أعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الجمعة 9 يونيو/حزيران 2023، موافقتهما والتزامهما بهدنة لمدة 24 ساعة، "تقديراً لجهود السعودية والولايات المتحدة" اللتين ترعيان محادثات مباشرة بينهما في مدينة جدة منذ مايو/أيار 2023، في الوقت نفسه قالت الأمم المتحدة الجمعة، إن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا يمكن تطبيقه على مبعوثي الأمم المتحدة، بعد أن أعلن السودان أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص، فولكر بيرتس، غير مرحب به في البلاد.
قوات الدعم السريع بالسودان أعلنت موافقتها على مبادرة الوساطة السعودية الأمريكية بهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، مؤكدةً التزامها التام بوقف إطلاق النار. جاء ذلك في بيان صادر عن "الدعم السريع" أعربت فيه عن تقديرها لجهود الوساطة السعودية الأمريكية التي بُذلت خلال المرحلة الماضية.
هدنة إنسانية جديدة في السودان
ورد في بيان قوات الدعم السريع: "نعلن موافقتنا على مبادرة الوساطة السعودية الأمريكية بهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، تبدأ السبت". وأكدت القوات "التزامها التام بوقف إطلاق النار في هذا اليوم بما يخدم أغراض الهدنة وفي مقدمتها إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين".
كما أعربت عن "أملها في أن يلتزم الجيش بالهدنة، وعدم عرقلة جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".
كانت السعودية والولايات المتحدة أعلنتا في وقت سابقٍ الجمعة، اتفاق الجيش السوداني و"الدعم السريع" على وقف لإطلاق النار بكافة أنحاء البلاد لمدة 24 ساعة يبدأ السبت، وفق بيان نقلته وزارة الخارجية السعودية.
ووفق البيان السعودي، ستبدأ الهدنة "اعتباراً من الساعة السادسة من صباح يوم 10 يونيو (حزيران) بتوقيت الخرطوم (4:00 ت.غ)".
تجدد الاشتباكات في السودان
في حين تجددت مساء الجمعة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قبل ساعات من دخول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة، حيز التنفيذ. وأفاد شهود عيان لـ"الأناضول"، بأن اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والثقيلة اندلعت بمدينة أم درمان غرب العاصمة الخرطوم.
أوضح الشهود أن الاشتباكات تجددت أيضاً بمدينة بحري شمال الخرطوم، مع تصاعد لألسنة اللهب والدخان في سماء المدينة. وشهدت منطقة شرق النيل شرق العاصمة دوي أصوات مدافع وأسلحة ثقيلة، مع تحليق للطيران العسكري، وفق شهود العيان.
الأمم المتحدة ترفض طرد مبعوثها في السودان
في سياق موازٍ قالت الأمم المتحدة الجمعة، إن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا يمكن تطبيقه على مبعوثي الأمم المتحدة، بعد أن أعلن السودان أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص، فولكر بيرتس، غير مرحب به في البلاد.
كان السودان قد قال الخميس، إنه أبلغ الأمم المتحدة أن بيرتس "شخص غير مرغوب فيه".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، الجمعة، إن "الأمين العام يذكر أن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا ينطبق على موظفي الأمم المتحدة، وأن اللجوء له يتعارض مع التزامات الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة". وقال إن بيرتس موجود حالياً في أديس أبابا.
تفاقم الوضع في السودان
في حين أنه مع استمرار الاشتباكات منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تزداد معاناة السودانيين في عدة مدن بالبلاد.
وتعد الخرطوم ودارفور (غرب) والأُبيّض (جنوب) أكثر المناطق تأثراً على المستويين الصحي والإنساني والنقص الكبير في الخدمات الأساسية، وسط مخاوف من الانزلاق نحو كارثة إنسانية كبيرة، خصوصاً مع تزايد عدد الفارين من الحرب داخلياً وخارجياً.
ويوماً بعد آخر يتناقص عدد سكان الخرطوم التي باتت معظم مساكنها مهجورة، حيث يعاني السكان من نقص في المواد الغذائية الأساسية. وبحسب مراسل الأناضول، من المحتمل نفاد الخبز والوقود في أي وقت في ظل غياب تدفق المواد الغذائية والخدمات عن المدنية.
ملايين الأطفال في حاجة للدعم
من جانبها أعلنت وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، أن أكثر من 13.6 مليون طفل في حاجة ماسة للدعم الإنساني المنقذ للحياة في السودان، وهو أعلى رقم مسجل بالبلاد منذ بداية الصراع في 15 أبريل/نيسان.
وقالت نقابة أطباء السودان، الجمعة، إن مدينة الأبيض، حاضرة شمال كردفان، تعاني من حصار من جميع الجهات بقوات عسكرية (لم تحدد انتماءها لأي من طرفي الصراع)، ما أدى إلى تدهور الوضع المعيشي والصحي لمواطني المدينة.
ومنذ اندلاع الاشتباكات في البلاد، لم يتوقف هجوم قوات الدعم السريع على الأبيض التي يسيطر عليها الجيش السوداني. وقالت النقابة الطبية (غير حكومية) في بيان، إن "معظم المواد التموينية نفدت من الأسواق"، محذرة من "كارثة غذائية وشيكة إذا لم يتم إيصال المواد الغذائية".
أشارت إلى "سرقة مباني منظمة الغذاء العالمي، حيث تم سرقة المخازن وثلاث عربات تابعة للمنظمة وعربة وقود".
وتناشد المنظمات الدولية باستمرار، وعلى رأسها الصليب الأحمر، طرفي الصراع فتح ممرات آمنة لإنقاذ الوضع المعيشي والصحي للمدينة المحاصرة، وإيصال المواد الغذائية والمعينات الطبية.
تدهور الوضع الإنساني في دارفور
أما في ولاية غرب دارفور على الحدود مع تشاد، فيظل الوضع الإنساني في مدينة الجنينة هو الأسوأ، خاصة بعد تعرضها لهجمات تسببت في تدمير البنية التحتية.
يقول المواطن أبو بكر عثمان إن "الوضع الإنساني في المدينة أصبح كارثياً، والخدمات انهارت بشكل كامل". وأضاف لـ"الأناضول": "كأننا نعيش في مدينة أشباح، بسبب انتشار الميليشيات المسلحة التي تطلق الرصاص بشكل عشوائي".
أشار عثمان إلى أن "الأمم المتحدة تسعى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدينة عبر تشاد".
من جانبها وصفت نقابة الأطباء السودانية الوضع في الجنينة بأنه "وضع إنساني وأمني كارثي، حيث انهارت الخدمات منذ بداية مايو/أيار". وقالت في بيان: "لم يعد في المدينة التي يسكنها نحو مليون شخص، أي من أسباب الحياة، لا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا حتى اتصالات. فقد الناس كل ما يملكون وتخلى عنهم العالم، وحرموا حتى من فرصة الخروج الآمن".
وفي مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، يعيش السكان "أوضاعاً مأساوية"، بسبب استمرار الاشتباكات العسكرية.
في حين تشهد الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 أبريل/نيسان اشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إثر خلافات بينهما، خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.