كشفت صحيفة The Observer البريطانية أن خُمس الطلاب في جامعات النخبة البريطانية يفكرون في ترك الدراسة بسبب أزمة الارتفاع في تكاليف المعيشة، وأن رُبعهم بات مضطراً إلى التخلي عن حصة من طعامه وبعض الضروريات الأخرى ليتمكن من استكمال الدراسة الجامعية.
جاءت تلك النتائج في أكبر دراسة من نوعها أجرتها اتحادات الطلاب بجامعات "مجموعة رَسل" -التي تضم أفضل 24 مؤسسة تعليم عال في بريطانيا، أي جامعات النخبة مثل أوكسفورد وكامبريدج، وغيرهما- لأول مرة للبحث في التأثير المدمر الذي أحدثته أزمة ارتفاع الأسعار بين جميع الطلاب، ما عدا أكثر الشرائح ثراء.
أزمة غلاء المعيشة
إلى ذلك قال أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع إن أداءهم الأكاديمي تأثر بأزمة غلاء المعيشة. وذكر بعض الطلاب أنهم اضطروا إلى الاشتغال بعمل إضافي لتغطية التكاليف، وأشار آخرون إلى مشكلات ضعف التركيز الناجمة عن سوء التغذية والضغط المالي، والتغيب عن بعض المحاضرات لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة السفر.
من جانبهم، أوضح الباحثون أنه إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لتحسين الوضع، فإن الأزمة قد تفضي إلى اقتصار الدراسة بالجامعات على "الفئات ذات الامتيازات الفائقة"، وتقويض الجهود التي استمرت عقوداً طويلة لتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم العالي، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 12 مارس/آذار 2023.
بدروه، استنكر الدكتور تيم برادشو، الرئيس التنفيذي لمجموعة رَسل للجامعات، النتائج "المقلقة" للدراسة، والتوقعات بتفاقمها، وحثَّ الحكومة على اتخاذ خطوات عاجلة في الميزانية التي يفترض الإعلان عنها هذا الأسبوع، بمعالجة "الثغرات في نظام قروض الطلاب" وزيادة القروض المتاحة بما يتناسب مع ارتفاع التضخم في البلاد منذ العام 2020-2021.
مطالبات بتقديم منح الإعانة للطلاب
وطالبت مجموعة رَسل الحكومةَ بالنظر في إعادة تقديم منح الإعانة للطلاب ذوي الفاقة، ومراجعة العتبة المحددة لاستحقاق القروض بناء على دخول الوالدين، لزيادة دعم القروض إلى أقصى حد ممكن، وإلغاء قرار تجميدها الذي صدر في عام 2008.
وجد الاستطلاع الذي شمل أكثر من 8500 طالب، وأُجري في أول شهرين من هذا العام، أن عدد الطلاب الذين يفكرون في ترك الدراسة الجامعية قد ارتفع إلى 3 من كل 10 طلاب بين الفئات الأشد احتياجاً، والتي شملت الطلاب من الأصول المهمشة وذوي الإعاقة والطلاب المنتسبين بدوام جزئي، فضلاً عن الطلاب الأجانب الذين لا يُسمح لهم بالعمل أكثر من 20 ساعة في الأسبوع.
خطر يواجه النظام التعليمي
من جهته، قال داني برادفورد، مدير السياسات والأبحاث في اتحاد الطلاب بكلية لندن الجامعية وقائد فريق البحث بالدراسة: "نحن نواجه خطراً حقيقياً، فالنظام الجامعي قد يصبح مقتصراً على الأشخاص فائقي الثراء". فمن بين الفئات التي تعرضت لها الدراسة، لم تنخفض نسبة الذين يفكرون في ترك الجامعة إلا بين الطلاب الذين يزيد دخل أسرهم على 90 ألف دولار أمريكي.
برادفورد أوضح: "نحن لا نتحدث عن عجزهم عن الخروج مع الرفاق وشرب القهوة ومخالطة الزملاء، بل نتحدث عن درجة الفقر المدقع الذي بات كثير من طلابنا واقعين فيه، وليس لديهم وسيلة للخروج منه".
قال بعض الطلاب إنهم تنتابهم ميول انتحارية، ويصيبهم القلق الشديد والشعور بالوحدة. وقالوا إن أسرهم لم تعد تشغل أجهزة التدفئة بالمنزل حتى تتمكن من توفير الطعام للأطفال.
الدراسة في بريطانيا باتت صعبة
في السياق، قالت صوفي بوش، الطالبة بالسنة الأولى بكلية لندن الجامعية، إنها فكرت بجدية في التخلي عن برنامج دراسة التاريخ وفلسفة العلوم لارتفاع تكاليف المعيشة، ومع أنها كانت تريد الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، فإنها أدركت أن قلة الموارد المالية قد تجعل تلك الغاية مستحيلة.
وتعمل الطالبة الفنلندية إيفجينيا غلانتزي، الحاصلة على درجة الماجستير في قوانين الملكية الفكرية من جامعة إدنبره، من 25 إلى 30 ساعة في الأسبوع لتلبية التكاليف المتزايدة. وقالت إن دراستها في بريطانيا وهي طالبة أوروبية صارت أصعب بكثير منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، قالت وزارة التعليم إن الكثير من الجامعات "تكثف" جهود الدعم، وحثَّت الطلاب المتخوفين على "التحدث إلى جامعاتهم قبل أن يتخذوا قرار ترك الدراسة".