قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي مواقع في لبنان وغزة في وقت مبكر الجمعة 7 أبريل/نيسان 2023، رداً على هجمات صاروخية يتهم الاحتلال حماس بالمسؤولية عنها.
فيما أفادت قناة عبرية رسمية، بأنه تم إطلاق 40 صاروخاً خلال الليلة الماضية من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية، في وقت ينذر فيه التوتر، بسبب اقتحام شرطة الاحتلال حرم المسجد الأقصى هذا الأسبوع، بالخروج عن السيطرة.
ومع اقتراب الفجر، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قصف أيضاً أهدافاً تابعة لحماس في جنوب لبنان، إذ ذكر سكان في المنطقة المحيطة بمخيم الرشيدية للاجئين أنهم سمعوا دوي 3 انفجارات، وذكر مصدران أمنيان لبنانيان أن الهجوم استهدف بناية صغيرة في مزرعة قريبة من المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ في وقت سابق، ولم يكن لديهما أية معلومات بخصوص سقوط ضحايا.
جاءت الضربات رداً على هجوم صاروخي من لبنان على مناطق في شمال إسرائيل، اتهم المسؤولون الإسرائيليون حماس بالمسؤولية عنه.
وقال الجيش إن 34 صاروخاً أطلقت من لبنان اعترضت أنظمة الدفاع الجوي 25 منها، في أكبر هجوم صاروخي من لبنان منذ عام 2006 حين خاضت إسرائيل حرباً مع جماعة حزب الله المدججة بالسلاح.
وبالتزامن هزت انفجارات قوية مناطق متنوعة في غزة، إذ قالت إسرائيل إن طائراتها قصفت أهدافاً تشمل أنفاقاً ومواقع تابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أعقاب اجتماع لوزراء حكومته الأمنية: "رد إسرائيل، الليلة أو بعدها، سيكبد أعداءنا ثمناً باهظاً".
غزة ترد بوابل من الصواريخ
فيما أطلق وابل من الصواريخ رداً على قصف طائرات حربية إسرائيلية لقطاع غزة، ودوت صافرات إنذار في بلدات ومستوطنات إسرائيلية في المناطق المتاخمة لحدود القطاع، لكن لم ترد أنباء عن إصابات خطيرة.
فيما قالت قناة "كان" التابعة لهيئة البث في تغريدة على تويتر: "تم إطلاق 40 صاروخاً خلال الليل باتجاه الجنوب"، وأضافت أنه تم اعتراض نحو نصف هذه الصواريخ بواسطة منظومة "القبة الحديدية"، فيما سقط النصف الآخر في مناطق مفتوحة.
ولأكثر من مرة دوت صافرات الإنذار فيما تسمى مستوطنات "غلاف غزة" خلال الليلة الماضية، بعد إطلاق فصائل فلسطينية مسلحة رشقات صاروخية، رداً على غارات شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على أهداف بالقطاع.
وفتحت السلطات الإسرائيلية الملاجئ في مستوطنات وبلدات جنوب وشمال ووسط البلاد، بما في ذلك محيط تل أبيب، فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيانين منفصلين أن غاراته أسفرت إجمالاً عن استهداف 6 مواقع لتصنيع الأسلحة تابعة "لحماس" في شمال ووسط قطاع غزة، و3 أنفاق.
قلق من التصعيد في لبنان وغزة
جاء تبادل الهجمات عبر الحدود مع تصاعد المواجهات بعد اقتحام شرطة الاحتلال الإسرائيلية لحرم المسجد الأقصى، الذي جاء خلال شهر رمضان، والذي تزامن هذا العام مع عطلة عيد الفصح اليهودي.
وقالت حركة حماس في بيان: "نحمّل الاحتلال الصهيوني كامل المسؤولية عن التصعيد الخطير والعدوان السافر على قطاع غزة وشعبنا الفلسطيني الأبي، وعما ستؤول إليه الأمور في المنطقة".
