أعلنت مصر، في بيان لوزارة الخارجية، الإثنين 17 أبريل/نيسان 2023، أنها أبلغت "الطرفين السودانيين" في الأزمة الحالية، في إشارة إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ضرورة وقف إطلاق النار، وأنها تنسق مع السعودية جهود إنهاء الأزمة، في الوقت ذاته أمر القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بحل قوات الدعم السريع وإعلانها قوة "متمردة"، في وقت يخوض فيه الطرفان مواجهات دامية عرقلت مساعي الانتقال إلى الحكم المدني، ودفعت الولايات المتحدة إلى الدعوة لوقف إطلاق النار.
بيان وزارة الخارجية جاء عقب اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر سامح شكري، ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في ظل استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية لليوم الثالث على التوالي.
هجوم واشتباك بين الجيش السوداني وقوات الدعم
في حين أنه وفي يوم السبت، تحوّل الطرفان الحليفان رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إلى متنازعَين، عقب تبادل قوات الجيش برئاسة الأول و"الدعم السريع" بزعامة الثاني، اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقار تابعة للآخر.
بدأ نزاع البرهان وحميدتي إثر خلاف بدأ بتحريك الأخير قواته نحو عدة مدن سودانية دون إذن من قيادة المؤسسة العسكرية التي يترأسها الأول.
مصر تنسق مع السعودية لحل أزمة السودان
وفق البيان المصري، "أجرى شكري اتصالاً هاتفياً مع الأمير فيصل بن فرحان، وبحث معه مستجدات الأزمة في السودان". واتفق الجانبان على "ضرورة بذل كافة الجهود للحفاظ على استقرار وسلامة دولة السودان وشعبها"، بحسب البيان ذاته.
كشف شكري خلال الاتصال الهاتفي، أن مصر نقلت "رسائل للطرفين السودانيين تشدد على أهمية تغليب الحكمة والاستماع لصوت العقل بشكل يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار". ووفق الخارجية المصرية، "اتفق الوزيران على استمرار التشاور والتنسيق خلال الأيام القادمة، لمتابعة تطورات الأزمة وجهود احتوائها".
بدعوة من مصر والسعودية، عقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (21 عضواً)، الأحد، اجتماعاً طارئاً دعا في ختامه إلى وقف النار. والأحد أيضاً، أبلغ وزير الخارجية السعودي كلاً من البرهان ونائبه "حميدتي"، أهمية التهدئة والعودة إلى "الاتفاق الإطاري".
يذكر أنه في عام 2013 جرى تشكيل "الدعم السريع" لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة بإقليم دارفور (غرب)، ثم تولّت مهامّ منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن، قبل أن توصف في النزاع الحالي بين البرهان وحميدتي بأنها "متمردة".
حل قوات الدعم السريع
كان القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قد أمر الإثنين 17 أبريل/نيسان 2023، بحل قوات الدعم السريع وإعلانها قوة "متمردة"، في وقت تخوض فيه القوات شبه العسكرية مواجهات دامية مع الجيش، وهي المواجهات التي عرقلت مساعي الانتقال إلى الحكم المدني، ودفعت الولايات المتحدة إلى الدعوة لوقف إطلاق النار.
في سياق متصل، فقد ادعى الجانبان تحقيق مكاسب في صراعهما العنيف على السلطة بالبلاد. وقالت لجنة الأطباء المركزية، وهي جماعة نشطاء غير حكومية، إن 97 مدنياً على الأقل و45 جندياً قُتلوا وأصيب 365 في المجمل منذ بدء القتال مطلع الأسبوع. ولم تنشر الحكومة أعداد الضحايا في القتال الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية أكبر.
قصف وغارات تهز الخرطوم
قال شهود إن عمليات قصف وغارات جوية هزت الخرطوم، الإثنين، وشملت مناطق قريبة من المقرات العسكرية وفي مدينة بحري المجاورة للعاصمة قرب قاعدة أخرى. وتصاعد الدخان من مدرج في مطار العاصمة الدولي، وعرضت محطات التلفزيون لقطات لانفجارات وحرائق.
كما امتدت أعمال العنف، التي نادراً ما تحدث في العاصمة، إلى مناطق أخرى من السودان؛ مما وضع القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا سابقة كان من المقرر أن تندمج مع الجيش، ويشغل قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، منصب نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم. ويترأس البرهان مجلس السيادة.
حرب بيانات بين الجيش السوداني وقوات الدعم
في حين زعم الطرفان تحقيق مكاسب. وقالت قوات الدعم السريع إنها استولت على مطار وقواعد عسكرية، بينما قال الجيش إنه يسيطر على مقراته رغم ما وصفها بأنها "اشتباكات محدودة" في محيطها.
فيما تحققت رويترز من مقطع فيديو يُظهر قوات الدعم السريع في بعض تلك المواقع؛ لكنها لم تتمكن من التحقق من مزاعمها في ساحة المعركة.
من جهة أخرى، فقد استعاد الجيش السيطرة على مقر تلفزيون السودان الذي انقطع بثه لفترة وجيزة بعد سماع إطلاق نار أثناء بث حي. وبدأ التلفزيون في بث مقاطع فيديو تُظهر قوات الجيش وهي تدمر مركبات قوات الدعم السريع بعد يوم من إعلانها الاستيلاء على المبنى.
ينذر الصراع على السلطة بخطر وقوع السودان في براثن حرب أهلية بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة، فضلاً عن عرقلة الجهود المدعومة دولياً لإطلاق عملية انتقالية نحو الحكم المدني، والتي كان مقرراً التوقيع على الاتفاق الخاص بها في وقت سابق من هذا الشهر.