تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء، 5 يوليو/تموز 2023، مقطع فيديو لوزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أثناء حديثه في جلسة أمام البرلمان الفرنسي حول الأحداث في فرنسا وحجم الاعتقالات وجنسية من تم توقيفهم إثر التظاهرات التي ضربت البلاد بسبب مقتل مراهق على يد أحد ضباط الشرطة الفرنسية.
حيث حذّر وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، من وصم الأجانب في فرنسا، وذلك فى تصريحات أدلى بها أمام البرلمان الفرنسى. وقال دارمانان أمام جلسة برلمانية في باريس "المسألة اليوم تتعلق بالمجرمين، وليس الأجانب". ومن بين 4000 شخص تم اعتقالهم في الأيام القليلة الماضية، فإن أقل من 10% ليسوا مواطنين فرنسيين، وأن 40 منهم فقط يواجهون الاحتجاز انتظاراً للترحيل.
كذلك فقد ذكر دارمانان "لا نريد كراهية الشرطة، ولا كراهية الأجانب… نريد حب الجمهورية". وأضاف وزير الداخلية أنه من الممكن أن يكون لديك أصول مهاجرة، وأن تأتي من الضواحي وأن تحب بلدك. وفي هذا السياق ، شدد دارمانان أيضاً على عدم إجراء تحقيقات ضد قوة الشرطة بأكملها، مشيراً إلى أنه لم يكن جميع سكان الضواحي مسؤولين عن أعمال الشغب، ولكن يوجد فقط عدد قليل من المجرمين.
الرئيس الفرنسي يلتقي مسؤولي بلديات شهدت احتجاجات
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد استقبل أكثر من 200 رئيس بلدية تعرضت بلداتهم لأعمال شغب أو احتجاجات وأحداث عنف، وفق المصدر نفسه.
في حين سبق أن احتشد مواطنون رافضون لأعمال الشغب أمام مقار بلديات في أنحاء فرنسا في أعقاب موجة أعمال الشغب التي اندلعت بعد مقتل شاب فرنسي من أصول تعود إلى شمال إفريقيا برصاص شرطي.
وألقت الشرطة القبض على أقل من 160 شخصاً الليلة الماضية، مما منح حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون فرصة لالتقاط الأنفاس في معركتها لاستعادة السيطرة على الوضع، بعد أشهر قليلة من احتجاجات واسعة النطاق على تعديلات لم تحظَ بشعبية في نظام التقاعد، وقبل عام من استضافة الألعاب الأولمبية.
وأججت وفاة نائل (17 عاماً)، وهو من أصل جزائري مغربي، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والمنظمات الحقوقية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية الممنهجة.
نهب وإضرام نيران في فرنسا بعد مقتل شاب
منذ مقتل نائل، أضرم مثيرو الشغب النيران في سيارات، ونهبوا متاجر، واستهدفوا مقار بلديات وبنايات أخرى تابعة للدولة. واشتعلت بؤر للتوتر في مدن، من بينها باريس ومرسيليا.
وتحَول ما بدأ على شكل انتفاضة في الضواحي إلى فيض من الكراهية والغضب تجاه الدولة.
غير أن تلك الاضطرابات لم تدفع الحكومة إلى البحث عن أسباب تنامي الغضب، رغم وقوع اضطرابات بسبب حوادث مماثلة في دول غربية أخرى مثل احتجاجات جماعة "بلاك لايفز ماتر" في الولايات المتحدة، أو وقوع أعمال شغب لأسباب عرقية في بعض الأحيان في بريطانيا.
وأشارت الحكومة الفرنسية بدلاً من ذلك بأصابع الاتهام إلى الظروف الصعبة لذوي الدخل المنخفض في الأحياء الحضرية، مما يعكس اعتقاد الدولة بأن المواطنين متحدون تحت هوية فرنسية واحدة، بغض النظر عن أعراقهم.