وعلى الرغم من أن الاحتلال يتهم حماس بالمسؤولية عن هجوم الخميس، فإن خبراء أمنيين قالوا إن حزب الله، الجماعة الشيعية القوية التي تساعد إيران العدو الرئيسي لإسرائيل على إبراز قوتها في جميع أنحاء المنطقة، لابد أن تكون قد سمحت بذلك.
وقال تامير هيمان، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، على تويتر: "إنه ليس إطلاقاً من (تنفيذ) حزب الله، لكن من الصعب تصديق أن حزب الله لم يكن يعلم به".
وأصدر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بياناً ندد فيه بأية عمليات عسكرية من الأراضي اللبنانية تهدد الاستقرار، لكن حزب الله لم يصدر أي تعليق حتى الآن.
وفي وقت سابق قبل إطلاق الصواريخ، قال هاشم صفي الدين، المسؤول البارز في حزب الله، إن أي انتهاك للأقصى سيشعل المنطقة بأسرها، وقالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إنها تتواصل مع كافة الأطراف، مضيفة أن الجانبين قالا إنهم لا يريدان حرباً. لكنها ذكرت أن الوضع ينذر بتصعيد خطير. وأضافت: "نحث جميع الأطراف على وقف جميع أعمال التصعيد عبر الخط الأزرق الآن"، في إشارة إلى خط ترسيم الحدود بين البلدين.
واستنكرت وزارة الخارجية الأمريكية إطلاق الصواريخ من لبنان والضربات السابقة من غزة، وقالت إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.
لكنها عبرت أيضاً عن قلقها من المشاهد التي صورت في المسجد الأقصى والتي ظهرت فيها شرطة الاحتلال الإسرائيلي وهي تعتدي على المصلين وتنكل بهم.
ويزيد إطلاق الصواريخ تعقيد الأمور بالنسبة للحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو، الذي واجه، قبل أعمال العنف هذا الأسبوع في المسجد الأقصى، احتجاجات حاشدة على مقترحاته بإجراء تعديلات قضائية تحد من سلطات المحكمة العليا.
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد قال إن الحكومة بوسعها الاعتماد على دعم الأحزاب المختلفة، وقال نتنياهو إن الإسرائيليين يقفون وراء قوات الأمن، وأضاف: "أعداؤنا سيكتشفون، من جديد، أنه عند الاختبار، يقف مواطنو إسرائيل متحدين".
في أعقاب ضربات أمس الخميس، أظهرت لقطات تلفزيونية سحباً كثيفة من الدخان تتصاعد فوق بلدة شلومي الحدودية شمالي إسرائيل، وسيارات محطمة في الشوارع. وقالت هيئة المطارات الإسرائيلية إنها أغلقت المطارات الشمالية في حيفا وروش بينا.
فيما قالت ليات بيركوفيتش كرافيتز للقناة 12 الإسرائيلية، متحدثة من غرفة محصنة بمنزلها في شلومي: "أرتجف، أنا مصدومة. سمعت دوياً، بدا الأمر كما لو أن شيئاً انفجر داخل الغرفة". وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن قذائف مورتر أطلقت عبر الحدود.
مجلس الأمن يعقد جلسة
ووسط مخاوف من احتمال تصاعد المواجهة أكثر، بعد عام من تصاعد العنف الإسرائيلي الفلسطيني، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً لمناقشة الأزمة.
وقال روبرت وود، نائب السفيرة الأمريكية لدى المنظمة الدولية، للصحفيين، وهو في طريقه لاجتماع مجلس الأمن: "سيكون من المهم للجميع أن يفعلوا ما في وسعهم لتهدئة التوتر".
وجاء الهجوم الصاروخي أمس الخميس في أعقاب ضربات من غزة اعترضت الدفاعات الجوية الإٍسرائيلية معظمها.
فيما أشاد المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية محمد البريم من غزة بالضربات الصاروخية من لبنان، وربطها بما يحدث في الأقصى، لكن من دون أن يعلن المسؤولية عنها.
وقال: "لا يمكن لأي عربي أو مسلم حر أن يصمت على استباحته (أي المسجد الأقصى) بهذا الشكل الهمجي والبربري دون أن يدفع العدو ثمن عدوانه".