قُدِّم خمسة مسؤولين نمساويين سابقين للمحاكمة في فيينا، الجمعة 14 أبريل/نيسان 2023، بتهمة منح اللجوء لمجرم حرب سوري في النمسا، بناء على طلب جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، بحسب ما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية.
ووُجهت للمسؤولين الخمسة تهمة إساءة استغلال مناصبهم بإحضارهم خالد الحلبي، الجنرال بالنظام السوري السابق، إلى النمسا عام 2015، ومنحه حق اللجوء. وأربعة من هؤلاء المسؤولين ضباط سابقون في المخابرات، والخامس مسؤول سابق في هيئة اللجوء.
وكان الحلبي يقود جهاز المخابرات العامة لدى النظام السوري في الرقة في الفترة من 2009 وحتى 2013. وحين استولت قوات المعارضة على الرقة عام 2013، فر الحلبي إلى فرنسا، وتقدم بطلب لجوء هناك.
ووثّقت مجموعات حقوقية دولية عمليات تعذيب في منشآت سورية في عهد رئيس النظام السوري بشار الأسد، تقول إن الحلبي متورط فيها، وبدأت السلطات النمساوية إجراءات محاكمة جنائية للحلبي، لكنها لم توجه إليه اتهامات. وقال محامي الحلبي، تيمو غيرسدورفر، لوكالة أسوشيتد برس إن الحلبي يتعاون تعاوناً كاملاً مع السلطات النمساوية، وإن موكله غير مذنب.
دعم من الموساد لجنرال النظام السوري
وبحسب تحقيق أجرته مجلة دير شبيغل الألمانية وصحيفة دير ستاندرد النمساوية اليومية، جنّد جهاز الموساد الحلبي، الذي ينتمي للأقلية الدرزية في سوريا. وامتنع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق.
ويتهم ممثلو الادعاء مسؤولي الاستخبارات السابقين بالإخلال بواجباتهم لتقديم معلومات عن مكان وجود الحلبي وهويته، خاصة بعد اجتماع عام 2016 في وزارة العدل النمساوية. فخلال ذلك الاجتماع قدم ممثلو لجنة العدالة والمحاسبة الدولية أدلة على الاشتباه في تورط الحلبي في جرائم حرب محتملة في سوريا، وقالوا إن فرنسا أطلقت تحقيقاً ضده لاحتمال تورطه في "تعذيب ممنهج".
وقالت المدعية العمومية أورسولا شموديرماير لمحكمة ولاية فيينا في النمسا إن مسؤولي المخابرات النمساوية سافروا إلى تل أبيب، في مارس/آذار عام 2015، للقاء ضباط الموساد. وقالت إن الضباط الإسرائيليين أبلغوا النمساويين بأن جنرال النظام السوري موجود في فرنسا، لكن "التعاون مع فرنسا لم يسر بالطريقة التي أرادوها"، لذلك أرادوا أن "تتدخل النمسا".
وقالت المدعية العمومية إن الموساد كان يعتزم مواصلة استجواب الحلبي في النمسا، وكان يدفع 5000 يورو، (5500 دولار) شهرياً لإيوائه في النمسا.
وتنص لائحة الاتهام على أن مارتن دبليو، الذي كان ضابطاً بارزاً في الاستخبارات المحلية النمساوية BVT حينذاك، أبرم "اتفاق تعاون مع جهاز استخبارات شريك أجنبي"، في 6 مايو/أيار عام 2015. وتضمن الاتفاق تفاصيل كيفية إحضار الحلبي من فرنسا إلى النمسا ودعمه في طلب اللجوء، بحسب لائحة الاتهام.
كان مارتن دبليو غائباً عن المحاكمة التي بدأت بسبب مشكلات صحية، لكن الآخرين كانوا حاضرين. وأجابوا عن أسئلة إجرائية قصيرة، لكنهم لم يدلوا بشهادات.
وقال محاموهم إن المتهمين تصرفوا بشكل صحيح، لأن جميع التفاصيل المتعلقة باتفاقية التعاون مع الموساد صُنفت بـ"السرية للغاية"، وهذا يعني أنه لم يكن مسموحاً للضباط بالكشف عن العملية لهيئات حكومية أخرى.
ودفعوا أيضاً بأن اتفاقية التعاون مع المخابرات الإسرائيلية ساعدت النمسا في الحصول على معلومات، لم يكن ممكناً الحصول عليها بأي طريقة أخرى. وحينها كانت أوروبا تستقبل أعداداً كبيرة من لاجئي الحرب السورية.
واتهم ممثلو الادعاء مسؤول اللجوء السابق، جيرالد دبليو، بالتلاعب بإجراءات اللجوء لتمكين الحلبي من طلب اللجوء في النمسا، رغم أنه تقدم بالفعل بطلب لجوء في فرنسا. وقال محاميه للمحكمة إن جيرالد تصرف بحسن نية، بثقة منه في المعلومات التي تلقاها بأن الحلبي عرضة للخطر في فرنسا.
ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى يوم الجمعة المقبل. ولم يتضح على الفور متى ستصدر المحكمة قرارات الإدانة.