أقامت السلطات الروسية، الأربعاء 22 فبراير/شباط 2023، مهرجاناً وطنياً لدعم الحرب على أوكرانيا عشية احتفالها السنوي بـ"يوم المُدافع عن أرض الآباء"، وقبل يومين من الذكرى الأولى لغزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط، إذ كان خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الفقرة الرئيسية في الحفل الذي أقيم في ملعب لوجنيكي بموسكو، حيث الاستاد الذي شهد مباراة نهائي كأس العالم في عام 2018 حسب ما نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية.
فيما أجري الحفل في درجات حرارة تقل عن 15 درجة مئوية تحت الصفر، وجاء خطاب الرئيس الروسي قصيراً، قبل أن يختمه بهتاف "روسيا! روسيا!" يردده من ورائه الجمهور وامتلأ الاستاد بنحو 100 ألف شخص وقفوا يلوحون بالأعلام الروسية العملاقة، بينما تغني جوقات من الجنود أناشيد الحرب، وتخلَّلها عروض على المسرح لأطفال "أنقذتهم القوات الروسية" من أوكرانيا.
الحضور إجباري للحفل!
نفدت تذاكر الحفل قبل عرضها للبيع، وإن ذكر موقع Meduza الروسي للأخبار أن تذكرة الحضور بلغ سعرها 7 دولارات فقط. وأوردت تقارير إعلامية محلية أن السلطات حشدت طلاب الجامعات للحضور إما بالإجبار وإما بامتيازات، مثل إعفاء الطلاب المهددين بالفصل. وتوافدت الحافلات المزودة بالأعلام المجانية من جميع أنحاء البلاد؛ ما جعل بعض الناس يشككون في جدوى الحفل الذي يُفترض أنه أُقيم لبث الروح الوطنية.
صعد على المسرح جندي روسي يرتدي زياً عسكرياً مزيناً بالميداليات، وتفاخر بأنه "تلطخ بالدماء" على الخطوط الأمامية للقتال في أوكرانيا، وقال: "أنا لن أخاف إذا غمرت الدماء يدي، إنها الحرب، ولم نكن نحن من بدأها"، ثم أنشد أغنية "كاتيوشا" السوفيتية الأسطورية التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، بإيقاع موسيقى الراب.
جاءت العروض متوسطة المستوى أو أقل، فقد فرَّ كثير من المطربين والفنانين المحبوبين في روسيا من البلاد، أو مُنعوا من الظهور في الحياة العامة بسبب آرائهم المناهضة للحرب على أوكرانيا. فيما استضاف الحفل بدلاً من ذلك شخصية تلفزيونية مغمورة، ومذيعة اشتهرت بأنها الزوجة السابقة للاعب كرة القدم السابق بنادي أرسنال الإنجليزي لكرة القدم أندريه أرشافين.
أغاني سوفياتية في مهرجان بوتين
تضمنت العروض أيضاً فقرة للمغني الوطني أوليغ غازمانوف، الذي تجاوز الآن السبعين من عمره. وأنشدت مجموعة من نجوم موسيقى الروك نشيد "فصيلة الدم" للمغني السوفيتي الشهير فيكتور تسوي.
لكن أكثر العروض غرابة كانت تلك الفقرة التي تقدم فيها بعض الأطفال إلى خشبة المسرح للإنشاد في مديح الحرب على أوكرانيا، وغنت مجموعة منهم أغنية تتضمن رسالة إلى جندي على الجبهة: "أنت في الخنادق، أما نحن ففي المنازل"، ولذلك "نشكرك على السلام الأبدي في سماء روسيا".
بعد ذلك بوقت قصير، تقدَّم رجل يُدعى يوري غاغارين، يحمل الاسم نفسه لأول رائد فضاء روسي يصعد إلى الفضاء، ووُصف بأنه "منقذ" الأطفال في مدينة ماريوبول الأوكرانية. وعُرض مقطع فيديو لمشاهد من معركة ظهر فيها الرجل وهو يوجه المدنيين عبر ممرات آمنة بينما تتعرض المدينة للقصف.
لما شوهد بعض أفراد الجمهور يتسللون إلى الخارج في منتصف العرض، سألهم مراسل إحدى قنوات تليغرام ذات التوجه المعارض عن سبب مغادرتهم الملعب بينما الجنود الروس لا يزالون في الخنادق المتجمدة، فأجابه أحدهم بقدر من عدم الاكتراث: "الرجال في الخنادق؟ هم من ذهبوا إلى هناك".