قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بيل بيرنز، لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنَّ الولايات المتحدة تشعر "بالصدمة" من تحركات الرياض لاستعادة العلاقات مع إيران وسوريا ضمن سياسة المملكة الخارجية التي تزداد استقلالاً.
وسافر بيرنز إلى المملكة العربية السعودية، في وقت لم يكشف عنه هذا الأسبوع، لمناقشة التعاون الاستخباراتي مع السعوديين، وخلال الاجتماع أعرب عن إحباط واشنطن من استبعادها من التطورات الإقليمية، بحسب صحيفة The Wall Street Journal.
تأتي الزيارة، التي كشفت عنها الصحيفة الأمريكية لأول مرة، في أعقاب سلسلة من الاختراقات الدبلوماسية المفاجئة التي حققتها الرياض، والتي تركت الولايات المتحدة على الهامش؛ ما أدى إلى تأجيج الحديث عن تضاؤل نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
في الشهر الماضي، وافقت المملكة العربية السعودية على استعادة العلاقات مع إيران، في صفقة توسطت فيها الصين، الخصم اللدود لواشنطن.
وفي البداية، رحبت واشنطن بتشكك بالإعلان. وألقى مسؤول أمريكي كبير سابق، تحدث إلى موقع Middle East Eye عند إعلان النبأ، بظلال من الشك على صحة التقارير، بينما سعى مسؤول أمريكي بالإنابة للتقليل من أهمية هذه الانفراجة في العلاقات، موضحاً أنَّ الولايات المتحدة ستنتظر لترى تأثيرها.
وبجميع المقاييس، تبدو الرياض وطهران جادة في دفع العلاقة إلى الأمام. ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal، قَبِل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي دعوة سعودية لزيارة المملكة، على الرغم من عدم تحديد موعد.
وتتعارض تصريحات بيرنز مع الرواية الرسمية الأمريكية بأنَّ السعودية أبقتها على اطلاع بمحادثاتها مع إيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية؛ إذ قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، الشهر الماضي: "لقد أطلَعَنا السعوديون على هذه المحادثات التي كانوا يجرونها، تماماً كما نبقيهم على اطلاع على ارتباطاتنا".
وسارع المسؤولون الأمريكيون إلى الإشارة إلى أنهم دعموا علناً الحوار بين إيران والسعودية قبل وقت طويل من توسط بكين في التقارب.
فقد أخبر تيموثي ليندركينغ، المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، موقع Middle East Eye، العام الماضي، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أنَّ الولايات المتحدة كانت "تشجع" المحادثات بين الخصمين، لا سيما إذا كان بإمكانها معالجة المخاوف الأمنية للمملكة العربية السعودية في اليمن، حيث تدعم إيران مقاتلي الحوثي.
السعودية تتجه نحو التطبيع مع الأسد
ومع ذلك، من الأصعب على الولايات المتحدة أن تضع نفسها في موقف المنتصر من تحركات المملكة العربية السعودية لإحياء العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، المدعوم من روسيا وإيران. وتقول الولايات المتحدة إنها تعارض التطبيع، وفرضت الإدارات المتعاقبة عقوبات ساحقة على دمشق، لكن يبدو أنَّ الرياض تتحرك بكامل قوتها لإخراج دمشق من عزلتها.
وتخطط المملكة لدعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية التي تستضيفها في مايو/أيار. ووفقاً لوكالة Reuters، من المتوقع أن يتوجه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، في الأسابيع المقبلة، لتسليم دعوة رسمية للأسد شخصياً.
واكتسب بيرنز سمعة بأنه مبعوث "القنوات الخلفية" للبيت الأبيض لمهام السياسة الخارجية الحساسة، فقد زار السعودية قبل زيارة الرئيس بايدن للبلاد، في يوليو/حزيران، في محاولة لإصلاح العلاقات المتوترة.
وتأتي زيارته الأخيرة، في الأسبوع الماضي، أيضاً على خلفية قرار السعودية المفاجئ، يوم الأحد 2 أبريل/نيسان، بخفض في إنتاج النفط، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام. وانتقدت إدارة بايدن دعم السعودية للخفض في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ووصفته بأنه انحياز لروسيا وسط الحرب في أوكرانيا.
لكن المملكة تتجاهل الشكاوى الأمريكية. وبدأ المسؤولون السعوديون الهجوم، منتقدين أهداف التحول من الطاقة الأحفورية -المدعومة بالأساس في الغرب-، ووصفوها بأنها غير واقعية.