تواجه الحملة التي تقودها الرياض لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية مقاومةً من بعض حلفائها، في انتكاسةٍ لجهود المملكة السعودية في التصالح مع النظام السوري، بحسب ما قالته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الأربعاء 13 أبريل/نيسان 2023.
واعتمدت خطة الرياض الأخيرة على دعوة دمشق إلى قمة جامعة الدول العربية، التي ستستضيفها المملكة في الـ19 من مايو/أيار المقبل.
بحسب الصحيفة الأمريكية، تمثَّل الغرض من الخطوة في إبراز السطوة الدبلوماسية لولي العهد محمد بن سلمان، بالتزامن مع إحياء الخصوم علاقاتهم مع سوريا، فضلاً عن تنافس الصين وروسيا مع الولايات المتحدة على النفوذ داخل المنطقة المتقلبة.
وتضفي عودة سوريا إلى الجامعة العربية شرعيةً على إقامة العلاقات مع الأسد، بعد أن ظل منبوذاً طوال عقد كامل بسبب حملته الوحشية ضد معارضيه، ونتيجة إغراقه البلاد في الحرب الأهلية.
دول ترفض عودة سوريا
بحسب مسؤولين عرب، فإن خمس دول على الأقل من أعضاء الجامعة العربية ترفض عودة سوريا، وبينها المغرب والكويت وقطر واليمن. وأردف المسؤولون أن مصر أيضاً ترفض الخطوة رغم أنها أحيت علاقاتها مع سوريا في الأشهر الأخيرة، ورغم اعتبارها من أقرب حلفاء السعودية.
أوضح المسؤولون أن هذه الدول تريد من الأسد المبادرة بالتفاعل مع المعارضة السورية، وبطريقةٍ تمنح جميع السوريين رأياً في رسم مستقبلهم.
حيث قال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن الوزير سامح شكري تحدث إلى مبعوث الأمم المتحدة يوم الإثنين 10 أبريل/نيسان، وأخبره بأن بلاده تدعم مشروع قانون الأمم المتحدة الذي يشترط وضع خارطة طريق لإجراء انتخابات حرة في سوريا.
لا تتمتع الجامعة العربية بسلطات تنفيذية، بل جرى تأسيسها عام 1945 لتصبح أداةً في يد دول المنطقة من أجل مواجهة الاستعمار الأوروبي، ولتثبيت أقدامها كقوةٍ سياسية موحدة. لكن دعم الجامعة لأي قضية يحمل أهمية كبيرة.
وستكون الأغلبية البسيطة كافيةً لعودة سوريا إلى الجامعة العربية. لكن اتخاذ القرار بالإجماع هو السبيل الوحيد لإلزام كافة الأعضاء به، فضلاً عن منحه الشرعية اللازمة للضغط على المجتمع الدولي من أجل رفع العقوبات.
وأوضح المسؤولون أن بعض الدول المعارضة لعودة سوريا قد شددت على مطالبها، التي تشمل سماح دمشق بدخول قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، ومكافحة أنشطة تهريب المخدرات غير الشرعية، ومطالبة إيران بالتوقف عن توسيع بصمتها العسكرية في البلاد.
لكن المسؤولين العرب أوضحوا أن الأسد لم يبدِ اهتماماً بإحداث تغيير سياسي حتى الآن. ومع ذلك، ما يزال زعيم النظام السوري متحمساً لإصلاح العلاقات مع جيرانه العرب، لأن هذه الخطوة من شأنها تلميع صورته في الداخل وربما تؤدي إلى المساعدة في إعادة إعمار بلاده، وفقاً للمسؤولين العرب.
وفي هذه الأثناء، تحاول السعودية التغلب على المقاومة التي تعترض عودة حكومة الأسد إلى الجامعة العربية. لهذا دعت وزراء دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر، والعراق، والأردن للاجتماع في جدة يوم الجمعة 14 أبريل/نيسان، وفقاً لتصريح وزير الخارجية القطري ماجد الأنصاري يوم الثلاثاء 11 أبريل/نيسان.
مطالب خاصة من دمشق
يُذكر أن بعض الدول العربية لديها مطالبها الثنائية الخاصة من سوريا. حيث أوضح المسؤولون أن المغرب مثلاً يريد من حكومة الأسد إنهاء دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية.
كما تعارض حكومة اليمن المعترف بها دولياً فكرة التطبيع الفوري، رغم ارتباطها الوثيق بالسعودية. وأردف المسؤولون أن السبب يرجع إلى الدعم السوري للمعارضين الحوثيين في اليمن.
بينما قال مسؤول إماراتي إن بلاده ترى حاجةً عاجلة لتقوية الدور العربي في سوريا، وتسريع جهود العثور على حلٍّ سياسي للأزمة؛ من أجل تفادي عودة الإرهاب والتطرف.
وقد ضغطت الولايات المتحدة والدول الأوروبية على نظيراتها العربية خلال الاجتماعات، وذلك من أجل الخروج بموقف منسق تجاه حكومة الأسد، بحسب مسؤولين من أوروبا والشرق الأوسط. وتدعم الدول الغربية مشروع قانون الأمم المتحدة الذي يطالب بوقف إطلاق النار الكامل في سوريا، وتوفير ممر آمن للنازحين السوريين نتيجة الصراع، إلى جانب الإفراج عن السجناء السياسيين وإجراء انتخابات حرة.
لكن إقناع الولايات المتحدة وأوروبا برفع العقوبات عن الأسد وشركائه لن يكون مهمةً سهلة على الدول العربية، ومن ضمنها الدول التي تُعَد من أقوى حلفاء الولايات المتحدة.