صوّت مجلس الشيوخ بعد مجلس النواب في البرلمان الروسي، الأربعاء 12 أبريل/نيسان 2023، على قانون أثار خوف الأشخاص الذين لا يريدون القتال في أوكرانيا؛ لكونه يسهل التعبئة في الجيش ويعاقب رافضي استلام استدعائهم للخدمة العسكرية، ما قد يؤدي إلى موجة فرار جديد من التورط في القتال بأوكرانيا.
القانون الجديد يسمح بتعبئة جنود الاحتياط إلكترونياً، عبر بوابة المؤسسات الحكومية الروسية، أو عند تبليغ الأمر لطرف ثالث، بعد أن كان ينبغي تسليم أمر التعبئة لصاحب العلاقة باليد شخصياً، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان العديد من الروس في سن التعبئة قد تمكنوا حتى الآن من تفادي الاستدعاء، وذلك بعدم المكوث في عنوانهم الرسمي، لكن قريباً لن يعود هذا ممكناً، وسيصبح الشخص المعني ممنوعاً من مغادرة البلاد فور إرسال التعبئة.
يقول شاب روسي في سن التعبئة فضّل عدم الكشف عن هويته، في تصريح للوكالة الفرنسية: "إنه قانون مثير للقلق مثل جميع القوانين التي تم التصويت عليها منذ عام" في روسيا.
يشير الشاب البالغ من العمر 28 عاماً والمقيم في شمال البلد، إلى أنه إذا تلقى استدعاء، فإنه ينوي "تجاهله" رغم المخاطر المترتبة عن مثل هذه الخطوة، وأضاف: "لن أذهب إلى مكتب التعبئة، سيكون بمثابة بطاقة سفر مباشرة إلى باخموت" جبهة القتال المشتعلة في شرق أوكرانيا.
رأى الشاب الروسي أن جبهة القتال "ستتصدّع مثلما حصل في الخريف الماضي، وسيكون من المهم تكديس لحوم بشرية مع رشاشات لسدّ التصدّع"، معتبراً أن حجم التعبئة المقبلة "سيعتمد بشكل مباشر على مدى نجاح" الأوكرانيين في ساحة القتال.
أثار القانون الجديد الاستياء لدى بعض السكان، الذين وجدوا أنه يمهد لموجة جديدة من التعبئة رغم نفي الكرملين، وذلك في وقت تواجه روسيا صعوبة في هجومها على أوكرانيا، فيما يُعدّ الجيش الأوكراني هجوماً مضاداً واسع النطاق.
كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أصدر في سبتمبر/أيلول 2022، مرسوماً بتعبئة 300 ألف جندي احتياطي، وكان تطبيقه في معظم الأحيان فوضوياً.
من جانبه، قال شاب روسي آخر (21 عاماً)، مقيم في سيبيريا، إنه "قلق مثل الجميع"، خصوصاً أنه لم يؤدّ خدمته العسكرية الإجبارية بعد، ومثل كثيرين تجاهل الشاب مكتب التعبئة، منذ بدء النزاع في أوكرانيا.
أضاف الشاب: "ذات يوم، تلقّى أهلي اتصالاً تبلّغوا فيه أنني على قائمة" جنود الاحتياط، وتابع: "يبحث أشخاص بالزي العسكري عني لاصطحابي إلى مركز الشرطة العسكرية"، لافتاً إلى أنه يغير مكان إقامته باستمرار؛ لتجنّبهم.
من جانب آخر، لم يبدِ روس اعتراضهم على القانون الجديد، وقال دنيس شيفتشينكو (35 عاماً): "إذا كان علينا (الذهاب إلى الجبهة)، فسيلزم ذلك. يعتمد مصير العديد من الأشخاص علينا إلى حدّ ما. وحتى لو مُتنا، يستحق الأمر ذلك".
من جانبه، يرى المُبرمِج كيريل أسمدوس (34 عاماً)، أنه "كان ينبغي أن يكون الأمر كذلك منذ فترة طويلة"، مضيفاً: "أتفهّم أن الناس قلقون، لكنني لا أفهم سبب قلقهم إلى هذا الحدّ".
ملاحقة المطلوبين بروسيا
سيكون في وسع الشرطة مطاردة المتخلفين عن الرد على الاستدعاء، والذين قد يُحكم عليهم بالسجن، وعلى دائرة الضرائب والجامعات والهيئات العامة الأخرى واجب تقديم المعلومات الشخصية حول جنود التعبئة.
بالتالي، سيحرم الامتناع عن التقدم أمام مكتب التجنيد في روسيا المعنيين من العمل في مجال الأعمال، أو في مهن حرّة، ومن الحصول على قروض ومن حرية التحكّم بمساكنهم وسياراتهم أيضاً. وتشمل هذه الإجراءات أيضاً الروس الذين فرّوا من العمل ويعملون عن بُعد.
من جهته، اعتبر مدير منظمة "مدرسة المجنّد"، الخبير الروسي أليكسي تابالوف، الذي ترك روسيا، أن وسائل الفرار من الالتحاق بالجيش لا تزال متوافرة، عبر تقديم شهادة عدم أهلية أو التحجّج بالدراسة أو تقديم رشاوى، لكن تطبيقها سيصبح أكثر صعوبة.
أضاف تابالوف أن "مستوى الحرية انخفض بالنسبة للذين يريدون الاختباء من مكتب التجنيد. الدولة ستقبض عليهم من خلال إقامة شبكات".
يُذكر أنه في بدايات الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، أعرب روس عن رفضهم للقتال، وتسببت حركة التجنيد في سبتمبر/أيلول 2022، بفرار عشرات آلاف الروس إلى الخارج.