كشفت وثائق مسربة أنَّ الاقتتال الداخلي في الحكومة الروسية يمتد لنطاق أوسع وأعمق مما يُعتقد، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "غير مطلع" على كل الحقيقة لما يجري على أرض المعارك في أوكرانيا، بسبب الخلافات بين الأجهزة الأمنية، بحسب ما قالته صحيفة The New York Times الأمريكية، الخميس 13 أبريل/نيسان 2023.
وتُصوِّر هذه الوثائق التي ظهرت في مجموعة من 53 صفحة، الحكومة الروسية المتناحرة داخلياً بشأن عدد القتلى والجرحى في حرب أوكرانيا، فيما تُوجِّه وكالة المخابرات المحلية اتهاماتها للجيش بالتعتيم على الحجم الحقيقي للخسائر التي تكبدتها روسيا.
تؤكد دفعة الوثائق عمق اختراق وكالات التجسس الأمريكية لكل جانب من جوانب جهاز المخابرات الروسية وهيكل القيادة العسكرية تقريباً.
في إحدى الوثائق، يقول مسؤولو المخابرات الأمريكية إنَّ وكالة الاستخبارات المحلية الروسية الرئيسية، جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، "اتهمت" وزارة الدفاع في البلاد "بالتعتيم على حصيلة الضحايا الروس في أوكرانيا". وأشاروا إلى أنَّ النتائج تسلط الضوء على "استمرار إحجام المسؤولين العسكريين عن نقل الأخبار السيئة إلى أعلى التسلسل القيادي".
سبب فشل روسيا
وتؤكد هذه الوثائق مجتمعةً العديد من العوامل الشاملة التي يعتقد العديد من المحللين أنها سبب فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تحقيق نصر عسكري بأوكرانيا، رغم مرور أكثر من 13 شهراً من الحرب.
من بين هذه العوامل: الاقتتال الداخلي، وتبادل الاتهامات بين الوكالات الروسية المسؤولة عن مختلف جوانب الحرب، ومن ضمنها جهاز الأمن الفيدرالي ووزارة الدفاع. ولا توفر المدخلات المُسرَّبة عن أعداد الضحايا كثيراً من التفاصيل عن نتائج مسؤولي المخابرات، لكنها تشير إلى أنَّ جهاز الأمن الفيدرالي يشكك في عدد الضحايا الخاص بوزارة الدفاع خلال المناقشات داخل الحكومة الروسية.
وتقول الوثائق الجديدة إنَّ مسؤولي جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أكدوا أنَّ حصيلة القتلى التي أبلغت عنها الوزارة لم تشمل القتلى والجرحى من الحرس الوطني الروسي، ولا قوة مرتزقة فاغنر، ولا المقاتلين الذين أرسلهم الزعيم القوي لجمهورية الشيشان بجنوب روسيا رمضان قديروف.
وتصرفت القوات المقاتلة المتنوعة التي نشرها الكرملين في أوكرانيا أحياناً وفق أهداف متعارضة؛ مما زاد من تعقيد الجهود العسكرية الروسية.
بحسب الوثائق، قدّر جهاز الأمن الفيدرالي "العدد الفعلي للروس الجرحى والقتلى في العمليات بما يقرب من 110 آلاف".
ولم تحدد الوثيقة أرقام الضحايا التي تتداولها وزارة الدفاع داخل الحكومة. وكانت آخر مرة كشفت فيها الوزارة علانية عن عدد القتلى في سبتمبر/أيلول، عندما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو إنَّ 5937 جندياً روسيّاً قُتِلوا منذ بدء الحرب.
نزاع بين فاغنر والجيش
وتوفر الوثائق الجديدة أيضاً تفاصيل جديدة حول نزاع علني دار في فبراير/شباط، حين اتهم يفغيني بريغوجين، قطب الأعمال الذي يدير مجموعة فاغنر شبه العسكرية، المسؤولين العسكريين الروس باحتجاز الذخيرة المطلوبة. وحاول بوتين حل النزاع شخصياً من خلال استدعاء بريغوجين وشويغو إلى اجتماع يُعتقَد أنه انعقد في 22 فبراير/شباط، وفقاً لإحدى الوثائق.
وحصلت صحيفة The New York Times على نسخة من هذه الوثائق المنشورة عبر أحد خوادم منصة Discord، حيث ظهرت المجموعة الأولى من وثائق استخبارات البنتاغون المُسرَّبة. وقال مسؤولون أمريكيون إنَّ هذه الوثائق أصلية لكنهم حذَّروا من أنَّ بعضها قد تعرَّض للتلاعب. وقد تحتوي المستندات أيضاً على معلومات قديمة أو غير دقيقة.
واستنتجت إحدى الشرائح البيانية في الوثائق، التي يبدو أنها من إنتاج هيئة الأركان المشتركة للجيش، والمُؤرّخة في 23 فبراير/شباط، أنَّ روسيا فشلت في تعطيل التدفق الهائل للأسلحة والمعدات الغربية إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، وتؤكد أنَّ إرادة الكرملين العسكرية المنهارة لن تكون قادرة على تغيير ذلك في أي وقت قريب.
وذكرت الوثيقة: "خلال الأشهر الستة المقبلة، من المرجح أن تؤدي التحديات الاقتصادية الروسية والقدرات العادية المتدهورة إلى زيادة إعاقة جهودها؛ مما يخلق بيئة متساهلة في الغالب لاستمرار تسليم المساعدات الفتاكة".