وانتقد وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، الأسر التي سمحت لأطفالها بإحداث فوضى في الشوارع، قائلاً إن متوسط أعمار من ألقت الشرطة القبض عليهم كان 17 عاماً، وإن بعضهم لا يتجاوز عمره 12 عاماً.
وأضاف دارمانان خلال زيارة إلى مدينة رانس "الأمر ليس متروكاً للشرطة الوطنية أو الدرك أو رئيس البلدية أو الدولة لحل مشكلة إضرام من يبلغ من العمر 12 عاماً النار في مدرسة. الأمر يتعلق بمسألة سلطة الوالدين".
وأضاف أن الشرطة ستنشر نحو 45 ألفاً من أفرادها هذه الليلة أيضاً، في محاولة للسيطرة على الاضطرابات التي أُضرمت خلالها النيران في 5600 سيارة، فضلاً عن تعرض 1000 منزل، إما للإحراق أو لخسائر مادية أخرى، وكذلك مهاجمة 250 مركز شرطة.
دعوات بالتزام الهدوء في فرنسا
في حين دعا أقارب نائل مثيري الشغب إلى التزام الهدوء، ودعت جدة الشاب الذي قتلته الشرطة في إحدى ضواحي باريس إلى إنهاء أعمال الشغب التي اندلعت في أنحاء البلاد بسبب مقتله.
وقالت السيدة، التي قدمتها قناة (بي.إف.إم) التلفزيونية باسم نادية، "أطلب منهم وقف هذا (الذي يجري). الأمهات هن من يستخدمن الحافلات، والأمهات هن من يمشين (في الشوارع) بالخارج. يجب أن تهدأ الأمور، لا نريدهم أن يحطموا (كل) شيء.. نائل مات، وانتهى الأمر".
ونجحت حملة لجمع أموال للشرطي الذي قتل نائل، أطلقها أحد المنتمين لتيار اليمين المتطرف، في جمع ما يزيد على مليون يورو حتى يوم الإثنين.
رفض لاستمرار الاضطرابات في فرنسا
في بلدة بيرسان جنوبي باريس، حيث حطم مثيرو الشغب نوافذ مقر البلدية وألحقوا أضراراً بواجهته، في هجوم متعمَّد بإضرام النار، ندد العشرات من السكان المحليين بالاضطرابات، وهي واحدة من العشرات من "تجمعات المواطنين" المماثلة في جميع أنحاء البلاد يوم الإثنين.
وقال رئيس البلدية، فالنتان راسيوفيل، لهم "أعمال العنف التي ضربت المدن في الأيام الماضية، في أنحاء فرنسا، غير مقبولة. دعوا هؤلاء المخطئين يسمعون (كلمتكم) ويعلمون أن الكراهية لن تسود أبداً".
انخرط بعض المارة في نقاش حماسي حول المسؤول عن الاضطرابات، وكشفوا عن الانقسامات بشأن هوية المجتمع الفرنسي.
وقال متقاعد يدعى آلان، "يجب وقف كل شيء.. إعانات الأسر وكل ما يتعلق بإعانات الرعاية الاجتماعية… إذا صاروا تعساء سيعودون إلى أوطانهم".
وردت فاطمة، وهي محجبة، عليه بالقول "نعم سيدي، لكن دعني أخبرك بشيء. قد يكون لديهم أصول أجنبية، أجداد أجانب، لكن هؤلاء الأطفال فرنسيون".
يُذكر أنه، وفي منتصف أبريل/نيسان، أمهل ماكرون نفسه 100 يوم لتحقيق المصالحة والوحدة في بلده الذي انقسم بعد إضرابات متتالية واحتجاجات عنيفة في بعض الأحيان بسبب رفعه سن التقاعد، وهو ما وعد به في حملته الانتخابية.
واعترف الشرطي الذي قتل نائل بإطلاق رصاصة أودت بحياته. وقال محاميه لوران فرانك لينارد إنه لم يكن يعتزم قتل نائل.