عقب التدريبات العسكرية الصينية الأخيرة "الهادفة للضغط على تايوان"، شارك أكثر من ألف متطوع من المدنيين ورجال الإطفاء وجنود وطلاب، الخميس 13 أبريل/نيسان 2023، في الجزيرة بعمليات محاكاة لضربات صاروخية وانفجارات أسلحة كيماوية وهجوم دام على محطة للمترو، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وبدا أن الكثير من هذه التدريبات استوحي من مشاهد مدن أوكرانية تعرضت للقصف الروسي. إذ أُجريت هذه العمليات في مدينة تايتشونغ، وتدرب خلالها مُسعفون على إجلاء جرحى على نقالات ونقل أجسام على شكل جثث موضوعة في أكياس. عادةً ما تُركز المناورات المخطط لها في تايتشونغ على الكوارث، لكن سيناريوهات الحرب طغت هذا العام على غالبية التدريبات التي شارك فيها مدنيون ورجال إطفاء وجنود وطلاب.
محاكاة ضخمة لتايوان
في أحد هذه السيناريوهات، تُدوّي انفجارات بينما تتساقط قنابل مضيئة على مبنى سكني لمحاكاة ضربة صاروخية، فيما يُعلَن عبر مكبرات الصوت عن هجوم تشنه "الصين الشيوعية". من ثم تندفع سيارات الإطفاء إلى المكان. وبينما تُطلَق صفارات الإنذار، تعمل حفارات ورافعات على إزالة حطام وهمي.
في سيناريو آخر، يجري إطلاق غاز ملون في الهواء لمحاكاة هجوم كيماوي يعمل خلاله فريق من المُستجيبين يرتدون بزات إنقاذ، على إسعاف مدني فاقد للوعي حوصِر في النيران. وفي هذه الأثناء تبث شاشات تلفزيون أنباءً عاجلة تُظهر اجتماع أزمة وهمياً للمسؤولين.
تأتي هذه التدريبات وسط تزايد حدة التهديدات الصينية، إذ أثار الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف من وجود نية لدى بكين لضم جارتها الأصغر.
فقد نظم الجيش الصيني تدريبات عسكرية استمرت ثلاثة أيام وانتهت الإثنين، حاكت توجيه ضربات محددة وتطويقاً لتايوان، وذلك على خلفية اجتماع عقدته في الولايات المتحدة رئيسة الجزيرة تساي إنغ وين مع كيفن مكارثي رئيس مجلس النواب الأمريكي.
توترات في جزيرة تايوان
ويأتي هذا في وقت قامت فيه الصين بتدريبات عسكرية حول تايوان فيما يشبه الحصار التام للمرة الثانية خلال 8 أشهر، وجاءت خطوة الصين رداً على اللقاء الذي جمع بين رئيسة تايوان تساي إينغ وين ورئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي في ولاية كاليفورنيا قبل أيام، وهو اللقاء الذي اعتبرته بكين "اعتداءً على سيادتها وتشجيعاً للانفصاليين في تايوان".
فالصين تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها بموجب سياسة "الصين الواحدة"، وتقول بكين إن قضية تايوان هي الأمر الأكثر حساسية وأهمية في علاقاتها بالولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تقوم سياسة الولايات المتحدة على الاعتراف بأن "الصين واحدة"، ولا تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع تايوان، إلا أن واشنطن ترسل إشارات متناقضة طوال الوقت.
وكانت الصين وتايوان قد انفصلتا خلال حرب أهلية في الأربعينيات، وتعتبر تايوان نفسها دولةً ذات سيادة، وتحظى بدعم أمريكي وغربي، لكن بكين تصرُّ على أنها ستستعيد الجزيرة في وقت ما، وبالقوة إذا لزم الأمر. ولا يعترف بتايوان سوى عدد قليل من الدول، منها باراغواي في أمريكا الجنوبية، وهايتي في آسيا، وإيسواتيني في إفريقيا، والباقي بضعة دول جزرية صغيرة.
وفي هذا السياق، تنظر الصين إلى النظام الديمقراطي ذاتي الحكم في تايوان على أنه محافظة صينية منفصلة، ولم تستبعد استخدام القوة لتحقيق الوحدة، ووصلت التوترات بين بكين وتايبيه إلى ذروتها مؤخراً، في ظل رئاسة تساي إينغ وين والحزب الديمقراطي التقدمي، الذي يريد الاستقلال وإقامة دولة ذات سيادة ومستقلة عن الصين.
وعلى الرغم من الاعتراف الأمريكي بمبدأ الصين الواحدة، والذي يعني بالضرورة أن تايوان جزء من الصين، وأن مسألة عودتها لحظيرة البر الرئيسي كما حدث مع هونغ كونغ وماكاو هي مسألة وقت فقط، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرح في أكثر من مناسبة بأن بلاده مستعدة للدفاع عن تايوان إذا حاولت الصين ضمها بالقوة.