حوّل إضراب عمال النظافة في العاصمة الفرنسية؛ احتجاجاً على قانون التقاعد الجديد، مدينة النور إلى مدينة القمامة، بعد أن تكدست في شوارعها 6600 طن من القمامة، تمتد من برج إيفل حتى قصر الإليزيه.
ديف غريس، سائح بريطاني المولد ويعيش في سان فرانسيسكو، قال لصحيفة The Telegraph البريطانية: "لم نتوقع هذا أبداً"، وأضاف وهو يحتسي فنجاناً من القهوة مقابل مولان روج في شارع مونمارتر على بُعد ياردات من كومة "مخلفات" كريهة الرائحة: "تجولنا في جميع أنحاء المدينة والمشهد نفسه في كل مكان".
كما تابع قائلاً للصحيفة: "أظن أن بإمكان البلدية تكثيف جهودها؛ لأن هذا سيؤثر سلباً على السياحة. فالرائحة كريهة جداً، ومن حسن الحظ أن درجة الحرارة ليست مرتفعة كثيراً، وإلا لكانت أسوأ من ذلك".
الوضع يزداد سوءاً في فرنسا!
ويبدو أن الوضع سيزداد سوءاً بعد أن صوَّت عمال النظافة على تمديد إضرابهم لأسبوع آخر على الأقل، وتقول آن سيسيل كوتانت، مديرة مشروع من مقاطعة بريتاني الفرنسية وسافرت إلى باريس للعمل، إنها سئمت اضطرارها إلى "الالتفاف حول أكياس القمامة" لتتمكن من السير.
وقالت: "هذا ليس مقبولاً لصورة باريس"، فيما قالت بريجيت دوديكورت، الموظفة الحكومية المتقاعدة، مازحة: "لنأمل ألا يستمر هذا حتى أولمبياد باريس العام المقبل".
وفي حين أن مشروع قانون التقاعد يهدف إلى رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 بين عامة السكان، يعترض عمال النظافة على رفع سن تقاعدهم من 57 إلى 59 بحلول عام 2030 في مهنة قالوا إنها تنهكهم جسدياً قبل سن الستين.
ولم تصدم زيادة سن المعاش معظم السياح، لكن العديد من الباريسيين -الغالبية العظمى من الفرنسيين يعارضون القانون الجديد- كانوا أكثر تفهماً.
إذ قال باتريك غيلارد، عامل السكك الحديدية المتقاعد الذي كان يعمل في محطة سان لازار بباريس، والذي شارك في إضراب "كلي" استمر ثلاثة أسابيع عام 1995، وأجبر الحكومة حينذاك على التراجع عن تعديل آخر في قانون التقاعد: "لا أظن أن عمال النظافة يتمتعون بقدرة كافية على احتمال هذا".
وقال: "على الجميع أن يشاركوا في الإضراب.. وإلا فستصبح فرنسا مثل ألمانيا ودول أخرى يتقاعد مواطنوها في عمر متقدم جداً. وأنا تقاعدت في سن 58.5 وبوسعي أن أقول إنه كان الوقت المناسب.. فقد كُنت مرهقاً".
وفي الوقت الذي اتجه فيه السياح إلى الشبكات الاجتماعية لانتقاد أكوام القمامة التي تملأ شوارع باريس، ثار خلاف سياسي حول المسؤول عن تراكم النفايات.
إذ قالت آن هيدالغو، عمدة العاصمة الفرنسية التي تنتمي للتيار الاشتراكي وأعربت عن "تضامنها" مع المضربين، إن هذه القمامة مسؤولية الحكومة وقانونها المرفوض، الذي سيقره البرلمان يوم الخميس 16 مارس/آذار.
لكن رشيدة داتي، التي تنتمي للتيار المحافظ وعمدة الجادة السابعة- التي تضم برج إيفل ومتحف دورساي- انضمت إلى آخرين في مطالبة هيدالغو بإلزام عمال النظافة بالعمل لتجنب كارثة صحية.
وأضاف كليمان بون، وزير الشؤون الأوروبية السابق في فرنسا: "هذا هو المثال المليون على تقاعس السيدة هيدالغو وازدرائها للباريسيين".
وأكد مجلس بلدية باريس أن التدخل من مسؤولية سلطات الدولة، وأشار إلى أن إضرابات مماثلة تحدث في بلدات ومدن فرنسية أخرى، مثل لوهافر، التي يديرها إدوارد فيليب، رئيس الوزراء السابق لماكرون.
وقالت أماندين أتالايا، المحللة السياسية في شبكة BFMTV: "الجميع يتهربون من المسؤولية".