قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته الأحد 21 مايو/أيار 2023، إن الطائرات المسيرة الأمريكية -التي استخدمتها أوكرانيا بنجاح ضد روسيا في الحرب الدائرة بينهما- جاءت مزودةً بمكونٍ خاص وهو رأس حربي معبأ بمادة تفجيرية أشد قوة من المتفجرات الشائعة الاستخدام في العادة.
هذه المادة المتفجرة، المسماة "سي إل 20″، أنتجتها الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، ولكنها لم تُستخدم إلا في عدد قليل من أسلحة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). وهي أقوى بنسبة تصل إلى 40% من المتفجرات القديمة، ولذلك تؤدي إلى انفجار أشد قوة ويمتد انفجار القذائف المزودة بها إلى نطاق أكبر.
مصنع أمريكي واحد لإنتاج مواد شديدة الانفجار
يعتمد مخزون البنتاغون الأساسي من المتفجرات على مواد "السيكلونيت" و"الأوكتوجين" وكميات صغيرة من مادة "تي إن تي"، والتي أُنتجت جميعها في الأربعينيات أو قبل ذلك. ولا تستخدم القوات الأمريكية المركَّبات المنتجة حديثاً مثل مادة "آي إم إكس" -وهي أكثر ثباتاً من مادة "تي إن تي" و"سي إل 20″- إلا استخداماً محدوداً.
كشفت الحرب في أوكرانيا عن أوجه قصور لا تحصى في قدرة القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية على زيادة إنتاج الأسلحة. فقد تبين أن الولايات المتحدة ليست لديها القدرات اللازمة لإنتاج جميع المواد التي تجعل الأشياء تنفجر، أي محفزات التفجير، والتي تشمل المتفجرات، والوقود الدافع الذي يُطلق القذائف والرصاص، ومواد التقانة النارية للشعلات. ويعتمد الجيش الأمريكي على مصنع واحد في ولاية لويزيانا لإنتاج البارود الأسود، وهو نوع قديم من المواد المتفجرة التي تستخدم في مئات التطبيقات العسكرية.
أما الصين فقد بدأت بالاعتماد على متفجراتها القوية التي أنتجت تحت إشراف برنامجها المزدهر في دراسات المتفجرات، لذا سارع البنتاغون إلى محاولة اللحاق بها ورأب ما يُسمى في أوساط هذه الصناعة بـ"فجوة الجزيئات التفجيرية"، بتوسيع إنتاجه واستخدامه لمادة "سي إل 20" في الولايات المتحدة.
تعزيز صناعة المتفجرات عالية الجودة في أمريكا
في حين شرعت شركات الصناعات العسكرية الأمريكية والبنتاغون في مساعٍ غايتها تعزيز تصنيع المتفجرات عالية الجودة، ويشمل ذلك تجديد المصانع القديمة؛ وإعادة بناء سلاسل التوريد المحلية التي تعتمد اعتماداً كبيراً على المواد الكيميائية الخام التي تستورد من خصوم محتملين للولايات المتحدة، مثل الصين.
من جهة أخرى، قال أفراد شاركوا في استخدام مادة "سي إل 20" بأوكرانيا، إن هذه المادة أسهمت إسهاماً كبيراً في زيادة القوة التدميرية للمتفجرات، وعززت قدرات الفتك لدى الطائرات المسيرة "سويتشبليد" Switchblade التي تصنعها شركة "إيروفيرونمنت" AeroVironment الأمريكية، لا سيما ضد الدبابات والمركبات المدرعة. وقد أثار نجاحها بساحة المعارك في أوكرانيا اهتماماً جديداً بتوسيع استخدام هذه المادة التي وصفها خبراء عسكريون بأنها أقوى مادة متفجرة غير نووية.
تشريعات قانونية أمريكية لإنتاج المتفجرات
في سياق متصل تأثر المشرعون الأمريكيون بتقارير الحرب في أوكرانيا والرؤية الناشئة بين خبراء البنتاغون بأن الولايات المتحدة قد يشق عليها إنتاج المواد التفجيرية بقدرات تضاهي إنتاج الصين إذا اشتعل صراع واسع النطاق معها، ما دفعهم إلى الدعوة لتحديث القاعدة الصناعية التي يقوم عليها إنتاج الذخائر، وتحديث المصانع، وتعزيز سلاسل التوريد بالتعاون مع حلفاء الولايات المتحدة.
في غضون ذلك، قال مايك غالاغر، النائب الجمهوري بالكونغرس الأمريكي، إن الولايات المتحدة بدأت للتو في السعي للاستفادة من إمكانية تحويل هذه المواد إلى متفجرات أشد قوة، "فالمتفجرات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالردع"، و"يمكننا أن نحقق تقدماً نوعياً من حيث نطاق المادة المتفجرة وقوتها التدميرية".
في حين ينوي غالاغر في الأسابيع القليلة المقبلة، أن يدفع من أجل توسيع نطاق استخدام مادة "سي إل 20″، ويتضمن التعديل المخطط لمشروع قانون السياسة الدفاعية لعام 2024 من البنتاغون تنفيذ برنامج تجريبي يدمج مادة "سي إل 20" في ثلاثة أنظمة صواريخ وذخيرة. وقال غالاغر إن استخدام هذه المادة المتفجرة بنجاح في أوكرانيا ساعده في ترويج مطلبه على نطاق واسع.