قال مجلس الوزراء المصري إن شركتي تيدا وشين شينغ الصينيتين تعتزمان استثمار ملياريْ دولار في مشاريع بقطاع الصلب في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في حين علّق خبراء اقتصاديون على واقع هذه الاستثمارات الجديدة بعد تصفية مجمع الحديد والصلب بمحافظة القاهرة، وأكدوا أن العائد الأكبر من الاستثمارات سيكون لبكين وليس القاهرة.
وتعتزم الشركتان إنشاء مشروع مواسير حديد الدكتايل وصناعة الصلب على مساحة إجمالية 1.7 مليون متر مربع، كما تبلغ قيمة الإنتاج المتوقعة سنوياً حوالي 2.6 مليار دولار، فضلاً عن توفير أكثر من 2100 فرصة عمل.
جاء ذلك بعد قيام شركة تيدا الصينية، وهي أحد المطورين الصناعيين بالهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالتفاوض لجذب عدد من الاستثمارات الصينية الجديدة إلى المنطقة، وأحد هذه المشروعات هو مشروع إنتاج مواسير الزهر وصناعة الصلب بغرض التصدير من خلال شركة شين شينع المتخصصة في هذا المجال، بحسب وسائل إعلام مصرية.
إلى ذلك، أوضح هي كيجو رئيس شركة "شين شينغ" أن المرحلة الأولى لإنتاج مواسير حديد الزهر، باستثمارات بلغت حوالي 150 مليون دولار، ستقام على مساحة 250 ألف متر مربع، بإنتاجية 250 ألف طن سنوياً، وقيمة إنتاج سنوية تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار أمريكي، فيما ستوظف 616 شخصاً.
أما بالنسبة للمرحلة الثانية، فستستصنع الميزانية المخصصة للتصدير، استثمارات تبلغ نحو 1.8 مليار دولار، وذلك على مساحة 1.45 مليون متر مربع، وإنتاجية تبلغ حوالي 1.4 مليار دولار أمريكي، فيما ستوظف 1500 فرد.
العائد الأكبر سيكون لبكين وليس القاهرة
الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي قال لـ"عربي بوست"، إن الوجود الصيني في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليس بالجديد، لأنهم موجودون منذ الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، مشيراً إلى أن دخولهم مصر للاستثمار في مجال الصلب يكشف حالة من سوء الإدارة الاقتصادية المصرية بعد التفريط في مجمع الحديد والصلب بمنطقة حلوان في محافظة القاهرة.
الصاوي أوضح أنه مهما كانت استثمارات الأجانب في الحديد والصلب بالقاهرة، فإن العائد من هذا الاستثمار الأكبر سيكون لصالح الصين وليس لمصر.
كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن تصفية مصنع الحديد والصلب الحكومي أفسح المجال لأي استثمارات أخرى في السوق المصري الكبير، لاسيما أن الطلب على الإسكان في مصر مرتفع ويصل إلى مليون وحدة سكنية بحكم الزيادة السكانية.
وتابع الصاوي: "العمل في شركات قطاع الصلب يستلزم استيراد عِدد وآلات ستكون من الصين، وبالتالي مصر ستحصل على القليل جداً من هذا الاستثمار"، مؤكداً أن مصر لن تنهض إلا بموارد محلية، سواء بشرية أو مالية أو طبيعية.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي الدكتور علاء السيد لـ"عربي بوست" إنه من الطبيعي أن توافق شركة شين شينغ على طلب شركة تيدا الصينية، أحد المطورين الصناعيين بالمنطقة، إنشاء هذا المصنع بهذه التكلفة الاستثمارية، والذي سينتج بغرض تصدير 100% من منتجاته من منتجات مواسير الزهر وصناعات الصلب.
وأوعز السيد الموافقة إلى أن القانون الصادر في 2017 المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يتضمن إعفاءً بنسبة 50٪ من تكاليف الاستثمار، كما أن الصادرات من المنطقة معفاة تماماً من ضريبة القيمة المضافة.
بالإضافة إلى ذلك، توفر العمالة الرخيصة، خاصة أن الصادرات ستكون بالدولار بينما الجنيه المصري يواصل الانهيار بشكل مستمر، ما يقلل تكلفة العمالة، وفقاً للسيد، مشيراً إلى أن المنطقة تتمتع بنظام جمركي خاص يشمل تسهيلات لا تقدم للمنتجين المصريين وللمصدرين من باقي الموانئ المصرية.
وزاد: "الموقع الاستراتيجي الذي يتوسط العالم تقريباً بين مصادر المادة الخام والأسواق المستهدفة، وهو الأمر الذي يعتبر ميزة للصينيين، وفي المقابل فهي يفترض أن تكون ميزة ومصدر دخل لمصر وموارد جغرافية، إن صح التعبير، لا تجيد مصر استغلالها والاستفادة منها مع الأسف".
واختتم السيد قائلاً: "على كل حال لن تستفيد الدولة إلا الضرائب على الدخل من العمال المصريين الذين سيعملون في المشروع".