أطاحت الشرطة الإيطالية بالصدفة بمحامية أخبرت أحد زعماء المافيا أنها قادرة على معرفة إن كان هاتفه تحت المراقبة، بينما كانت الشرطة تتنصت عليها بالفعل، ما أثار جدلاً في إيطاليا، حيث تستهدف عمليات التنصت على الهواتف نحو 110 آلاف من رجال العصابات وتجار المخدرات والموظفين الذي يُشتبه في فسادهم الإداري.
وفق تقرير لصحيفة "The Times" البريطانية، نُشر الأحد 26 فبراير/شباط 2023، تُعتبر إيطاليا أحد أكثر البلدان التي تجري فيها عمليات تنصت على الهواتف، تحت ذريعة مكافحة جرائم العصابات المنظمة وإحباطها.
لكن الكثير من أفراد وزعماء المافيات باتوا قادرين على معرفة ما إذا كانوا تحت الرقابة، بفضل وجود أشخاص قادرين على الوصول إلى قوائم التنصت على الهواتف السرية.
تشكيك في جدوى التنصت على الهواتف
كانت وحدة خاصة من الشرطة الإيطالية قد نجحت في الإيقاع بالمحامية المتدربة، كاميلا ماريانيرا، التي تبلغ من العمر 28 عاماً، بعد أن أخبرت أحد زعماء المافيا بأنها قادرة على التأكد مما إذا كان أحدهم يتنصت عليه، مقابل أن تدفع مبلغ 300 يورو لأحد الموظفين في القضاء، والذي لديه صلاحية الوصول إلى برامج قوائم التنصت على الهواتف السرية.
أدى الكشف عن هذه الحادثة إلى إثارة الجدل بشأن جدوى التنصت، خاصة أنها تكلف ميزانية الدولة 200 مليون يورو سنوياً للتنصت على هواتف نحو 110 آلاف من رجال العصابات وتجار المخدرات والموظفين، الذي يُشتبه في فسادهم الإداري.
تقول بعض الدراسات إن إيطاليا تشهد أكبر عمليات التنصت على الهواتف في العالم، في حين يؤكد القضاة أن تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها اختراق عصابات المافيا، ومعرفة الصفقات الفاسدة التي يُبرمها كبار المسؤولين والموظفين في الدولة.
بينما كانت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، قد وعدت خلال برنامجها الانتخابي بخفض عدد الأشخاص المستهدفين بالتنصت على مكالماتهم، ولكن لا يزال بعض السياسيين الذين يسمعون أصوات نقرات غريبة أثناء التحدث عبر الهاتف، يقولون وهم يخلطون الهزل بالجد: "صباح (مساء) الخير، أيها الضابط"، على افتراض أنه يتم الاستماع إلى مكالماتهم.
تعويض التكلفة من الأموال المصادرة
كان وزير العدل، كارلو نورديو، قد قدم خطة للتقليل من عمليات التنصت، متذمراً من أن التكلفة السنوية مرتفعة للغاية، بينما أكد روبرتو سكاربيناتو، وهو قاضٍ سابق، أن تكلفة التنصت والتي قد لا تتجاوز أحياناً 250 يورو في اليوم، يمكن تعويضها من خلال كميات الأموال الضخمة التي تجري مصادرتها من عمليات المافيات أو صفقات الفساد.
تابع قائلاً: "عندما كنت رئيساً للقضاة في باليرمو، استحوذت الحكومة على أصول بقيمة 3.5 مليار يورو من المافيا في أربع سنوات، بينما في إيطاليا بأكملها تتم مصادرة 12 مليار يورو من أصول المجرمين والفاسدين، كل خمس سنوات، بفضل التنصت على المكالمات الهاتفية".
يرى سكاربيناتو أن التنصت على المكالمات الهاتفية ضروري أيضاً للقبض على المحتالين ذوي الياقات البيضاء (كبار الموظفين)، بما في ذلك السياسيون الفاسدون. وتابع: "المشكلة تكمن في السياسيين الذين يخشون أن يؤدي التنصت على المكالمات الهاتفية إلى اكتشاف أفعالهم السيئة".