أصدرت السلطات في الصين مجموعة من اللوائح، من أجل ضمان التزام روبوتات المحادثة التي تعمل بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، بالإيديولوجية الاشتراكية التي تحكم معظم جوانب الحياة اليومية في البلاد، الأمر الذي سيمثل تحدياً كبيراً بالنسبة للشركات التي تطور روبوتات دردشة تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي.
صحيفة The Washington Post الأمريكية، ذكرت الجمعة، 14 يوليو/تموز 2023، أن هذه "الإجراءات المؤقتة"، التي أُعلن عنها يوم الخميس الماضي، والمقرر أن تدخل حيز التنفيذ 15 أغسطس المقبل، تمثل محاولة من بكين لتشجيع نمو صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين والاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على المعلومات المتاحة للجمهور في الوقت ذاته.
وصفت الصحيفة هذه الخطوة من الصين بأنها تحدٍّ هائل يزيده تعقيداً تنامي الشعبية العالمية للأدوات التي تتيح للناس إنشاء نصوص وصور وموسيقى.
إدارة الفضاء السيبراني الصينية، المنظمة للإنترنت قالت في بيان، إن "هذه الإجراءات تنص بوضوح على ضرورة التزام توفير واستخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدية بالقيم الاشتراكية الجوهرية".
يقول خبراء إن هذا يضع عبئاً ثقيلاً على عشرات الشركات التي تعمل على تطوير أدوات مثل ChatGPT للجمهور الصيني، وأحد الآثار المحتمَلة لذلك أن تقرر شركات التكنولوجيا الصينية التركيز على تطوير منتجات الذكاء الاصطناعي لتستخدمها الشركات الأخرى، وليس للجمهور.
الصحيفة الأمريكية، لفتت إلى أنها وجدت من خلال الدردشة مع إرني Ernie، وهو روبوت الدردشة الآلي لموقع البحث الصيني بايدو Baidu، أنه حتى الأسئلة البسيطة عن حقائق حول حكومة بكين، أورئيس البلاد تشي جين بينغ، دفعته إلى إنهاء الحوار بردود جاهزة.
تضيف الصحيفة أن هذه القواعد "تمثل أيضاً واحدة من أكثر المساعي تعقيداً التي أطلقتها أي حكومة لتنظيم الذكاء الاصطناعي حتى الآن، إذ يصارع المشرعون على مستوى العالم تحدي الحماية من أضراره المحتملة، بما يشمل حماية المعلومات الشخصية والملكية الفكرية".
كذلك فإن كلمة "مؤقتة" في عنوان هذه الإجراءات تؤكد أن بكين ستطلق قواعد تنظيمية أخرى. ويدعو أحد البنود أيضاً إلى المشاركة في صياغة قواعد دولية بخصوص الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما قال إيلون ماسك إن المسؤولين الصينيين أعربوا عن اهتمامهم به خلال زيارته الأخيرة لبكين.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ ون بين، يوم الخميس الماضي، إن "الصين مستعدة لتعزيز الاتصالات والمناقشات مع المجتمع الدولي بشأن تنظيم أمن الذكاء الاصطناعي، وتعزيز إنشاء آلية دولية بمشاركة عالمية، وتشكيل برنامج ومعايير تنظيم تحظى بالتوافق".
كان محللون قد انتقدوا مسودة لوائح سابقة صدرت في أبريل/نيسان 2023، ووصفوها بأنها لا "تشجع تطور صناعة الذكاء الاصطناعي بأي حال"، وقالوا إن بعض هذه القواعد، مثل تحقق الشركات من دقة البيانات التي تتعلمها نماذجها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتضمن أجزاء ضخمة من نصوص موجودة على مواقع الإنترنت، مثل ريديت Reddit وويكيبيديا- وكلاهما محظور في الصين- سيكون من المستحيل تقريباً الامتثال لها.
تراجعت القواعد النهائية عن بعض هذه الضوابط في أماكن محددة، مثل مختبرات أبحاث الذكاء الاصطناعي والشركات التي تصنع أدوات الذكاء الاصطناعي لتستخدمها الشركات الأخرى.
لكن بحسب الصحيفة الأمريكية، فلا يزال يتعين على الشركات التي تقدم محتوى مدعوماً بالذكاء الاصطناعي للجمهور الالتزام بقواعد تضمن دقة وموثوقية هذا المحتوى، وبما يتماشى مع قيم الصين.