كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة 19 مايو/أيار 2023، موقفه من عودة الاتصالات مع النظام السوري، وعلاقات أنقرة مع مصر ودول الخليج وروسيا، موجهاً خطابه إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورافضاً ما تنادي به المعارضة من طرد اللاجئين فوراً بشكل جماعي إن فازت بانتخابات الإعادة المرتقبة الأسبوع المقبل.
جاء ذلك في مقابلة مع قناة "سي إن إن إنترناشيونال"، أجاب فيها عن أسئلة الصحفية باكي أندرسون بشأن ملفات عدة، من ضمنها الانتخابات والسياسة الخارجية.
حيث أكد الرئيس التركي أن بلاده تعد مشاريع لبناء مساكن في سوريا من أجل عودة قرابة مليون لاجئ إلى بلادهم، رافضاً ما تنادي به المعارضة من طرد اللاجئين فوراً بشكل جماعي، والذي أصبح شعاراً في حملتها الانتخابية لجولة الإعادة لانتخابات الرئاسة الأسبوع المقبل.
وتعليقاً على تعهد المعارضة التركية بإعادة السوريين في تركيا إلى بلدهم في حال وصولها إلى السلطة، شدد على أنه لا يمكنه مشاطرتها هذا الرأي.
حيث قال أردوغان: "دعيني أخبركِ، حتى الآن قامت المنظمات غير الحكومية في تركيا ببناء منازل بشكل جدي في شمال سوريا، فلماذا يبنون هذه المنازل؟ إنهم يبنونها للاجئين في تركيا من أجل عودتهم إلى أراضيهم، إلى وطنهم، وقد بدأت هذه المرحلة".
وقال الرئيس التركي: "أعددنا مشاريع لبناء مساكن في سوريا من أجل عودة قرابة مليون لاجئ، وسنضمن عودة اللاجئين إلى بلدانهم".
ورداً على سؤال "هل تقولون إنه إذا أعيد انتخابكم ففسيعود ما لا يقل عن مليون لاجئ طواعية في فترة معينة؟"، أجاب أردوغان: "ربما سيكون أكثر من ذلك، لأن استثمارات البنية التحتية التي نقوم بها هناك الآن في وضع يمكنها استيعاب أكثر من ذلك، لقد وجهنا المشروع بهذه الطريقة، واتخذنا الخطوات على هذا النحو، وسيعود هؤلاء الأشخاص بسعادة إلى أراضيهم وإلى بلدهم".
ولفت إلى أن سياسة المعارضة التركية بالتعهد بإعادة السوريين إلى بلادهم في حال الوصول إلى السلطة لن تجدي نفعاً في تركيا، مضيفاً: "لأن هناك أشخاصاً ذوي جودة عالية بين هؤلاء اللاجئين؛ حيث يوجد أطباء ومهندسون ومحامون وممرضون. ولا يمكن اتباع سياسة من قبيل: (سأطردهم وأرسلهم إلى أراضيهم). بداية، ينبغي أن تتقبل (المعارضة) أسلوب حياة وأسلوب إدارة موجهة نحو الإنسان".
العلاقة مع بشار الأسد
ورداً على سؤال "هل ستكون هناك استعادة للعلاقات مع بشار الأسد؟"، أجاب أردوغان: "كان لدي بعض التصريحات عن هذا الموضوع، كانت لنا سابقاً علاقة مع عائلة الأسد، اعتدنا أن نلتقي على مستوى العائلة، كنا في مثل هذا المستوى، لسوء الحظ وبسبب بعض التطورات اللاحقة حدث انقطاع في علاقاتنا الوثيقة، هذا الانقطاع أحزننا أيضاً".
وأضاف: "قلنا مؤخراً إنه يمكننا فتح هذا الباب بسبب صداقتي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بيت القصيد هو أننا ينبغي أن نكون في تضامن، خاصة في مسألة مكافحة الإرهاب بشمال سوريا، وإذا تمكنا من تحقيق ذلك فلا نرى أي عقبات أمام تصالحنا".
وتعليقاً على تذكير الصحفية بتصريحات الأسد قبل أشهر والتي قال فيها: "إذا سحبت تركيا قواتها من شمال سوريا فسوف ألتقي به (أردوغان)"، أجاب الرئيس التركي: "لدينا حدود (مع سوريا) طولها أكثر من 900 كيلومتر، وثمة تهديد دائم من الإرهاب عبر هذه الحدود نحو بلدي، وإذا كنا نُبقي على وجود قواتنا هناك فسببه الوحيد هو محاربة الإرهاب".
