يحشد الفرنسيون للتظاهر، السبت 11 مارس/آذار 2023، ضد إصلاح نظام التقاعد الذي يثير استياءهم ويريده الرئيس إيمانويل ماكرون، في يوم سابع من الاحتجاجات يشكّل اختباراً لاستمرار المواجهة بين الحكومة والنقابات، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
والسبت هو سابع يوم من تحرّكات مستمرّة منذ 19 يناير/كانون الثاني ضدّ هذا الإصلاح في فرنسا، بما يحمله من رفع لسنّ التقاعد من 62 عاماً إلى 64 عاماً، الأمر الذي يعارضه غالبية الفرنسيين وفقاً لاستطلاعات الرأي، معتبرين أنه "غير عادل"، خاصة بالنسبة للنساء والعاملين في الوظائف الشاقة.
إذ لجأ وزير العمل أوليفييه دوسو إلى الدستور (المادة 44.3)، الجمعة، لعرض النص على مجلس الشيوخ، الذي سيصوّت على مشروع القانون بأكمله مع الإبقاء على التعديلات المقترحة أو المقبولة فقط من قِبل الحكومة بحلول الأحد، بالمهلة التي حدّدتها بنفسها، وكان المجلس قد صوّت ليل الأربعاء الخميس على المادة السابعة في الإصلاح، التي ترفع سنّ التقاعد سنتين.
فيما قال دوسو "أجرينا 74 ساعة من النقاش معاً" منذ الثاني من فبراير/شباط، مضيفاً أنه "مع كلّ مادّة وعلى الرغم من النقاشات الموضوعية، أصبحت العرقلة خياراً منهجياً"، رداً على هذا القرار، حذّر اتحاد العاملين في مجال الطاقة من "تصعيد الغضب".
في المقابل، قال ماكرون في رسالة إلى الاتحاد النقابي في فرنسا الخميس، إنّ الحكومة ستبقى "مستمعة" بشأن هذا الإصلاح، مؤكداً أنه ضروري.
واختارت الحكومة الفرنسية رفع سنّ التقاعد القانوني، استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان.
الاحتجاج في فرنسا لا يزال قوياً
فرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.
وأعلنت الحكومة الإسبانية الجمعة اتفاقاً بشأن كيفية احتساب المعاشات التقاعدية، وفقاً لطلب المفوضية الأوروبية مقابل أموال خطة التعافي الأوروبية، ما يعني اعتماداً أكبر على ذوي الدخل المرتفع.
وفي مواجهة التهديد الذي تشكّله شيخوخة السكان، أعلنت مدريد في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عن اتفاقية واسعة تنص على زيادة المساهمات من دون رفع سن التقاعد القانونية، على أن يتم رفعه إلى 67 في 2027.
ويرهن الرئيس الفرنسي جزءاً كبيراً من رصيده السياسي بإقرار هذا الإجراء الذي يسمم ولايته الثانية، مؤكداً بذلك رغبته المعلنة في الإصلاح الذي يعكس في الوقت نفسه استياء جزء من الفرنسيين ضدّه.
وأظهر ماكرون حزمه، عبر عدم قبوله بمقابلة النقابات، معتبراً أنّه "وقت البرلمان"، بعد "المشاورات التي أجرتها" رئيسة الحكومة إليزابيث بورن، والتعديلات التي أضيفت على النص.
فيما أعلن أنّ إصلاح نظام التقاعد يجب أن يصل إلى "خواتيمه" في البرلمان، مشيراً إلى أنه لا يستبعد شيئاً، بما في ذلك اللجوء إلى تبنّي القانون من دون تصويت، عبر المادة 49.3 من الدستور (التي تسمح للحكومة بتبنّي نصّ تشريعي من دون تصويت متحمّلة مسؤولية ذلك).
في مختلف أنحاء البلاد لا يزال الاحتجاج قوياً، رغم أنّ فرنسا لم تشهد شللاً كما كانت ترغب النقابات، مع ذلك يبقى عدم اليقين قائماً بشأن ما إذا كانت الإضرابات المتجدّدة التي تحدث منذ الثلاثاء، وتؤثر على قطاعات رئيسية في الاقتصاد (نقل، طاقة…) ستستمرّ.
وفي باريس، تتراكم القمامة في عدّة مناطق، إذ لم يتم جمع 3700 طن من النفايات الخميس، وفقاً لمجلس بلدية المدينة.
بدورها، طلبت هيئة النقل الجوي الفرنسية من شركات الطيران إلغاء 20% من رحلاتها المقررة السبت والأحد، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية المعارضين للمشروع الحكومي.
كذلك أعلنت شركة السكك الحديد الفرنسية العامة، الجمعة، أنّ حركة النقل ستكون "مضطربة بشدة"، لافتة إلى أن ذلك سيستمر في نهاية الأسبوع، وقال الأمين العام لاتحاد العاملين في مجال الطاقة فابريس كودور، الجمعة، إنَّ الإضرابات ستستمر، خصوصاً في محطّات إنتاج الكهرباء.
فيما يتواصل أيضاً إضراب عمّال الغاز في جميع محطّات الغاز الطبيعي المسال، ومنشآت تخزين الغاز.