وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قانوناً يسهّل استدعاء المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، في نصّ صادق عليه البرلمان خلال يومين، وفقاً لوكالات الأنباء الروسية ونقلته وكالة فرانس برس في تقرير لها الجمعة 14 أبريل/نيسان 2023.
حيث يسمح القانون الجديد بتعبئة جنود الاحتياط إلكترونياً، عبر بوابة المؤسسات الحكومية الروسية، أو عند تبليغ أمر الاستدعاء لطرف ثالث، بعدما كان ينبغي تسليم أمر الاستدعاء للمطلوب باليد شخصياً.
شباب روس يتهربون من التجنيد
كان العديد من الشبّان الروس المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية يتهرّبون من تسلّم هذه الاستدعاءات سواء عبر تجاهلها أو تغيير مكان سكنهم أو حتى مغادرة البلد.
بموجب التشريع الذي وقّعه بوتين أصبح ممكناً تلقّي أمر التعبئة إلكترونياً، عبر البوابة الرقمية للخدمات العامة الروسية. وهناك ملايين الرجال الروس المسجّلين على هذه البوّابة الإلكترونية والذين يمكن تالياً استدعاؤهم للتجنيد الإجباري عبرها.
بموجب القانون الجديد يُعتبر متهرّباً من أداء الخدمة العسكرية الإجبارية كلّ شخص مطلوب للتجنيد "إذا رفض استلام أمر استدعائه أو إذا تعذّر الوصول إليه".
وينصّ القانون الروسي على السجن لفترة طويلة لمن يتهرّب من الالتحاق بالجيش. وكان الكرملين قال قبيل إقرار هذا القانون، إنّه "لن تكون هناك موجة ثانية" من التعبئة بعد التعبئة "الجزئية" التي أمر بها الرئيس بوتين في سبتمبر/أيلول الماضي، لتعزيز قواته في حربها بأوكرانيا.
فيما برّر الكرملين الإجراء الذي أقرّه النواب، بأنه تعديل تقني "ضروري للغاية" من أجل "تحسين وتحديث" نظام التعبئة الوطنية.
تجنيد مئات الآلاف في الجيش الروسي
بموجب أمر التعبئة الجزئية الذي أصدره بوتين في نهاية العام الماضي، التحق مئات آلاف الشبّان الروس بالجيش، في حين تجاهل آخرون أوامر استدعائهم، بينما فضّل عشرات الآلاف الفرار من البلد.
فيما طمأن الكرملين إلى أنه "لا يتوقّع إطلاقاً" أن يؤدّي هذا التشريع الجديد إلى موجة فرار جديدة للشبان من البلد، مشدداً على أن هذا التشريع "لا علاقة له بالتعبئة".
كان البرلمان الروسي قد صوّت الأربعاء 12 أبريل/نيسان 2023، على قانون أثار خوف الأشخاص الذين لا يريدون القتال في أوكرانيا؛ لكونه يسهل التعبئة في الجيش ويعاقب رافضي استلام استدعائهم للخدمة العسكرية، ما قد يؤدي إلى موجة فرار جديدة من التورط في القتال بأوكرانيا.
كان العديد من الروس في سن التعبئة قد تمكنوا حتى الآن من تفادي الاستدعاء، وذلك بعدم المكوث في عنوانهم الرسمي، لكن قريباً لن يعود هذا ممكناً، وسيصبح الشخص المعني ممنوعاً من مغادرة البلاد فور إرسال التعبئة.
يقول شاب روسي في سن التعبئة فضّل عدم الكشف عن هويته، في تصريح للوكالة الفرنسية: "إنه قانون مثير للقلق مثل جميع القوانين التي تم التصويت عليها منذ عام" في روسيا.
يشير الشاب البالغ من العمر 28 عاماً والمقيم في شمال البلد، إلى أنه إذا تلقى استدعاء، فإنه ينوي "تجاهله" رغم المخاطر المترتبة على مثل هذه الخطوة، وأضاف: "لن أذهب إلى مكتب التعبئة، سيكون بمثابة بطاقة سفر مباشرة إلى باخموت" جبهة القتال المشتعلة في شرق أوكرانيا.
رأى الشاب الروسي أن جبهة القتال "ستتصدّع مثلما حصل في الخريف الماضي، وسيكون من المهم تكديس لحوم بشرية مع رشاشات لسدّ التصدّع"، معتبراً أن حجم التعبئة المقبلة "سيعتمد بشكل مباشر على مدى نجاح" الأوكرانيين في ساحة القتال.
استياء لدى سكان روسيا
أثار القانون الجديد الاستياء لدى بعض السكان، الذين وجدوا أنه يمهد لموجة جديدة من التعبئة رغم نفي الكرملين، وذلك في وقت تواجه روسيا صعوبة في هجومها على أوكرانيا، فيما يُعدّ الجيش الأوكراني هجوماً مضاداً واسع النطاق.
من جانبه، قال شاب روسي آخر (21 عاماً)، مقيم في سيبيريا، إنه "قلق مثل الجميع"، خصوصاً أنه لم يؤدّ خدمته العسكرية الإجبارية بعد، ومثل كثيرين تجاهل الشاب مكتب التعبئة، منذ بدء النزاع في أوكرانيا.
أضاف الشاب: "ذات يوم، تلقّى أهلي اتصالاً تبلّغوا فيه أنني على قائمة" جنود الاحتياط، وتابع: "يبحث أشخاص بالزي العسكري عني لاصطحابي إلى مركز الشرطة العسكرية"، لافتاً إلى أنه يغير مكان إقامته باستمرار؛ لتجنّبهم.
من جانب آخر، لم يبدِ روس اعتراضهم على القانون الجديد، وقال دنيس شيفتشينكو (35 عاماً): "إذا كان علينا (الذهاب إلى الجبهة)، فسيلزم ذلك. يعتمد مصير العديد من الأشخاص علينا إلى حدّ ما. وحتى لو مُتنا، يستحق الأمر ذلك".
من جهته، اعتبر مدير منظمة "مدرسة المجنّد"، الخبير الروسي أليكسي تابالوف، الذي ترك روسيا، أن وسائل الفرار من الالتحاق بالجيش لا تزال متوافرة، عبر تقديم شهادة عدم أهلية أو التحجّج بالدراسة أو تقديم رشاوى، لكن تطبيقها سيصبح أكثر صعوبة.
أضاف تابالوف أن "مستوى الحرية انخفض بالنسبة للذين يريدون الاختباء من مكتب التجنيد. الدولة ستقبض عليهم من خلال إقامة شبكات".
يُذكر أنه في بدايات الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، أعرب روس عن رفضهم للقتال، وتسببت حركة التجنيد في سبتمبر/أيلول 2022، بفرار عشرات آلاف الروس إلى الخارج.