منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، بات الحديث عن إصابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمرض خطير موضوعاً لكثير من التكهنات المنذرة بسوء العواقب، فضلاً عن تداول الموضوع في كثير من مقاطع الفيديو التحليلية عبر الإنترنت، واندراجه في مواد الدعاية المرتبطة بالحرب الروسية- الأوكرانية، وذلك على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه لا يوجد دليل على أن الزعيم الروسي يُحتضر أو يعاني الإصابة بمرض خطير.
إلا أن وثائق مسربة نشرتها صحيفة The New York Times الأمريكية، كشفت عن بعض الادعاءات المشكوك فيها والأوهام التي تداولتها دوائر استخباراتية أوكرانية بشأن صحة بوتين، وتتضمن الوثائق محادثة بين مسؤولين أوكرانيين حول ما ادعى أحدهما أنه مؤامرة بين خصوم بوتين الداخليين للتمرد على حكمه بدعوى أنه مصاب بمرض خطير ويخضع للعلاج الكيميائي.
مع ذلك، لم يظهر أي دليل لإثبات هذا الادعاء، ولا غيره من المزاعم السابقة بشأن الأمر، والوثيقة المسربة لا تورد أي إشارة إلى أن الولايات المتحدة تجد هذه المزاعم ذات مصداقية. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد رفض في يوليو/تموز التكهنات المتداولة آنذاك بشأن صحة بوتين، ومعظم الخبراء في الشأن الروسي يميلون إلى هذا الرأي، في غضون ذلك، نقلت الوثيقة عن السياسية يليزافيتا بوهوتسكا، النائبة بالبرلمان الأوكراني، ادعاء منها بأنها اطلعت على خطة لمسؤولين روس تتضمن مساعي لتقويض جيشهم من أجل "إسقاط" نظام بوتين.
وقالت بوهوتسكا إن الخطة تهدف إلى إحداث نكسة عسكرية للجيش الروسي بحلول الخامس من مارس/آذار، "في وقت كان من المقرر أن يبدأ بوتين فيه دورة علاج كيميائي، ومن ثم سيكون عاجزاً عن التأثير في الأعمال الحربية"، بحسب ما ورد في الوثيقة.
وأوردت الوثيقة أن بوهوتسكا كشفت في 17 فبراير/شباط عن المؤامرة المزعومة لأندريه يرماك، رئيس ديوان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأشارت الوثيقة أيضاً إلى أن بوهوتسكا زعمت "تلقيها هذه المعلومات من مصدر روسي مجهول يتمتع بالقدرة على الوصول إلى مسؤولي الكرملين".
لم يرد أي من المسؤولين الأوكرانيين على طلبات التعليق. ولم تشر الوثيقة إلى كيفية اطلاع الولايات المتحدة على هذه المناقشات، لكن التقارير المسربة تؤكد الشكوك في أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تراقب حكومة أوكرانيا وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة.
في المقابل، كذبت الأحداث اللاحقة هذه الادعاءات. فالرئيس الروسي بوتين، وإن لم يظهر علناً في 5 مارس/آذار، وفقاً لبرنامج أنشطته اليومي الوارد عن الكرملين، فإن هذا اليوم يوافق يوم الأحد، وهو يوم يقل فيه النشاط العام في روسيا، وقد عقد بوتين اجتماعات عديدة في الأسبوع التالي.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد دليل على أن القوات الروسية تعرضت لانتكاسة مفاجئة في ذلك الوقت.
من جهة أخرى، وصف خبراء النقاشَ العام بشأن الحالة الصحية لبوتين بأنه ليس بالأمر المفاجئ. وقال جون سيفر، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، إن هذا النقاش أحد الآثار المتوقعة لهالة الغموض المحيطة برؤساء الأنظمة السلطوية، وحرصهم على الابتعاد عن المراقبين وإخفاء تفاصيل حياتهم الشخصية.
وقال سيفر: لذلك لم "أهتم كثيراً بالمزاعم المتداولة [عن تدهور صحة بوتين]"، "فقد سمعنا الأمور ذاتها طيلة سنوات. وأرى أنه نقاش متوقع دائماً في المجتمعات المغلقة، التي يتخفى الناس فيها، ويكذبون بشأن كل شيء".
يندرج ذلك الادعاء بشأن سوء الحالة الصحية لبوتين بين ادعاءات كثيرة ظهرت منذ أن شنَّت روسيا "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا العام الماضي. وقال بعض الخبراء إن معارضي الرئيس الروسي ينشرون معلومات مضللة عنه لتقويض صورة الرجل القوي والزعيم الخطير التي يُقدمها بوتين عن نفسه.