قال حقوقيون وأقارب للاجئين سوريين احتجزتهم قوات الأمن في لبنان ورحلتهم إلى سوريا إنهم يُعتقلون ويُجندون قسرياً لدى عودتهم إلى وطنهم الذي تمزقه الحرب، في حين كشف مصدر أن أكثر من 450 سورياً اعتُقلوا في أكثر من 60 مداهمة للجيش اللبنان في أبريل/نيسان الماضي، وجرى ترحيل أكثر من 130 منهم.
إذ قال البعض إن الفرقة الرابعة بجيش النظام السوري التي يرأسها شقيق بشار الأسد تحتجز أقاربهم. وفُرضت عقوبات على هذه الفرقة بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وتقول منظمة العفو الدولية إن عمليات الترحيل "انتهاك واضح" من لبنان للقانون الدولي بموجب مبدأ "عدم الإعادة القسرية"، الذي يمنع الدول من إعادة أي شخص قسراً إلى بلد يحتمل أن يتعرض فيه للاضطهاد.
ولم يرد نظام الأسد على طلب رويترز للتعليق. ورفض الجيش اللبناني، الذي ينفذ عمليات الترحيل -بحسب منظمة العفو الدولية وعمال إغاثة وشهود- التعليق.
ويؤوي لبنان زهاء 800 ألف سوري مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين عقب فرارهم من بلادهم منذ تفجر الحرب فيها عام 2011. وتقول السلطات اللبنانية إن العدد الفعلي للسوريين في لبنان هو مليونا شخص.
إلى ذلك، قال أحد اللاجئين لرويترز إنه اعتقل مع أشقائه الثلاثة في مداهمة بمخيم في لبنان أواخر أبريل/نيسان. ورحلت السلطات إخوانه؛ لأنه ليس معهم إقامة.
وأضاف، طالباً عدم نشر اسمه خشية تعرضه للانتقام: "تواصلوا معي من داخل سوريا، كانوا محتجزين في مقر تابع للفرقة الرابعة، لا أعلم مصيرهم بعد".
فيما قال لاجئ آخر إن الفرقة الرابعة احتجزته لفترة وجيزة بعد ترحيله؛ لكنه دفع أموالاً لمهربين ليعود إلى لبنان.
في السياق، قال مركز وصول لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية، إنه وثق احتجاز الفرقة الرابعة لما لا يقل عن اثنين من السوريين المرحلين. ودعا الحكومة اللبنانية إلى الوقف الفوري لعمليات الترحيل.
لا مبرر للترحيل
في غضون ذلك، قال مصدر كبير في مجال الإغاثة إن أكثر من 450 سورياً اعتُقلوا في أكثر من 60 مداهمة للجيش اللبناني أو عند نقاط تفتيش في أبريل/نيسان. وجرى ترحيل أكثر من 130 منهم.
ونقلت رويترز عن مصادر أمنية لبنانية أن المداهمات كانت تستهدف سوريين ليس لديهم أوراق إقامة سارية، مضيفة أن ترحيلهم يحدث لعدم وجود أماكن في السجون اللبنانية لاستيعابهم.
والأسبوع الماضي، دعا وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال أجهزةَ الأمن لتشديد القيود على الذين لا يحملون أوراق إقامة سارية، لكنه قال إن عودتهم لبلادهم ستكون "طوعية".
وقال مصدر كبير آخر في مجال الإغاثة إن لبنان رحّل سوريين مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينهم قُصر دون ذويهم. فيما أشار المجلس النرويجي للاجئين إلى أن أحد المستفيدين من أحد برامجه الشبابية من بين المرحلين.
كما قال سوري طلب الاكتفاء بنشر اسمه الأول (إسماعيل) لرويترز إن قوات الأمن اللبنانية اقتادت أبناءه الثلاثة (حسن وعماد ومحمد) خلال مداهمة لمنزلهم ورحّلتهم؛ لأنه ليس لديهم أوراق إقامة سارية.
وأضاف: "عماد ومحمد طالبين للخدمة الإلزامية.. هلق صاروا عند بيت أصدقائنا بس بدهن يراجعوا المركز خلال ها الأسبوع ليبدأوا بالخدمة".
وأردف: "حسن بس عمره 15 وعمّ يصير معه رفّات بالقلب من وراء الخوف".
يأتي هذا فيما أعرب يوسف، وهو لاجئ سوري يرعى طفلين وحده، عن خوفه من احتمال ترحيله وتجنيده إجبارياً لدرجة أنه لم يعد يخرج من منزله في لبنان.
وأضاف: "هذا التمييز الدائم بيخلق حالة من الخوف إنك تتعرف على ناس جداد، على جارك أو على الدكنجي (صاحب الدكان)".
ووثقت منظمة العفو الدولية أربع حالات على الأقل لاعتقال سوريين بعد ترحيلهم من لبنان، إضافة إلى حالات منفصلة للتجنيد الإلزامي.
من جهتها قالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "ما من مبرر على الإطلاق للدولة اللبنانية لانتهاك التزامها القانوني الدولي بإعادة اللاجئين بإجراءات مختصرة إلى بلد يخشون فيه الاضطهاد".
وأضافت آية مجذوب إنه تزامن مع عمليات الترحيل في أبريل/نيسان موجة من خطاب الكراهية وإجراءات تقييدية من البلديات اللبنانية التي تستضيف السوريين وتعليقات لمسؤولين أوجدت "بيئة قمعية" تضغط على اللاجئين للمغادرة.
وفي مارس/آذار الماضي، قالت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إن سوريا "لا تزال مكاناً غير آمن للعودة إليه"، جزئياً بسبب استمرار عمليات الاعتقال وانتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان.