رغم الحرب وعشرات آلاف الضحايا! أوكرانيا تواصل السماح للغاز الروسي بعبور أراضيها، فكيف تبرر ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/24 الساعة 17:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/24 الساعة 17:32 بتوقيت غرينتش
دبابتان تابعتان للقوات الروسية – Gettty Images

على الرغم من الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ العام 2022، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والجنود الأوكرانيين، وتدمير أجزاء كبيرة في البلاد، فإن كييف لم تتوقف عن السماح للنفط والغاز الروسيين بعبور أراضيها كي يصل إلى جيرانها الأوروبيين، في خطوة تدر عائدات مالية على أوكرانيا وروسيا، وتوضح مدى صعوبة قطع علاقات البلدين العدوين. 

صحيفة The Washington Post الأمريكية، التي وصفت الموقف الأوكراني بالغريب، قالت الأربعاء 24 مايو/أيار 2023، إن كبار المسؤولين الأوكرانيين كانوا قد طالبوا شركاءهم الغربيين بفرض عقوبات أشد صرامة وقطع جميع العلاقات الاقتصادية مع روسيا من أجل إضعافها بالحرب. 

لكن رغم هذا، تؤكد أوكرانيا أنه ليس لديها خيار حقيقي سوى الاستمرار في اتفاقياتها التجارية، وقد بذلت جهوداً للحفاظ عليها، بحجة أنها توفر ورقة ضغط على الكرملين وتقيد عدد الأماكن التي يستطيع الجيش الروسي شن ضربات جوية فيها.

أوليكسي تشيرنيشوف، الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الحكومية الأوكرانية "نفتوغاز"، قال إن أوكرانيا لا يمكنها ولا ينبغي لها إغلاق خطوط الأنابيب؛ للحفاظ على عائداتها ولأن بعض أنصار كييف في أوروبا لا يزالون يعتمدون على النفط والغاز الروسيين.

كانت وثيقة ضمن الوثائق الأمريكية السرية المسربة على منصة "ديسكورد"، قد سلطت الضوء على هذه الأرباح التي تجنيها روسيا، والإحباط الذي تشعر به أوكرانيا، وأشارت إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فكر في تفجير خط أنابيب النفط "دروجبا" مطلع العام 2023.

بحسب الوثيقة التي حصلت عليها الصحيفة الأمريكية، فإن المسؤولين الأمريكيين شككوا في جدية هذه التهديدات، التي ربما كانت ناجمة عن الشعور بالإحباط من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي تبنى مواقف مؤيدة للكرملين وأصر على منح بلاده إعفاءً من مساعي الاتحاد الأوروبي لإنهاء مشترياته من النفط الروسي.

تدفق كميات كبيرة من الغاز

كانت موسكو ترسل نحو 300 ألف برميل من النفط يومياً خلال العام 2022، عبر خط أنابيب "دروجبا" أو "الصداقة" الذي يمر بأوكرانيا، كما أن روسيا ملزمة بضخ نحو 40 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، عبر أنابيب الغاز الأوكرانية، عملاً باتفاقيات التوريد التي تعود لتاريخ يسبق بدء الهجوم الروسي في فبراير/شباط عام 2022.

من جانبهم، يقول المسؤولون الأوكرانيون إنهم في حيرة من أمرهم، إذ تجلب الهيدروكربونات الروسية التي تعبر أراضي بلادهم ملايين الدولارات للكرملين وتساعد في تمويل آلته الحربية.

في المقابل، تحتاج كييف إلى الأموال التي تجنيها من نقل الغاز وتريد أن تكون شريكاً اقتصادياً موثوقاً به للدول الأوروبية، التي قد يواجه بعضها زيادات متقلبة في الأسعار إذا انقطعت إمدادات الطاقة الروسية فجأة.

يقول تشيرنيشوف إن كييف ملزمة بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية، وإن قرار إنهاء عمليات التسليم مسؤولية الدول المتلقية، مثل المجر، التي تحتاج إلى النفط والغاز الروسيين للتدفئة في الشتاء. وأضاف: "هذا الخط لم يتوقف؛ حتى لا تتجمد الدول التي تدعم أوكرانيا".

يستخدم الكرملين إمدادات الطاقة كسلاح، وقد فُعل في أوائل الألفينات حين قطع الإمدادات عن أوروبا مرتين، ورغم ذلك تصر كييف على ضرورة استمرار تدفق الغاز الروسي عبر أراضيها.

بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن مجموعة عمل حول العقوبات الروسية، برئاسة أندري يرماك رئيس مكتب الرئاسة الأوكراني، ومايكل ماكفول السفير الأمريكي السابق لدى روسيا، نشرت "خطة عمل" الشهر الماضي، وضعت خطوات جديدة ينبغي اتخاذها لمعاقبة روسيا، لكن الخطة طالبت، بوضوح بالاستمرار في نقل الطاقة الروسية عبر أوكرانيا.

كما طالبت المجموعة بتعليق "جميع خطوط الأنابيب الروسية المتبقية" لنقل الغاز الروسي إلى السوق الأوروبية، وكذلك خط أنابيب ترك ستريم TurkStream عبر تركيا. 

دعت الخطة إلى إيقاف الإمدادات المباشرة للغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، إلا عبر أوكرانيا، وقال أندرس أسلوند، الخبير الاقتصادي الذي كان عضواً في مجموعة عمل العقوبات، إن منطق الحفاظ على النقل عبر أوكرانيا واضح: "الغاز يذهب إلى الأسواق الأوروبية في كل الأحوال، لأن الاتحاد الأوروبي أقر عدة استثناءات، أو مقتطعات، من نظام الحظر لدول مثل المجر".

أشار أسلوند إلى أن روسيا ملزمة بدفع إجمالي 7 مليارات دولار لأوكرانيا وفقاً لعقدٍ مدته خمس سنوات وُقِّع عام 2019، ويُطلق عليه اتفاقية "الضخ أو الدفع"، ويلزم موسكو بالدفع على نقل أي غاز، وقال: "فلم لا تحصل على هذا المال؟ وتم إبرام عقود مع الاتحاد الأوروبي على هذه المقتطعات".

أسلوند اعتبر أن الهدف من العقوبات ليس فرض "حظر عام على التجارة مع روسيا"، وإنما "إلحاق أكبر قدر من الضرر بروسيا دون الإضرار بأوكرانيا قدر الإمكان".

تحميل المزيد