كشفت الوثائق الأمريكية المسربة أن الولايات المتحدة كانت تراقب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "عن كثب"، وأن واشنطن تعتقد أن المسؤول الأممي يبدي استعداداً كبيراً لمراعاة المصالح الروسية، بحسب ما نقلت شبكة "بي بي سي" البريطانية، الخميس 13 أبريل/نيسان 2023.
وذكرت الشبكة أن وثائق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) المسربة كشفت عن "اتصالات خاصة تتعلق بالأمين العام للأمم المتحدة ونائبه"، إضافة إلى ملاحظات صريحة من غوتيريش بشأن الحرب في أوكرانيا وعدد من القادة الأفارقة.
تأتي هذه الوثيقة ضمن أحدث عملية تسريب لوثائق سرية يسعى المسؤولون الأمريكيون جاهدين لاحتوائها.
اتفاقية تصدير الحبوب
من جانب آخر، تركز إحدى الوثائق المسربة على اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا في يوليو/تموز 2022 بعد مخاوف من حدوث أزمة غذاء عالمية.
وتشير الوثيقة إلى أن غوتيريش كان "حريصاً جداً على الحفاظ على الصفقة لدرجة أنه كان على استعداد لمراعاة مصالح روسيا"، وفق الشبكة.
وجاء في الوثيقة: "شدد غوتيريش على الجهود التي يبذلها لتحسين فرص روسيا في التصدير، حتى لو كان ذلك يشمل كيانات أو أفراداً روساً خاضعين للعقوبات".
كما نقلت الشبكة عن مسؤول أممي رفيع (لم تسمّه) رفضه التعليق على محتوى التسريبات، لكنه قال إن "الأمم المتحدة كانت مدفوعة بالحاجة إلى التخفيف من تأثير الحرب على أفقر دول العالم".
أضاف: "هذا يعني بذل ما في وسعنا لخفض أسعار المواد الغذائية، ولضمان أن تكون الأسمدة في متناول البلدان التي هي في أمسّ الحاجة إليها".
واشتكت روسيا مراراً وتكراراً من تأثر صادراتها من الحبوب والأسمدة سلباً بالعقوبات الدولية، وهددت أكثر من مرة بتعليق التعاون مع مركز تنسيق اتفاقية تصدير الحبوب في البحر الأسود، ما لم تتم معالجة مخاوفها.
وفي 22 يوليو/تموز 2022، شهدت إسطنبول توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرق أوروبا) لمعالجة نقص الغذاء العالمي الذي ينذر بكارثة إنسانية.
محادثات بين غوتيريش ونائبته
في وثيقة أخرى، يعود تاريخها إلى منتصف فبراير/شباط الماضي، تصف محادثة صريحة بين غوتيريش ونائبته أمينة محمد، أعرب فيها الأول عن "استيائه" من دعوة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لأوروبا لإنتاج المزيد من الأسلحة والذخيرة نتيجة للحرب في أوكرانيا.
وجاء في الوثيقة أيضاً، أنهما تحدثا عن قمة أخيرة للزعماء الأفارقة، وفيها قالت النائبة أمينة محمد إن رئيس كينيا، ويليام روتو، "لا يرحم" وإنها "لا تثق به".
ومن المعروف أن الولايات المتحدة من بين عدد من الدول التي تتجسس بشكل روتيني على الأمم المتحدة – ولكن عندما تظهر بعض خبايا هذا التجسس، يكون الأمر محرجاً للغاية، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بالدبلوماسي الأول في العالم، فإنه من المحتمل أن يكون ضاراً للغاية، وفق الشبكة.
تحقيقات أمريكية
وقالت الشبكة إنها تمكنت من التحقق من لقطات أولية مصورة للوثائق ظهرت على موقع ديسكورد؛ وهو منصة وسائط اجتماعية شائعة لدى هواة ألعاب الفيديو – وتمت مشاركتها على العديد من قنوات المناقشة.
كان موقع "ديسكورد" قال إنه يتعاون مع سلطات إنفاذ القانون في تحقيقها في التسريب.
فيما قال المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي لـ"بي بي سي" إن الحكومة الأمريكية تسعى جاهدة للوصول إلى حقيقة التسريبات.
وأضاف في تصريحات خلال زيارة الرئيس جو بايدن لأيرلندا، الأربعاء 12 أبريل/نيسان: "كانت هذه سلسلة من التسريبات الخطيرة. لا نعرف من المسؤول عنها، ولا نعرف السبب. ونقوم بتقييم تداعياتها على الأمن القومي، كما أننا نجري حالياً تحقيقاً جنائياً".