قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الإثنين 20 مارس/آذار 2023، إن موجة المهاجرين المتدفقة إلى إيطاليا هذه الأيام تعزى إلى تدافع الإيفواريين على شراء قوارب الصيد لمغادرة تونس حيث واجهوا اعتقالات وأعمال عنف بتحريض من رئيس البلاد.
كانت منظمات حقوقية تونسية نددت بخطاب أدلى به الرئيس التونسي قيس سعيد الأيام القليلة الماضية، ودعا فيه لوقف تدفق المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرة أنه "عنصري" ويدعو "للكراهية"، وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس في فبراير/شباط 2023.
ففي خطابه المثير للجدل شدد سعيّد على وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفق "جحافل المهاجرين غير النظاميين"، وما يؤدّي إليه هذا الوضع من "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلاً عن أنها مجرمة قانوناً". وأثار هذا التصريح تنديد منظمات حقوقية تونسية.
مهاجرون من كوت ديفوار يهربون من تونس لإيطاليا
قال أحد مُهرّبي البشر التونسيين إنَّ المهاجرين من كوت ديفوار (ساحل العاج) هم من بين سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى الذين يغادرون من ميناء صفاقس "بأعداد ضخمة؛ لأنَّ هذه هي الفرصة الأخيرة لهم.. أو كما نقول بالعربية: البحر أمامك والعدو وراءك".
في حين شكّل المهاجرون من كوت ديفوار الجزء الأكبر من مجموعة تضم 3300 شخص أبحروا إلى إيطاليا بين 6 و12 مارس/آذار، ووصل معظمهم إلى جزيرة لامبيدوزا الصغيرة؛ حيث نُقِل العديد منهم إلى مراكز المعالجة في البر الرئيسي الإيطالي بواسطة الطائرات العسكرية. وأعاد خفر السواحل التونسي 1500 مهاجر آخرين من جنوب الصحراء على متن 42 قارباً في فترة 36 ساعة بين 8 و9 مارس/آذار.
تزايد موجات الهجرة إلى إيطاليا
عادت الهجرة تتصدر عناوين الأخبار مرة أخرى في إيطاليا بعد وفاة ما لا يقل عن 80 مهاجراً أبحروا من تركيا بينما افتُرِض وفاة 30 آخرين بعد غرق سفينة قبالة ليبيا.
في سياق متصل، فقد سبق أن طلبت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني مساعدة الاتحاد الأوروبي في وقف وصول اللاجئين، محذرة من "غزو" إذا وقف الاتحاد ساكناً. لكن نحو 12000 من أصل 20000 وافد إلى إيطاليا هذا العام جاؤوا من تونس، في ارتفاع من 1000 وافد من البلاد في نفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.
في حين تعرّض المهاجرون لإطلاق النار والطرد والسرقة من الغوغاء بعدما ألقى الرئيس التونسي قيس سعيد باللوم عليهم في موجة إجرامية، وحذر من أنَّ المتآمرين، الذين لم يكشف عن أسمائهم، كانوا يغذون موجات الهجرة من أجل "تغيير التركيبة السكانية" في تونس. وقال ناشط مهاجر في صفاقس: "الارتفاع في رحلات الإبحار مرتبط بهذا الخطاب والإيفواريون هم أكبر مجموعة من المغادرين".
دفع ألف دولار لسماسرة الهجرة
قال مُتاجِر ثانٍ إنَّ المُهرّبين التونسيين يرفضون السفر مع أفارقة جنوب الصحراء؛ لأنه سيُتعرَّف عليهم عند الوصول بسبب بشرتهم الفاتحة؛ مما يجبر المهاجرين على شراء قوارب ووقود من الصيادين، ودفع ما يصل إلى 3000 دينار (959 دولاراً أمريكياً) عن كل شخص، ثم يبحرون بمفردهم. وأضاف: "ليس لديهم وظائف ولا طعام، ولا شيء.. وهذا أقنعهم بالذهاب في أسرع وقت ممكن. هم جيدون – لا يسرقون القوارب بل يشترونها".
من جانبه، قال دوب أبوبكر، منسق أغانٍ من كوت ديفوار في تونس ويدير صفحة على فيسبوك للمهاجرين، إنَّ بعض الإيفواريين سافروا إلى تونس على أمل العمل هناك، رغم أنَّ الغالبية كانوا يخططون في النهاية للإبحار إلى أوروبا والاستقرار في فرنسا أو ألمانيا. وأوضح: "يريد المزيد الآن المغادرة بسبب ضعف الاقتصاد في تونس أولاً، ثم بسبب خطاب الرئيس".
فيما وصل حوالي 3200 من كوت ديفوار إلى إيطاليا هذا العام – وهي أكبر مجموعة من نفس الجنسية بين الوافدين.
في حين تسبّبت الحرب الأهلية 2010-2011 في إثارة موجة الهجرة من كوت ديفوار، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 27 مليون نسمة، والتي قُتِل فيها 3000 شخص. ويوجد حالياً نحو 91000 لاجئ إيفواري خارج البلاد.