تتوالى الضربات الواحدة تلو الأخرى على حزب الشعب الجمهوري المعارض بتركيا، بعد هزيمته بالجولة الأولى بالانتخابات الرئاسية، وخسارة أغلبيته في البرلمان، حيث خرج المرشح المنسحب من سباق الرئاسة محرم إنجه ببيان هاجم فيه حزب الشعب الجمهوري وسط استقالات وإقالات تضرب الحزب المعارض منذ خسارة الانتخابات.
جاء ذلك بالتزامن مع أزمة أثارت جدلاً واسعاً بتركيا بسبب مهاجمة مناصري الحزب للمتضررين من الزلزال بسبب دعمهم لأردوغان والتي اضطر على إثرها كليجدار أوغلو للتدخل لإصلاح ما قام به أنصاره.
محرم إنجه يضرب بالمعارضة
المرشح الرئاسي التركي المنسحب محرم إنجه أصدر بياناً، مساء الثلاثاء 16 مايو/أيار 2023، هاجم فيه حزب الشعب الجمهوري، مؤكداً أن الشعب التركي "لا يعترف بمن يغض الطرف عن التنظيمات الإرهابية".
إنجه قال حسب ما نشرته وسائل إعلام تركية: "الشعب لا يعترف بمن يغض الطرف عن التنظيمات الإرهابية وأفعال حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن ومن يريد تقويض سياسة تركيا في الصناعات الحربية".
وأضاف إنجه أن بعض القيادات في حزب الشعب الجمهوري تعاونت مع عناصر من حزب "العمال الكردستاني" ومنظمة غولن" للتشهير بسمعته؛ ما اضطره للانسحاب من سباق الرئاسيات بشكل مفاجئ قبل 3 أيام من الانتخابات، وأضاف: "لو لم أنسحب كانوا سيحملونني مسؤولية ما حدث، ولكني انسحبت والآن تأكد أن محرم إنجه كان على حق، لكن بعد فوات الأوان"، كما اتهم إنجه المعارضة بتجاهل "نجاحات البلاد في الصناعات الدفاعية والطائرات المسيرة".
كليجدار أوغلو يحاول إصلاح ما أفسده أنصاره!
وجاءت تصريحات إنجه في وقت تثير فيه قضية مهاجمة متضرري الزلزال في تركيا جدلاً واسعاً، بعد خروج أنصار حزب الشعب الجمهوري المعارض بتغريدات معادية ومهاجمة للمدن المتضررة من الزلزال المدمر، الذي ضرب تركيا قبل أشهر، وذلك بسبب حصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتحالف الشعب على نسبة عالية في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في 14 مايو/أيار.
حيث انتقد مرشح التحالف التغريدات المسيئة لمتضرري الزلزال، وقال كليجدار أوغلو في تغريدة على تويتر: رجاء فكروا 10 مرات قبل أن تتحدثوا أو تنشروا كلمة تتعلق بمواطنينا في مناطق الزلزال، فلا تستحق أي سياسة أن نكسر من أجلها قلوب هؤلاء الناس، فكل مواطنينا، وخاصة متضرري الزلزال، فوق رأسي أياً كان توجههم السياسي".
ومع بدء الكشف عن نتائج الانتخابات تقدم الرئيس التركي أردوغان بشكل كاسح في مدن الزلزال، وهو ما أثار غضب المعارضة، حيث قام مناصروها بمهاجمة المواطنين الأتراك في تغريدات أثارت صدمة بتركيا وجدلاً.
وشهدت مناطق الزلزال مشاركة واسعة في الانتخابات، وحسب بيانات رسمية من وكالة الأناضول التركية، حصد الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية أغلبية الأصوات في 11 ولاية منكوبة.
وأثارت التغريدات حالةً من الصدمة في تركيا، حيث عبَّر رواد تويتر عن غضبهم، مطالبين السلطات بالتدخل لوقف خطاب الكراهية، كما تفاعل رواد تويتر، ومشاهير تركيا بشكل واسع، معربين عن تضامنهم مع المتضررين من الزلزال المدمر، معتبرين أن هذه التغريدات هي اعتداء على حق التصويت الذي يكفله الدستور في تركيا.
