رغم اقتراب موعد انتهاء مدة اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي يوم 18 يوليو/تموز المقبل، فإنه ليست هناك أي مؤشرات على قرب تجديدها، حيث لا توجد مفاوضات جارية بين الرباط وبروكسل.
وعلى مر أربع سنوات، عاشت الاتفاقية حركة مد وجزر، فمنذ المصادقة عليها قررت جبهة البوليساريو الطعن فيها بدعوى أنها تشمل مياه الأطلسي المتاخمة لمنطقة الصحراء المتنازع عنها من طرف المغرب.
ويعتبر المغرب أن اتفاقية الصيد البحري معركة سياسية أكثر من كونها استثماراً اقتصادياً، باعتبار أن كل استثمار يجب أن يشمل مدن الصحراء ويحترم سيادة المملكة، ومؤسسات الاتحاد ملزمة باحترام التوجهات السيادية للرباط وإلا فلن يقبل بها المغرب.
فما هي قصة اتفاقية الصيد البحري بعد اقتراب موعد انتهاء 4 سنوات على توقيعها؟
ما قصة اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي؟
تسمح اتفاقية الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لـ128 سفينة أوروبية من إسبانيا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا وهولندا وإيرلندا وإيطاليا، إضافة إلى المملكة المتحدة، بالصيد في المياه المغربية.
ودخلت اتفاقية الصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ يوم 18 يوليو/تموز 2019، ومن المتوقع أن تنتهي بعد شهر من الآن، وذلك بعد مرور 4 سنوات على توقيعها في العاصمة البلجيكية بروكسيل.
ويستفيد المغرب من الاتفاقية، حسب ما تنص عليه بنودها، من عائد مالي سنوي يصل في العام الأول، إلى 48.1 مليون يورو (نحو 53.9 مليون دولار)، و50.4 مليون يورو (56.5 مليون دولار) في العام الثاني.
وصادق البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد البحري، التي تعتبر أهمّ شراكة اقتصادية تجمع الاتحاد الأوروبي بالمغرب، بأغلبية بلغت 415 صوتاً مؤيداً للاتفاق من أصل 626 برلمانياً.
ويرى المغرب أن تجديد اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الاوروبي مرتبط بالمواقف السياسية الواضحة التي تنتظرها الرباط من شركائها الأوروبيين تجاه قضية الصحراء المغربية.
حكم بطلان الاتفاقية
بعد توقيع اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، قررت جبهة البوليساريو الانفصالية أن ترفع طعوناً للمفوضية الأوروبية، قالت فيها إن الاتفاقية شملت شواطئ الصحراء المتنازع عنها بين المغرب وجبهة البوليساريو.
بعد الطعون التي قدمتها الجبهة حكمت المحكمة الأوروبية ابتدائياً ببطلان كل من اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى اتفاقية الفلاحة التي تجمع الرباط مع بروكسل.
وأرجعت محكمة العدل الأوروبية حكمها الابتدائي إلى أن الاتفاقيتين (الصيد البحري والفلاحة) "تشملان منتجات قادمة من إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة البوليساريو الانفصالية.
بعد الحكم مباشرة، أصدرت خارجيتا المغرب والاتحاد الأوروبي تصريحاً مشتركاً، أكَّدتا فيه عزمهما على "اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني لاستمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية".
بعدها خرج الملك محمد السادس في خطاب بمناسبة العيد الوطني المسيرة الخضراء، نبّه من خلاله الأوروبيين إلى ضرورة الوضوح السياسي حول نزاع الصحراء، ووَضع شرط إدماج الصحراء في كل المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وتقدم مجلس الاتحاد الأوروبي باستئناف الحكم لدى المحاكم الأوروبية المختصة، الأمر الذي مكّن من الإبقاء على سريان مفعوله، ومن المتوقع أن يصدر القرار النهائي نهاية العام الجاري.
إسبانيا المتضرر الأول
تُعتبر إسبانيا، الجارة الشمالية للمغرب، المتضرر الأول من عدم تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، باعتبارها المستفيد الأكبر حالياً، لأن 93 سفينة من أصل 128 تصطاد في السواحل المغربية ضمن اتفاق الصيد البحري.
وتُعتبر 47 سفينة تابعة لإقليم الأندلس، هذا الأخير الذي خيّر حكومة سانشيز الإسبانية بين دعم تجديد الاتفاقية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أو تقديم دعم عاجل للسفن الأندلسية التي ستتضرر من توقف الاتفاقية.
من جهته، ناقش مجلس وزراء الزراعة والثروة السمكية بالاتحاد الأوروبي في شهر مارس/آذار الماضي، موضوع انتهاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وذلك بناءً على طلب ثلاث دول هي بولندا ولاتفيا وليتوانيا، باعتبارها أكبر المستفيدين بعد إسبانيا.
وقال وزير الزراعة والصيد البحري الإسباني لويس بلاناس، في اجتماع لوزراء الزراعة والثروة السمكية الأوروبية عُقد في بروكسل، إن الجانب المغربي يريد أن يكون لديه "يقين" بخصوص مضمون الاتفاقية، وعلى هذا الأساس سيكون "من المعقد جداً إحراز تقدم في المفاوضات دون حل القضية".
هل تُعوض روسيا الاتحاد الأوروبي؟
تُعد السفن البحرية الروسية أبرز منافس لأسطول الاتحاد الأوروبي على الصيد في المياه المغربية، مقابل مساهمة مالية روسية تتكون من تعويض مالي سنوي، يمثل حقّ استغلال الموارد، والرسوم السنوية، وكذلك الرسوم التنظيمية لتراخيص الصيد.
وتم تجديد اتفاقية الصيد التي تجمع الرباط بموسكو، وتسمح بموجبها بأن "تستغلّ السفن الروسية الثروة السمكية في المحيط الأطلسي، والتي تمارس فيها المملكة حقوقها السيادية الكاملة، وضمنها الصحراء".