وافق البرلمان العراقي، الإثنين 12 يونيو/حزيران، على ميزانية عام 2023، والتي تبلغ 198.9 تريليون دينار (153 مليار دولار)، وتشمل إنفاقا قياسياً على فاتورة أجور حكومية متزايدة، ومشروعات تنمية تهدف لتحسين الخدمات، وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الإهمال والحرب.
يأتي هذا فيما يُقدر عجز الميزانية بنحو 64.36 تريليون دينار عراقي، وهو مستوى مرتفع على نحو قياسي، ويبلغ أكثر من مثليْ آخر عجز ميزانية مسجل في 2021.
مشرعون قالوا إن الميزانية تستند إلى سعر نفط 70 دولاراً للبرميل، وتوقعات بتصدير 3.5 مليون برميل نفط يومياً، منها 400 ألف برميل يومياً من إقليم كردستان.
كذلك تحدد الميزانية سعر الصرف لإيرادات النفط بالدولار الأمريكي عند 1300 دينار مقابل الدولار، وسيظل هذا سارياً حتى 2025، لكنه سيكون قابلاً للتعديل، ويشمل سعر النفط الذي يستخدمه العراق في ظل اعتماده الكامل تقريباً على إيرادات النفط.
كما تضيف الميزانية أكثر من نصف مليون وظيفة جديدة للقطاع العام، ما يتعارض مع توصيات العديد من المراقبين الذين يقولون إن على العراق تشديد السياسة المالية.
من جانبه، قال محمد نوري، عضو اللجنة المالية بالبرلمان، في تصريح لوكالة رويترز قبل الجلسة، إنه تمت إضافة أكثر من مليون عامل جديد، بما في ذلك المتعاقدون والموظفون اليوميون والموظفون العاملون بدوام كامل.
من جهته، قدّر أحمد الطبقجلي، الزميل الزائر في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، عدد الموظفين الجدد بنحو 600 ألف، وهو ما قال إنه سيرفع التكلفة الإجمالية للأجور العامة ومعاشات التقاعد إلى أكثر من 58 مليار دولار (76 تريليون دينار).
أضاف الطبقجلي: "كلما زِدْت هذا النوع من الإنفاق، زادت نقاط ضعفك. يجب أن يرتفع سعر النفط أكثر فأكثر فقط للحفاظ على الإنفاق (…) وسيؤدي إلى المزيد والمزيد من الاقتراض".
كان صندوق النقد الدولي قد قال في مذكرة بتاريخ 31 مايو/أيار 2023 إن زيادة فاتورة رواتب القطاع العام ستسهم في تصاعد العجز والضغط المالي، ما لم تحدث زيادة كبيرة في أسعار النفط.
لذا من أجل تحقيق التعادل، ذكر الصندوق أن العراق طلب سعراً للنفط يبلغ 96 دولاراً للبرميل، بينما بلغ متوسط السعر 71.3 دولار للبرميل في مايو/أيار 2023.
أشار الصندوق إلى وجود "حاجة إلى سياسة مالية أكثر صرامة لتعزيز المرونة وتقليل اعتماد الحكومة على عائدات النفط مع حماية احتياجات الإنفاق الاجتماعي المهمة".
ومن المفترض أن يتم اعتماد ميزانيات العراق قبل بداية السنة التي تغطيها، لكنها تتأخر في كثير من الأحيان أو لا يتم تمريرها على الإطلاق، بسبب عدم الاستقرار والخلافات السياسية.
تتخذ الميزانية خطوات لمعالجة الخلافات طويلة الأمد بين العراق وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، إذ من المقرر إيداع عائدات النفط في حساب يشرف عليه البنك المركزي العراقي.
لم يكن لبغداد في السابق أي رأي في إنفاق كردستان لعائدات النفط، إذ كان الإقليم يصدر النفط الخام من جانب واحد عبر تركيا على الرغم من اعتراضات بغداد، لكن المسؤولين الأكراد أُجبروا على التفاوض مع بغداد، بعد أن أوقفت تركيا صادرات الخام في أبريل/نيسان 2023 عندما قضى حكم تحكيم دولي بأنها غير قانونية.
لذا وبموجب اتفاق أبرم بين بغداد وأربيل في أبريل/نيسان 2023، سيكون لشركة تسويق النفط العراقي الحكومية (سومو) سلطة تسويق وتصدير النفط الخام الذي تنتجه حقول يسيطر عليها إقليم كردستان.