارات غير المثمرة إلى العاصمة القرغيزية بيشكيك من مجموعة من الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين، تستعد إدارة بايدن لإجراءات اقتصادية جديدة للضغط على البلاد لوقف تجارتها مع روسيا، وفقاً لمسؤولين أمريكيين مطلعين.
حيث قال المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم مداولات دبلوماسية حساسة، إن هذه الإجراءات، التي تتضمن عقوبات أو "قوائم سوداء" بالشركات المتهمة بارتكاب مخالفات، قد تدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع.
وتعطي وثائق تجارية متاحة للعامة فكرة عن حجم هذه التجارة الخفية في قرغيزستان. إذ تشير هذه الوثائق إلى أن الحجم الإجمالي لصادرات قرغيزستان إلى روسيا ارتفع بدرجة مذهلة عام 2022، ليزيد بنسبة 250% عن العام السابق له، قبل غزو أوكرانيا. ولم يُعثر على وثائق تثبت تصدير قرغيزستان لبعض العناصر، مثل مناظير البنادق، إلى روسيا.
وتوحي هذه الوثائق التجارية أيضاً بوجود مستوى عالٍ من التنسيق مع الجانب الروسي. إذ تشير وثائق يعود تاريخها إلى أوائل هذا العام، إلى أن شركات قرغيزية اشترت كميات كبيرة من الإلكترونيات الحساسة- من ضمنها ما قيمته مئات الآلاف من الدولارات من أشباه الموصلات المتخصصة ومضخمات الجهد الكهربي- من الشركات الصينية والكورية الجنوبية في فبراير/شباط ومارس/آذار. وتشير الوثائق إلى تصدير كمية متطابقة تقريباً من هذه الإلكترونيات نفسها من قرغيزستان إلى روسيا خلال الفترة نفسها.
وقال مسؤول أمريكي رفيع إن الشركات الروسية التي تتسلم هذه البضائع، في معظم الحالات شركات توريد معروفة لشركات الأسلحة الروسية. ويُعتقد أن هذا التنسيق الواضح لهذه التعاملات من تنظيم أجهزة الاستخبارات الروسية، التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها متورطةٌ الآن بشكل مباشر، إلى جانب مجموعة من المستفيدين من الحرب، في مخططات تهدف إلى التحايل على العقوبات الاقتصادية.
من جانبها، قالت سفارة قرغيزستان في واشنطن، في بيان، إن قادة البلاد حريصون على الالتزام باللوائح الدولية واتخاذ إجراءات صارمة مع التهريب وغيره من التجارة غير المشروعة. وأرجع البيان هذه الزيادة الكبيرة في التجارة مع موسكو جزئياً إلى تحسُّن الأنظمة الإلكترونية في تتبع تدفق البضائع عبر حدود البلاد.
وأضافت أن "قرغيزستان وروسيا عضوان في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وروسيا بشكل عامٍّ أحد شركائنا التجاريين الرئيسيين. وأكثر من مليون من مواطنينا يعملون في روسيا".