خلص تحقيق جديد أجرته صحيفة "The Guardian" البريطانية، اعتماداً على تقنية متطورة، إلى أن خفر السواحل تسبب في غرق سفينة المهاجرين في اليونان، التي كانت تقل نحو 700 شخص، في واحدة من أكبر المآسي التي شهدها البحر المتوسط خلال السنوات الأخيرة، وتشير التقارير إلى وفاة 500 شخص في الحادث.
وفق التقرير الذي نشرته الصحيفة، الإثنين 10 يوليو/تموز 2023، أجرى الصحافيون والباحثون أكثر من 20 مقابلة مع ناجين، واستندوا إلى وثائق المحكمة ومصادر خفر السواحل لتكوين صورة لفرص الإنقاذ الضائعة وعروض المساعدة التي تم تجاهلها.
قال العديد من الناجين إن محاولات خفر السواحل اليونانية لسحب السفينة تسببت في غرق السفينة في النهاية. بينما نفى خفر السواحل بشدة أنه حاول جر الزورق.
تحقيقات عالية التقنية تورّط اليونان
تمت إعادة تركيب ليلة غرق سفينة المهاجرين في اليونان، على بعد 47 ميلاً بحرياً من بايلوس، في جنوب غربي اليونان، باستخدام نموذج تفاعلي ثلاثي الأبعاد للقارب تم إنشاؤه بواسطة "Forensis"، وهي وكالة أبحاث مقرها برلين أسستها "Forensic Architecture"، التي تحقق في انتهاكات حقوق الإنسان.
قدم التحقيق المشترك رواية كاملة عن مسار سفينة الصيد حتى غرقها، وكشف عن أدلة جديدة مثل وجود سفينة خفر السواحل راسية في ميناء أقرب، ولكنها لم ترسل أبداً إلى مكان الحادث، وكيف فشلت السلطات اليونانية في الرد، ليس مرتين كما ورد سابقاً، ولكن 3 مرات، لعروض المساعدة من قبل وكالة الحدود وخفر السواحل في الاتحاد الأوروبي "فرونتكس".
رسم "Forensis" الساعات الأخيرة قبل غرق سفينة المهاجرين في اليونان، باستخدام بيانات من سجل خفر السواحل وشهادة قبطان سفينة الصيد، بالإضافة إلى مسارات الإبحار وبيانات حركة المرور البحرية وصور الأقمار الصناعية والمعلومات من مقاطع الفيديو التي التقطتها السفن التجارية القريبة ومصادر أخرى.
حسب التقرير تتعارض تحركات السفينة الأخيرة مع خفر السواحل، وتكشف عن تناقضات في الرواية الرسمية للأحداث، بما في ذلك اتجاه سفينة الصيد وسرعتها.
بشكل حاسم، أظهر التحقيق أن سفينة الصيد المكتظة بدأت تتحرك غرباً عند مقابلة سفينة خفر السواحل اليونانية التي تم إرسالها إلى مكان الحادث.
هل تسببت محاولات الإنقاذ في غرق المهاجرين؟
وفقاً لشهادات الناجين المتعددة من حادث غرق سفينة المهاجرين في اليونان، أخبر خفر السواحل المهاجرين أنه سيقودهم إلى إيطاليا، متعارضاً مع الرواية الرسمية بأن سفينة الصيد بدأت تتحرك غرباً من تلقاء نفسها. وأظهر التحقيق أيضاً أن السفينة قد تحولت إلى الجنوب وكانت شبه متوقفة لمدة ساعة على الأقل، كما قال الناجون، حتى حدثت محاولة جرّ ثانية ومميتة.
استخدم 2 من الناجين النموذج ثلاثي الأبعاد لوصف محاولة الجر، بينما وصف 3 آخرون، كانوا يجلسون بالداخل أو على السطح السفلي للقارب، دفعهم للأمام "مثل الصاروخ"، ولكن مع عدم تشغيل المحرك، ما يشير إلى محاولة جر.
بينما قال ناجٍ آخر إنه سمع أشخاصاً يصرخون حول ربط "الجيش اليوناني" حبلاً، وأضافوا أنه تم جره لمدة 10 دقائق قبل غرق سفينة الصيد بقليل. قال أحد الناجين بعد النظر في خريطة الأحداث: "أشعر أنهم حاولوا إخراجنا من المياه اليونانية حتى تنتهي مسؤوليتهم".
فيما لا يمكن إثبات الظروف الدقيقة التي تسببت في غرق سفينة المهاجرين في اليونان بشكل قاطع في غياب الأدلة المرئية. وشهد العديد من الناجين على مصادرة السلطات لهواتفهم، وذكر بعضهم أنهم صوروا مقاطع فيديو قبل لحظات من الغرق.
أسئلة معلقة حول غرق سفينة المهاجرين في اليونان
كما لا تزال هناك أسئلة حول سبب عدم تسجيل سفينة خفر السواحل اليونانية، المكتسبة حديثاً في مكان الحادث، العملية على الكاميرات الحرارية.
السفينة، المسماة 920، تم تمويلها بنسبة 90% من قبل الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرات "فرونتكس" في اليونان، وهي جزء من العمليات المشتركة لوكالة الحدود الأوروبية في البلاد. توصي فرونتكس بأنه "إذا كان ذلك ممكناً، يجب توثيق جميع الإجراءات التي تتخذها… الأصول الممولة من جانب فرونتكس بالفيديو بشكل متسق".
بينما قال خفر السواحل اليوناني في تصريحات رسمية إن العملية لم تسجل لأن الطاقم كان يركز على عملية الإنقاذ. لكن مصدراً في خفر السواحل قال إن الكاميرات لا تحتاج إلى تشغيل يدوي مستمر، وهي موجودة على وجه التحديد لالتقاط مثل هذه الحوادث.
فيما قال 2 من مصادر خفر السواحل لصحيفة "الغارديان" إنهما يعتقدان أن السحب كان سبباً محتملاً أدى إلى غرق سفينة المهاجرين في اليونان. في عام 2014، تسببت محاولة لسحب قارب للاجئين قبالة سواحل فارماكونيسي في مقتل 11 شخصاً. وبرأت المحاكم اليونانية خفر السواحل، لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أصدرت حكم إدانة في عام 2022.