كشفت صحيفة تركية أن الخلاف بين رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، قد بدأ مبكراً، حينما تم منعه من المشاركة في اجتماع مهم ليلة خسارة مرشح المعارضة كليجدار الانتخابات الرئاسية.
بحسب ما نشرت صحيفة Akşam التركية، الجمعة 2 يونيو/حزيران 2023، فإنه لما بدأت نتائج الانتخابات تتضح في نحو الساعة السابعة مساءً، دعا كليجدار أوغلو رؤساء أحزاب طاولة المعارضة السداسية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري. لكن لما أراد إمام أوغلو، ومنصور يافاش رئيس بلدية أنقرة والشخصية البارزة أيضاً بالحزب، الدخولَ إلى الاجتماع، رُفض طلبهما بالقول: "إنه اجتماع للطاولة السداسية وقادة أحزابها"، فردَّ إمام أوغلو مستنكراً: "أليس لنا إسهام بقدر إسهام غولتكين أويسال رئيس الحزب الديمقراطي، وأحد أعضاء الطاولة الحاضرين للاجتماع؟!"، وغادر على الفور مقر حزب الشعب الجمهوري.
يأتي ذلك في وقت تدور فيه الشكوك والأسئلة حول نوع التغيير الذي سيحدث في حزب الشعب الجمهوري بعد الهزيمة في 28 مايو/أيار، وما سيفعله كليجدار أوغلو لحماية مقعده في رئاسة الحزب؛ وما الاستراتيجية التي سيتبعها إمام أوغلو لبلوغ طموحاته؛ وغير ذلك من الموضوعات التي تثير فضول جمهور الحزب خصوصاً والمعنيين بالشأن السياسي التركي عموماً.
تشير المعلومات التي حصلت عليها صحيفة Yeni Şafak التركية إلى أن الخلافات بدأت مبكراً في حزب الشعب الجمهوري، وأول ملمح لها تلك الحادثة التي وقعت بمقر الحزب في نحو الساعة السابعة من مساء يوم 28 مايو/أيار، بُعيد البدء في إعلان نتائج الانتخابات.
بعد أن قوبل طلبه بالرفض، غادر إمام أوغلو مقر حزب الشعب الجمهوري في الوقت الذي توجه فيه قادة الطاولة السداسية إلى المبنى، وخلافاً لما حدث في الجولة الأولى من الانتخابات، فإن إمام أوغلو لم يظهر أمام الكاميرات، ولم ينشر أية تصريحات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقُبيل إقلاع الطائرة التي أقلته من أنقرة إلى إسطنبول، شاهد بيان كليجدار أوغلو على هاتفه المحمول في منتصف الليل. وقد ورد أن إمام أوغلو صدرت عنه ضحكة ساخرة حينما لم يرَ في تصريحات كليجدار أوغلو أي نقد ذاتي، ولا إيماءة إلى الاستقالة.
كان إمام أوغلو قد وصل إلى إسطنبول حينما بدأت ترتفع الأصوات المنادية "استقل يا كمال"، في مقر حزب الشعب الجمهوري.
إمام أوغلو يحشد لـ"التغيير"
وقد بدأ رئيس بلدية إسطنبول أولى خطواته بخطاب الدعوة إلى التغيير، في صباح يوم 29 مايو/أيار، فنشر مقطع فيديو يقول فيه: "لا ينبغي لأحد أن يقلق. سنبدأ كل شيء من جديد. الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو التغيير. وعلينا ألا ننتظر نتائج مختلفة إذا كنا نفعل الأشياء نفسها".
وقالت صحيفة SABAH التركية، الخميس 1 يونيو/حزيران 2023، إن أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى وأحد أبرز الساعين لرئاسة الحزب، قد تلقى دعماً من نحو 40 رئيس بلدية وشخصيات استبعدها كليجدار أوغلو من قوائم الترشح على مقاعد البرلمان.
في المقابل، يُزعم أن كمال كليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، والذي كان يصف إمام أوغلو بأنه "ابنه"، سيقطع الطريق على خصمه ويتبع سياسة لعزله باستمالة رؤساء البلديات إلى جانبه.
وزعمت المصادر أن كليجدار أوغلو سيستغل انتخابات البلديات المقبلة في 2024 وسيلةً لاستمالة الراغبين في الترشح على مقاعد البلدية إلى جانبه.
ويُقال إن كليجدار أوغلو يسعى إلى تأخير عقد مؤتمر الحزب إلى ما بعد انتخابات البلدية، لكي يتجاوز تلك الفترة التي علت فيها الأصوات المطالبة باستقالته بعد هزيمة انتخابات الرئاسة، ويُتوقع أن يحاول خلال ذلك أن يفكك كتلة التأييد لإمام أوغلو بزيادة الضغوط عليها داخل الحزب، وفق الصحيفة.
كان المتوقع أن يستقيل كليجدار أوغلو بعد هزيمة 28 مايو/أيار، لكنه أثار غضب الكثيرين داخل الحزب، بعد أن خرج مساء يوم الانتخابات بخطاب مفاده: "لن أرحل، أنا باقٍ هنا".
وكان تانغو أوزكان، رئيس بلدية بولو، أول من رفع راية التمرد على كليجدار أوغلو، إذ حثه على الاستقالة. وفي أعقاب ذلك خرج إمام أوغلو برسالة تحمل "التغيير" شعاراً للمرحلة المقبلة.
كما اتهم عاكف حمزاجبي، أحد أبرز أعضاء حزب الشعب الجمهوري، كليجدار أوغلو بالفشل، مشيراً إلى أن مقاعد الحزب في البرلمان قد انخفضت إلى أقل عدد لها منذ عام 2011.
وفي حديث إلى صحيفة "صباح" التركية، فإن محمد سيفجين، النائب السابق لرئيس حزب الشعب الجمهوري، ويلماز أتيش، رئيس بلدية أنقرة السابق عن الحزب نفسه، قد حثَّا كليجدار أوغلو على الاستقالة والدعوة إلى "انعقاد عاجل لمؤتمر الحزب".
وجاءت الدعوة ذاتها إلى فتح الباب لـ"التنافس" على مقعد رئاسة الحزب من مارت أويجون، رئيس بلدية بيراميتش بمدينة تشاناكالي، لكنه حذف بعد ذلك بيانه الذي نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال فيه إن رئيس حزب الشعب الجمهوري يجب أن يترك منصبه.
وقال أويجون في بيانه: "رئيس حزبنا العزيز، أشكرك على نضالك، لكن يؤسفني القول إنك إذا ترشحت لمنصب رئيس حزب الشعب الجمهوري وفزت به مرة أخرى فإني لن يكون أمامي بُد إلا ترك عائلة حزب الشعب الجمهوري، التي أحبها حباً جماً".
وختم أويجون بيانه بالقول: "ملاحظة: هذا رأيي الشخصي، ولا أُلزم به أحداً من عائلة حزب الشعب الجمهوري"، لكن أويجون ما لبث أن حذف منشوره بعد ذلك بوقت قصير.