علم "عربي بوست" أن مبادرة حركة البناء السياسية، التي أطلقتها حركة البناء الوطني (حزب إسلامي) في الجزائر، تهدف إلى دعم الرئيس عبد المجيد تبون كمرشح توافقي لولاية ثانية في حال قرر الترشح للانتخابات الرئاسية 2024.
وأضافت المصادر نفسها أنه بعد توقيع الأحزاب والتكتلات على الانضمام إلى المبادرة، سيكون عليها انتظار الضوء الأخضر من قصر المرادية، لإطلاق العنان ودعم تبون كمرشح توافقي فوق العادة لحكم البلاد لخمس سنوات جديدة.
وسارعت كل الأحزاب الكبيرة والتكتلات السياسية الصغيرة والنقابية والجمعيات للانخراط في المبادرة، رغم عدم الكشف عن فحواها بدقة، ما يوحي بأن هدفها يتجاوز مسماها الفضفاض.
وألمح رئيس المبادرة، عبد القادر بن قرينة، المرشح الرئاسي السابق ورئيس حركة "البناء الوطني"، في أحد خطاباته قبل أيام إلى إمكانية دعم حزبه لمرشح ما في رئاسية 2024 دون أن يعطي تفاصيل أكثر.
ورغم أن الساحة السياسية في الجزائر تعج بالمبادرات السياسية، فإنها لم تحظَ بنفس الاهتمام والانخراط الذي تلقاه مبادرة حركة البناء.
ماذا تقول مبادرة حركة البناء؟
لم تفصح المبادرة عن أهدافها، واكتفت بمبادئ عامة تخص تمتين الجبهة الداخلية والتصدي للأخطار الخارجية، وأنها منفتحة على مختلف المقترحات التي يقترحها المنخرطون، على أن يتم الإعلان الكامل عن المبادرة بعد أسابيع، حسب ما كشفت عنه حركة البناء الوطني.
ويعتقد المحلل السياسي محمد عياش أن "المنخرطين في المبادرة لن يجتمعوا مجدداً، لا سيما وأنهم لم يحددوا تاريخاً للمقترحات والاجتماعات القادمة، وأن التئامها مرتبط في الأصل بحسم تبون مسألة ترشحه لولاية ثانية من عدمه".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أنه "في حال أفصح تبون نهاية السنة الجارية أو قبلها بقليل عن رغبته في خوض غمار الرئاسيات، ساعتها ينطلق عمل التحالف رسمياً".
هل يترشح تبون للانتخابات
يرفض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الآن، الخوض في أي نقاش يخصّ ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، رغم اقتراب موعدها.
وسُئل تبون في أحد حواراته مؤخراً عن موقفه من المعترك الانتخابي القادم، فرد أن "وقته لم يحن بعد، ولكل حادث حديث".
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة الخبر الجزائرية، عن مصدر وصفته بالموثوق، شهر ديسمبر الماضي أن الحديث عن ترشح تبون لولاية ثانية مجرد تكهنات، وأن شغله الشاغل الآن هو مواصلة العمل من أجل بناء جزائر جديدة قوية".
بينما كان قد قال الرئيس الجزائري في حوار مع صحيفة لو بوان الفرنسية، شهر يونيو 2021، إنه يفضل الاكتفاء بولاية واحدة يكرّسها لإعادة التوازن السياسي والدبلوماسي والاقتصادي للبلاد.
ويرى تبون أن إفصاحه عن الترشح من عدمه، من شأنه التأثير على حسن سير الدولة، لا سيما في السلك الإداري، حيث قال في حوار مع وسائل إعلام جزائرية شهر فبراير/شباط الماضي إن الكل ينتظر 2024، ومنهم من لا يطبق القرارات خوفاً من ما بعد الرئاسيات.
الطريق مفتوح أمام التبون
لم يسبق لأي رئيس جزائري أن خاض الانتخابات وهو رئيس للبلاد وخسرها، وبالتأكيد لن يخرج تبون على القاعدة، فقد يكون مرشحاً فوق العادة لخلافة نفسه كرئيس للبلاد في حال قرر خوض غمار رئاسيات 2024.
ولأن جل الشخصيات والأحزاب السياسية أبدت استعدادها للعمل في المبادرة التي أطلقتها حركة البناء الوطني، وهم بالطبع يعلمون هدفها جيداً، فهذا يعني أنهم منسحبون ضمنياً من منافسة تبون على كرسي الرئاسة بعد سنة من الآن.
ويعتقد المحلل السياسي أحمد عياش أن أصعب ما يواجه تبون حالياً هو إعلان الترشح وتوقيته، وليس الترشح والفوز بولاية ثانية؛ لأن ذلك سيكون محسوماً لصالحه على حد تعبيره.
وقد يكون المنافس الوحيد والحقيقي لتبون في الرئاسيات القادمة في حال قرر خوضها، رئيس حركة مجتمع السلم (إسلامي معارض) عبد الرزاق مقري، الذي أعلن مبدئياً الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وقال إنه يستطيع قيادة الجزائر في المرحلة القادمة لبر الأمان.
وسيكون على مقري أولاً إقناع حزبه الموجود أصلاً داخل "المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل" التي ستدعم تبون في الانتخابات فور إعلانه الرسمي عن ترشحه.
وكان خليفة مقري على رأس الحزب، عبد العالي حساني شريف، التقى تبون قبل أيام بقصر المرادية دون الكشف عن فحوى اللقاء، إذ اكتفت الرئاسة ببيان مقتضب كان أهم ما جاء فيه أن اللقاء جاء بناءً على طلب الحركة.