يبحث الروس عن حلول للالتفاف على العقوبات التي فرضها الغرب على المدفوعات، وضمن ذلك البطاقات المصرفية الشهيرة عالمياً، التي لم يعد الروس قادرين على استخدامها، ما يؤشر إلى الأزمة التي واجهتها موسكو في العمل خارج النظام المالي الأمريكي.
صحيفة The Financial Times البريطانية قالت الأحد 9 أبريل/نيسان 2023، إن الروس يناقشون كيفية التحايل على الحظر المفروض عليهم، لا سيما بعدما توقفت أوزبكستان في سبتمبر/أيلول 2022، عن قبول البطاقات المصرفية التي تعتمد على برنامج البطاقة المحلية الروسية Mir.
إحدى قنوات تطبيق Telegram أشارت إلى أنه "يمكن فتح [الحسابات] المربوطة بالبطاقات خلال 3-5 أيام في [معظم] البنوك"، مشيرة إلى مدى سهولة السفر إلى أوزبكستان وفتح حساب والحصول على بطاقة ائتمان لا يزال من الممكن استخدامها دولياً.
يقول البنك المركزي الأوزبكي، إن الودائع في البلاد نمت بمقدار 60.5 تريليون سوم أوزبكستاني (5.3 مليار دولار أمريكي) في عام 2022، بضعف سرعة العام السابق، في إشارة إلى كيفية احتفاظ الروس بإمكانية الوصول إلى التجارة الدولية على الرغم من العقوبات الدولية.
أيضاً تُظهِر البيانات من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الأخرى، زيادات ملحوظة في الطلب على أنظمتها المصرفية، إذ سجّلت أرمينيا طفرة في ودائع غير المقيمين في عام 2022.
يقول أنطون أوسوف، المتحدث باسم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمنطقة آسيا الوسطى ومنغوليا، إن "العديد من الروس (…) عبَروا الحدود في العام الماضي وفتحوا حسابات في البنوك بجميع أنحاء آسيا الوسطى، وضمن ذلك أوزبكستان. لكن الوقت سيحدد كم منهم سيبقون في المنطقة".
من جانبه، قال تيموثي آش، الزميل المشارك في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس): "إنَّ البيانات [حول تدفقات الودائع الروسية] صادمة للغاية؛ فإلى جانب التحويلات، رأينا تدفقات للودائع الروسية وضمن ذلك إلى حسابات جارية".
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أنه من الواضح أنه كانت هناك حاجة إلى حلول إبداعية لإتمام الروس للمدفوعات في الداخل والخارج، وقبل عدد قليل من البلدان، مثل بيلاروسيا والأقاليم الانفصالية في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، بطاقة Mir الروسية التي ساعدت في الحفاظ على تدفق المدفوعات المحلية.
يقول الخبراء إنَّ ما هو واضح أيضاً أنَّ حاجة روسيا إلى الابتكار المستمر للحفاظ على تدفق المدفوعات، بعد مرور عام على الهجوم على أوكرانيا، توضح مدى صعوبة الوجود خارج النظام المالي الأمريكي، فضلاً عن استبداله.
كانت روسيا قد بدأت الاستعداد لسحب Visa وMastercard بعد العقوبات المفروضة، على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وأطلق الكرملين نظام الدفع بالبطاقات الوطني (NSPK) في عام 2014 لبناء نظام ضخ مالي بديل، لمعالجة معاملات البطاقات في روسيا.
أدى التهديد بفرض غرامات باهظة إلى توقيع Visa وMastercard على صفقات تسمح لنظام NSPK بمعالجة جميع المدفوعات المحلية، وبعد ذلك بعام، أطلقت روسيا برنامج Mir، الذي سرعان ما بنى حصته في السوق بسبب إلزام موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين باستخدامه.
بدوره، قال أولا أويتايو، الرئيس التنفيذي لمنصة المدفوعات Verto، إنه "مع وصول حجم البطاقات المتداولة إلى 161 مليون بطاقة حتى سبتمبر/أيلول 2022، متجاوزاً عدد سكان روسيا الذي يزيد قليلاً على 147 مليوناً، صار برنامج Mir بديلاً [محلياً] قابلاً للتطبيق لأنظمة الدفع الغربية".
في الوقت نفسه، بنى بنك Tinkoff الرقمي- المدرج على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي- بديلاً مادياً لنظام الدفع Apple Pay؛ وهو عبارة عن ملصق به شريحة اتصال قريب المدى، متصلة بحسابات المستخدم، وتُوصَّل بالجزء الأمامي من الهاتف، مما يحولها إلى جهاز لا تلامس.
لكن رغم ذلك، واجه الروس الذين يسافرون أو يعملون في الخارج مزيداً من الصعوبات، حيث توقفت بطاقات Visa وMastercard الصادرة في روسيا عن العمل خارج البلاد.
إضافة إلى ذلك، أثر الضغط السياسي على عدد الدول التي يُقبل فيها Mir، وفي سبتمبر/أيلول 2022، وهو الشهر نفسه الذي تعرض فيه الرئيس التنفيذي لشركة نظام الدفع NSPK فلاديمير فاليريفيتش كومليف لعقوبات، علّقت البنوك التركية بطاقات Mir، كما فعلت أوزبكستان.
مع ذلك، يقول الخبراء إنَّ المرونة النسبية لأنظمة المدفوعات في موسكو لا تُنذِر بالتحول التام نحو المنافسين غير الأمريكيين، إذ لا تزال التحديات التقنية والتكلفة والمخاوف من الانتقام من واشنطن تعيق الطريق.