إقالات تهز حزب الشعب الجمهوري في تركيا
وداخلياً وبعد الكشف عن نتائج الانتخابات، أعلن أنور سال أدى جوزال، مساعد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض بتركيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، استقالته من منصبه، على خلفية انتقادات واسعة طالت الحزب؛ بسبب خطأ في نقل نتائج الانتخابات، التي حصل فيها كليجدار أوغلو، رئيس الحزب ومرشح الطاولة السداسية على 44%، فيما حصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على 49.5%، لتذهب بذلك الانتخابات إلى جولة ثانية.
وكتب أدي جوزال، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع تويتر: "بسبب الرأي السلبي للجمهور، على الرغم من أن أنظمتنا كانت تعمل مساء يوم الانتخابات، ولم تكن هناك مشاكل فنية، فأنا أستقيل من واجبي الذي أقوم به منذ عام 2018، وذلك لعدم الإضرار بالعملية الانتخابية".
فيما قال موقع Ahaber التركي إن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو "طرد" أدي غوزال، بسبب خطأ في نقل نتائج الانتخابات التي كانت تبث على قناة "Sözcü TV"، التابعة للحزب المعارض، مشيراً إلى أن مناصري الحزب لم يتمكنوا من الحصول على البيانات الصحيحة لنتائج الانتخابات.
فيما أشارت وسائل إعلام تركية إلى أن كليجدار أوغلو لم يكتف بإقالة أدي غوزال، بل أصدر قراراً بفصل الفريق الإعلامي الخاص بالحملة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري، فيما كشف الصحفي باريش ياركداش، المقرب من الحزب المعارض، أن رئيسي بلدية أنقرة منصور يافاش وإسطنبول أكرم إمام أوغلو، توليا مهمة إدارة الحملة الإعلامية لمرشح "الطاولة السداسية" كمال كليجدار أوغلو في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وقال الصحفي التركي إن الحملة الجديدة بقيادة إمام أوغلو ويافاش ستوصل رسائل ذات محتوى سياسي قوي، دون أن يكشف تفاصيل.
وتأتي هذه الاستقالة بعد أن زعم رئيسا بلدية أنقرة وإسطبنول، أكرم إمام أوغلو، ومنصور يافاش، اللذان ينتميان إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، أن مرشح الطاولة السداسية كمال كليجدار أوغلو يتقدم بنسبة 51.5 % مقابل الرئيس أردوغان، وذلك حسب بيانات حصلا عليها، وهو ما أثار جدلاً وغضباً لدى أنصار الحزب.
جولة ثانية للانتخابات لحسم النتيجة
والإثنين، أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا، أحمد ينار، عن تنظيم جولة ثانية من انتخابات الرئاسة في البلاد، وذلك للمرة الأولى في تاريخها، بعدما لم يحقق أي من المرشحين للرئاسة النسبة الكافية للفوز.
بموجب ذلك، سيتوجه الأتراك مرة ثانية إلى صناديق الاقتراع يوم 28 مايو/أيار الجاري، للاختيار بين أردوغان ومنافسه الأقرب له كمال كليجدار أوغلو، مرشح تحالف الأمة المعارض، وسط توقعات بأن تكون فرص أردوغان أكثر في الفوز، حيث حصل على 49.51% من الأصوات، فيما حصل كليجدار أوغلو على 44.88%.
ويشار إلى أنه لأول مرة في تاريخ تركيا، يضطر المترشحون للانتخابات الرئاسية إلى خوض جولة ثانية، لحسم اسم الرئيس الذي سيقود البلاد مطلع قرنها الثاني، ما يعكس ضراوة المنافسة السياسية وشراستها بين الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يحكم البلاد منذ عقدين، وكمال كليجدار أوغلو، المدعوم من تحالف الطاولة السداسية، ومن ورائه حزب الشعوب الديمقراطي الداعم للأكراد.
وعبَّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن احترامه لقرار الهيئة العليا للانتخابات، الإثنين 15 مايو/أيار 2023، بخصوص ذهاب الانتخابات الرئاسية إلى جولة ثانية، بسبب عدم تمكن أي مرشح رئاسي من تحصيل نسبة 50% وصوتٍ.
وفي تغريدة مطوّلة نشرها أردوغان عبر حسابه في تويتر، مساء الإثنين، قال: "بصفتي سياسياً لم يعرف على الإطلاق أي قوة غير إرادة الشعب، ولم ينحرف عن الطريق الذي يرسمه الشعب"، معبّراً عن احترامه للنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع.