خفضت وكالة فيتش التصنيفَ الائتماني لمصر لأول مرة منذ عقدٍ كامل، بعد أن ترنّح الاقتصاد المصري إثر سلسلة من عمليات تخفيض قيمة العملة وغياب الإصلاحات المهمة، إذ قالت وكالة Bloomberg الأمريكية إن التصنيف الائتماني لمصر انخفض من B+ إلى B، لتتعمق خمس درجات في المستويات غير الاستثمارية، بحسب البيان الصادر الجمعة 5 مايو/أيار 2023. وأصبح تصنيف فيتش لمصر الآن على قدم المساواة مع تصنيف إس آند بي جلوبال، بينما لا تزال نظرة فيتش المستقبلية لمصر سلبية، وقال محللو فيتش في البيان، ومنهم لاوري دي نيرفو، إن متطلبات التمويل الخارجي المرتفعة في مصر تضافرت مع قيود الحصول على التمويل لتساهم في خفض التصنيف.
وأوضحت وكالة فيتش أن هذا الأمر يعكس "التدهور الملحوظ في مقاييس الدين العام، بما في ذلك التدهور المتجدد في تكاليف/إيرادات الفائدة الحكومية، وهو أمر سيُعرِّض استدامة الدين متوسط الأجل للخطر، في حال عدم عكس مساره".
يُذكر أن مصر خفضت قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس/آذار عام 2022، ويتوقع المحللون تحريكاً آخر لسعر العملة خلال العام الجاري. بينما تعمل السلطات على تصفية تراكم الواردات الناتج عن نقص العملات الأجنبية. وساعد ذلك الأمر في زيادة ارتفاع الأسعار ورفع معدل التضخم إلى 32.7% في مارس/آذار.
فيما قال صندوق النقد الدولي في الشهر الجاري إن أكثر دول الشرق الأوسط اكتظاظاً بالسكان "جادة" حيال تطبيق نظام سعر الصرف المرن، بالتزامن مع سعيها لاستعادة ثقة المستثمرين.
ولا نزال في انتظار أول مراجعة من الصندوق الذي يقع مقره في واشنطن لبرنامج الإنقاذ المصري، والتي كان من المقرر صدورها في مارس/آذار. ولا شك أن تأخير المراجعة وانتظار الوفاء بتعهدات الاستثمار من الدول الخليجية هي أمور عمّقت القلق داخل البلد الإفريقي، الذي يواجه أسوأ أزمة عملات أجنبية وأعلى معدل تضخم منذ سنوات.
وقالت وكالة فيتش: "نرى خطورة في زيادة تأخير التحول إلى سعر الصرف المرن؛ لأنها ستزيد تقويض الثقة ومن المحتمل أن تؤخر برنامج إنقاذ صندوق النقد الدولي".
فيما قال الصندوق إنه ينتظر تطبيق مصر للمزيد من الإصلاحات الأوسع نطاقاً التي تعهّدت بها، وذلك قبل إجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، بحسب ما نقلته وكالة Bloomberg الأمريكية الشهر الماضي.
أزمة اقتصادية في مصر
يأتي هذا في وقت تمر فيه مصر بإحدى أزمات الديون الأكثر دراماتيكية في تاريخها الحديث، وتم تخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات في العام الماضي، وسط تساؤلات بشأن استمرار الأزمة الاقتصادية في مصر وطرق حلها في ظل الشروط الصارمة التي وضعتها دول الخليج مقابل دعم مصر.
ويعاني اقتصاد الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان بعد ضربات جائحة Covid-19 على قطاع السياحة فيها، كما أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع العالمية، وهروب الأموال الساخنة من أسواق الديون المصرية، إضافة إلى تأثيرات سياسة الحكومة بالتوسع في القروض للإنفاق على مشروعات البنية التحتية العملاقة.
وارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 40%، وتعد العملة المصرية من أسوأ العملات أداءً على مستوى العالم هذا العام؛ ما دفع ملايين آخرين إلى براثن الفقر، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
وقد تفاقم هذا الوضع، بسبب التكهنات بشأن تخفيض آخر وشيك لقيمة العملة. ومع استمرار النقص في الدولار، أدى تراكم الواردات إلى تفاقم الأزمة، ما أدى إلى نقص في السوق وضغط على القطاع الخاص، على الرغم من تأكيد مصر في يناير/كانون الثاني، أن التأخير قد تم حله.