وبشأن طلب رئيس النظام بشار الأسد انسحاب الجنود الأتراك من سوريا، قال أردوغان: "لا نفكر في ذلك، لأن التهديد الإرهابي متواصل".
العلاقة مع روسيا والخليج ومصر
وفيما يخص العلاقات التركية مع روسيا، شدد أردوغان على أنه لا مشاكل في علاقات أنقرة مع موسكو.
كما أضاف: "لن نلجأ أبداً إلى فرض عقوبات عليها كما فعل الغرب، فالعقوبات الغربية لا تُلزمنا".
فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن السعودية ومصر وقطر والكويت والإمارات وكل بلدان الخليج دول شقيقة لتركيا.
وأضاف أردوغان: "ليس من الصواب أن نكون نحن وهم مستائين ومتخاصمين، وقد تجاوزنا هذا الوضع، والآن بدأت الزيارات المتبادلة معهم جميعاً".
وتعهد الرئيس التركي بنقل هذه العلاقات إلى نقطة متقدمة أكثر عقب الانتخابات، وأردف: "إن شاء الله سنتخذ خطوات جادة مع دول الخليج في كل الاتجاهات، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً وتجارياً".
جولة الإعادة رد على أمريكا
وأعرب الرئيس رجب طيب أردوغان عن ثقته بأن الشعب سيُظهر قوة الديمقراطية التركية في الجولة الثانية أيضاً من الانتخابات الرئاسية.
وطرحت أندرسون على الرئيس أردوغان السؤال الآتي: "لقد فزتم بسهولة في كل انتخابات دخلتم فيها خلال الأعوام العشرين الماضية، وحطمتم الأرقام القياسية في الانتخابات. لقد وصلت الانتخابات إلى الجولة الثانية لأول مرة في تاريخ تركيا. ما مدى ارتياحكم الآن؟".
أجاب الرئيس أردوغان: "أؤمن بأن شعبي سيُظهر الديمقراطية التركية القوية في الانتخابات التي ستجري الأحد (28 مايو/أيار الجاري) أيضاً، لقد كانت هناك نسبة مشاركة قوية ناهزت 90% (في الجولة الأولى)".
ولفت الرئيس التركي إلى أن نسبة المشاركة تلك مهمة للغاية، وقلّ نظيرها في العالم.
ورداً على تذكيره بتنديده بتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي وصفه بـ"المستبد" خلال حملته في انتخابات الرئاسة الأمريكية، قال أردوغان: "هل يمكن لشخص يذهب إلى الجولة الثانية وليس الأولى، أن يكون ديكتاتوراً؟".
وتساءل: "أي نوع من الديكتاتورية هذا؟ حيث تحالف الجمهور يدخل البرلمان بـ322 نائباً، والشخص الذي يرأسه يحل أولاً ويتجه إلى جولة ثانية".
ورداً على سؤال عما إذا كان سيعمل مع إدارة بايدن في حال انتخابه مجدداً، أكد الرئيس أردوغان أنه سيعمل مع إدارة بايدن، أو أي شخص يأتي مكانه إلى البيت الأبيض.
ومجيباً عن سؤال بشأن أوامر بايدن بإسقاطه، قال أردوغان: "للأسف ورد مثل هذا التصريح من قبل السيد بايدن قبل انتخابه على القنوات التلفزيونية، وسمعناه من هناك، وأحزننا ذلك".
وأضاف: "لاحقاً، ناقشنا هذا الأمر معه في اجتماع دولي، وقلت له: (لم أتوقع منك شيئاً كهذا، وهذا أحزننا)".
شهدت تركيا في 14 مايو/أيار الجاري، انتخابات رئاسية وبرلمانية، وتنافس في الرئاسية كل من مرشح "تحالف الجمهور" الرئيس أردوغان، ومرشح "تحالف الأمة" زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، ومرشح "تحالف أتا" (الأجداد) سنان أوغان.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا رسمياً إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 مايو/أيار؛ لعدم حصول أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات.
وحصل أردوغان على 49.52% من أصوات الناخبين، فيما نال قليجدار أوغلو 44.88%، وسنان أوغان 5.17%، وفق النتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات الجمعة.