أدانت 42 منظمة حقوقية دولية، في بيان مشترك لها، نشرته منظمة العفو الدولية، استمرار اعتداء السلطات الإماراتية على حقوق الإنسان والحريات، واستهداف الناشطين، وذلك قبل أشهر من مؤتمر تغير المناخ COP 28، والمقرر عقده بمدينة إكسبو دبي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأشار البيان إلى أن السلطات الإماراتية تستخدم نظام العدالة الجنائية للقضاء على حركة حقوق الإنسان، فيما أدت هذه السياسات إلى إغلاق الحيّز المدني، وفرض قيود صارمة على حرية التعبير على شبكة الإنترنت وخارجها، وتجريم المعارضة السلمية.
منظمات حقوقية قلقة من الوضع بالإمارات
وجاء بيان المنظمات الحقوقية قبل استضافة الإمارات "مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بتغيّر المناخ" (كوب 28) من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث أعربت المنظمات عن قلقها العميق إزاء حالة حقوق الإنسان في الإمارات، لا سيما القيود الشديدة التي تفرضها السلطات على حقوق الإنسان وحرية التعبير والتجمع السلمي، مما يقوّض بشكل خطير عمل المجتمع المدني وحيّز المعارضة السياسية في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، يشير البيان إلى أنه يمكن للحكومة الإماراتية أن تحاول استخدام رئاستها لمؤتمر كوب 28 للترويج على نحو مثير للسخرية لصورة الانفتاح والتسامح، رغم عدم احترامها الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وأشارت المنظمات إلى أن الإمارات من أكبر منتجي النفط في العالم، وتشكل أموال قطاع الوقود الأحفوري الواسع معظم الإيرادات الحكومية الإماراتية. وأعلنت مؤخراً "شركة بترول أبوظبي الوطنية"، الشركة الحكومية الرئيسية للوقود الأحفوري، أنها توسع جميع جوانب عملياتها، رغم الإجماع المتزايد على أنه لا يمكن تطوير استثمارات جديدة في النفط أو الغاز أو الفحم إذا أرادت الحكومات تحقيق أهداف المناخ العالمية وحماية حقوق الإنسان.
كما تخشى مجموعات المجتمع المدني من أن القيود الصارمة التي فرضتها السلطات الإماراتية في السنوات الأخيرة ستعيق المشاركة الكاملة والهادِفة للصحفيين والنشطاء والمدافعين الحقوقيين والمجتمع المدني ومجموعات الشباب وممثلي الشعوب الأصلية في "كوب 28".
كما أعربت عن قلقها من أن تعاني الأطراف الفاعلة في المجتمع المدني من أجل أداء دورها بفاعلية في الضغط من أجل اتخاذ إجراءات طموحة لمعالجة أزمة المناخ، في دولة لها هذا السجل المُزري في مجال حقوق الإنسان، على حد وصف البيان.
وأضاف بيان المنظمات أنه منذ 2013، ذُكرت الإمارات في كل تقرير سنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الترهيب والأعمال الانتقامية ضد الأشخاص الذين يسعون إلى التعاون أو تعاونوا مع الأمم المتحدة؛ ما يدل على استمرار المضايقات التي يواجهها المدافعون الحقوقيون في الإمارات.
"انتهاك صارخ لحقوق الإنسان"
وأشار البيان إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان التي مارستها السلطات الإماراتية ضد ناشطين، وأوضح البيان أنه منذ أكثر من 10 سنوات، تحتجز السلطات الإماراتية ظلماً ما لا يقل عن 60 من المدافعين الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني والمعارضين السياسيين الإماراتيين، الذين اعتُقلوا عام 2012 بسبب مطالبتهم بالإصلاح والديمقراطية، أو لانتمائهم لجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي (الإصلاح). كما تعرّض وفقاً لبيان المنظمات بعض أعضاء هذه المجموعة المعروفة بـ"الإمارات 94″، وهو عدد المتهمين في المحاكمة الجماعية، للإخفاء القسري والتعذيب وغيرهما من ضروب المعاملة المسيئة. حُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 7 و15 عاماً في محاكمة في 2013 لم تستوفِ الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة.
وأكمل أكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء السجناء مدة عقوبتهم وما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي حتى الآن. وترفض السلطات الإماراتية إطلاق سراحهم، بزعم أنهم ما زالوا يشكلون "تهديداً إرهابياً"، بناء على قوانين غامضة تسمح باحتجازهم إلى أجل غير محدد، وهذا يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما تضم قائمة الـ60 محتجزاً نشطاء وأكاديميين ومحامين وأساتذة جامعيين وأفراداً من الأسرة الحاكمة، من بينهم الدكتور محمد الركن، محامٍ حقوقي بارز، والدكتور محمد المنصوري، خبير قانوني، وهادف العويس، عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ سلطان القاسمي، عضو في الأسرة الحاكمة لإمارة رأس الخيمة.
بحلول منتصف 2023، سيكون العديد من المحتجزين قد أمضوا نحو 11 عاماً خلف القضبان، وحُرم بعضهم من الزيارات العائلية والتواصل مع عائلاتهم لمدة تصل إلى خمس سنوات.
في غضون ذلك، تعرضت بعض عائلاتهم لأعمال انتقامية بلا هوادة، في بعض الحالات، سحبت السلطات الإماراتية تعسفياً جنسية المحتجزين وعائلاتهم، وحرمتهم من حقوقهم كمواطنين إماراتيين وتركتهم بلا جنسية. في حالات أخرى، فرضت السلطات حظر سفر على أفراد عائلاتهم، ومنعتهم من الدراسة أو العمل، وجمدت حساباتهم المصرفية.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، توفي في الإمارات محمد النعيمي، نجل المتهم في "الإمارات 94" أحمد النعيمي، الذي يعيش في المنفى الاختياري منذ 2012. وُضع محمد تحت حظر السفر انتقاماً من نشاط والده، مما منعه من لم الشمل مع والديه وخمسة من أشقائه.
ويأتي هذا في وقت تستعد فيه دبي إلى استضافة مؤتمر المناخ، ومن المتوقع أن يستقطب المؤتمر أكثر من 70 ألف مشارك، بما يشمل رؤساء دول ومسؤولين حكوميين وقادة دوليين من قطاع الصناعة وممثلي القطاع الخاص، بجانب الأكاديميين والخبراء والشباب والجهات غير الحكومية.
يُذكر أن "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" أطلقت خلال عام 1992 في البرازيل، وتعد مؤتمرات الأطراف في الاتفاقية اجتماعات رسمية تعقد سنوياً تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عام 1995، بهدف إيجاد حلول للحد من تداعيات تغير المناخ.