نشرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الأحد 2 يوليو/تموز 2023، تقريراً حول تخوف البرازيل من أن تصبح ملاذاً للجواسيس الروس المتسللين إلى الغرب بعد ضبط عدد منهم يحملون هويات برازيلية، وتناول التقرير كيفية تخفِّيهم وسرد قصص بعضهم بعد توقيفهم، ويمكن أن يكونوا مرشحين في أي تبادل للسجناء.
وعن قصص هؤلاء الجواسيس، أورد التقرير اعتقال السلطات الترويجية باحثاً جامعياً يحمل وثائق برازيلية لكنه في الواقع عميل سري لموسكو، واتهمته بالتجسس. وتعقب المحققون وثائق جنسيته البرازيلية حتى وصلوا إلى شهادة الميلاد التي استخرجها بطريق الاحتيال من بلدية "بادري برناردو" في ولاية غوياس بالبرازيل.
فيما علقت السلطات البرازيلية وقالت إن الباحث المشتبه فيه بأنه جاسوس روسي عاش حياة بوجهين في البرازيل وخارجها منذ أكثر من 10 سنوات.
وفي العام الماضي، أوقفت السلطات الهولندية، العام الماضي، شخصاً يحمل هوية برازيلية مزورة، لأنه حاول التسلل إلى المحكمة الجنائية الدولية بادعاء أنه متدرب، واتهمته السلطات الأمريكية بعد ذلك بالتجسس.
وهناك شخص ثالث عاش أيضاً في ريو دي جانيرو البرازيلية بهوية مزورة، وتشتبه الولايات المتحدة في أنه جاسوس روسي، لكنه اختفى ولم تتمكن السلطات من القبض عليه.
الجواسيس السريون
هذه القضايا ألقت بشبهات مزعجة على البرازيل في الساحة الدولية، ما استدعى السلطات إلى التحقيق فيما إذا كانت موسكو تستخدم البلاد حاضنةً للعملاء السريين الذين يسعون إلى التسلل إلى الغرب.
ووفقاً للتقرير، فقد قدّم المحققون البرازيليون قليلاً من التفاصيل العامة حول التحقيق، لكن مسؤولين أمريكيين مطلعين قالوا إن المحققين يشتبهون في أن هناك مزيداً من الجواسيس السريين الذين يحملون هويات برازيلية داخل البلاد وفي جميع أنحاء العالم، ولم يُكتشفوا بعد.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، لم ترد السفارة الروسية في برازيليا على طلبات تعليق عليها بشأن مزاعم التجسس. وأنكرت موسكو وجود جواسيس روس يعملون سراً في البرازيل أو النرويج أو أي مكان آخر.
في السياق، ترى الولايات المتحدة أن الشخصين المحتجزين لديها بتهمة التجسس "بعد أن تسلمتهما من هولندا والنرويج" يُتيحان لها فرصة لتبادل الأسرى مع روسيا.
تبادل للسجناء
إذ قال مسؤولون أمريكيون إنهم يتواصلون مع الدول التي تحتجز مواطنين روسيين لتسليمهم إلى الولايات المتحدة، وإدراجهم بعد ذلك في صفقات محتملة لإطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لدى موسكو، ومنهم إيفان غيرشكوفيتش، مراسل صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، المحتجز بتهمة التجسس في روسيا، على الرغم من أنه أنكر هو والصحيفة والحكومة الأمريكية هذه التهم إنكاراً تاماً.
في غضون ذلك، طالبت كل من الولايات المتحدة وروسيا السلطات البرازيلية بتسليم سيرغي تشيركاسوف، الذي زعمت السلطات الهولندية والأمريكية أنه حاول التسلل إلى المحكمة الجنائية الدولية بهوية برازيلية مزورة. ويواجه تشيركاسوف حكماً بالسجن 15 عاماً في البرازيل لاستخدامه وثائق مزورة، ويُحقق معه بتهم التجسس.
من جهته، قال باولو فيريرا، المحامي الذي يمثل تشيركاسوف، إن موكله اعترف بأنه استعمل وثائق مزورة، لكنه نفى كونه جاسوساً لروسيا.
اتهمت الولايات المتحدة تشيركاسوف في مارس/آذار، بأنه استخدم هوية برازيلية مزورة، ودخل إلى البلاد بطريق غير قانونية، وتجسس لروسيا في أثناء حضوره برنامجاً للدراسات العليا بالعاصمة الأمريكية واشنطن.
وزعمت لائحة الاتهام الأمريكية أن تشيركاسوف استخرج شهادة ميلاد برازيلية بطريق الاحتيال، واستخدمها للحصول على وثائق هوية مزورة. واستندت السلطات الأمريكية إلى ذلك في الزعم أن نظام التوثيق البرازيلي فيه ثغرات أمنية يمكن استغلالها لاستخراج وثائق مزورة والاعتماد عليها في أنشطة التجسس بعد ذلك.
في النرويج، اعتقلت السلطات في أكتوبر/تشرين الأول، رجلاً قالت إن اسمه الحقيقي "ميخائيل ميكوشين"، وكان يعمل باحثاً بجامعة ترومسو النرويجية تحت الهوية البرازيلية "خوسيه أسيس جياماريا"، وقد أمضى قبلها سنوات من العمل في جامعات كندية باستخدام الهوية المزورة ذاتها.
إلى ذلك، قالت محامية ميكوشين في النرويج، إنها لا تستطيع التعليق على التهم الموجهة إليه بموجب المادة 122 من قانون العقوبات النرويجي، والتي تتعلق بـ"أنشطة جمع المعلومات الاستخبارية واستهداف أسرار الدولة"، وتصل عقوبة المدانين فيها إلى السجن 10 سنوات.
وفي حادثة أخرى وقعت أواخر العام الماضي، اختفى رجل برازيلي يُدعى "جيرهارد دانيال كامبوس ويتيش"، وكان يملك شركة للطباعة ثلاثية الأبعاد في ريو دي جانيرو. وقال أصدقاؤه إنه اختفى فجأة أثناء سفره إلى الخارج، وبدأوا بحملةٍ على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أي معلومات تؤدي للعثور عليه.
لكن الحملة انتهت في مارس/آذار من هذا العام، حين أعلنت الاستخبارات اليونانية أنها تشتبه في أن الرجل جاسوس روسي، وأنه فر إلى روسيا مع امرأة زعم أنها زوجته، وكانت هي أيضاً جاسوسة تعيش بهوية مزيفة في اليونان.
ولم يقدم المسؤولون اليونانيون مزيداً من التفاصيل حول القضية، وامتنع المسؤولون البرازيليون عن التعليق.