اتهم مدير منظمة "الخوذ البيضاء" للإنقاذ في شمال غرب سوريا، الجمعة 10 فبراير/شباط 2023، الأمم المتحدة بالفشل في إيصال المساعدات الإنسانية المناسبة إلى المناطق المنكوبة، بعد أن دمرها الزلزال القوي والهزات الارتدادية التي أعقبته.
وقال رائد الصالح إن المنطقة لم تتلقّ أية مساعدات من الأمم المتحدة بهدف الاستجابة للكارثة منذ الزلزال الذي وقع، الإثنين، وإن الشاحنات الست التي عبرت الحدود إلى سوريا، الخميس، كانت من الشحنات المعتادة لكنها تأخرت.
وقال مدير الخوذ البيضاء للصحفيين عبر رابط فيديو من إدلب إن الشاحنات التي دخلت أمس هي قافلة كان من المقرر أن تدخل الإثنين لكنها تأخرت بسبب الزلزال، وأضاف أنه حتى الآن لم تصل أية مساعدات إلى شمال غرب سوريا من الأمم المتحدة في إطار الإغاثة من الزلزال.
ووصف مدير الخوذ البيضاء استجابة الأمم المتحدة بأنها "كارثية"، وقال إن على الهيئة الاعتذار للشعب السوري عن نقص المساعدة التي تقدمها، ولم يرد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على طلب للتعليق على اتهامات الصالح.
الأمم المتحدة تبرر موقفها
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن 14 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية عبرت الحدود إلى سوريا بعد مغادرتها مدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا، في وقت سابق الجمعة.
وأفادت بأن الشاحنات المتجهة إلى إدلب، التي تخضع لسيطرة المعارضة، محملة باحتياجات من بينها مدافئ كهربائية وخيام وبطانيات.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الشاحنات جزءاً من شحنة مساعدات اعتيادية وليست مرتبطة بالاستجابة للزلزال قال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة بول ديلون إن "الوضع المحدد مسبقاً" فيما يتعلق بالمساعدات ليس هو القضية.
وأضاف أن "القضية هي أن يتم توصيل المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها والمناسبة للمشردين، بما في ذلك الخيام والبطانيات وغيرها من المواد، إلى شمال غرب سوريا في هذا الوقت".
ويُنسب للخوذ البيضاء الفضل في إنقاذ آلاف الأشخاص في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، والتي تعرضت للقصف من جانب القوات الحكومية والروسية في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 12 عاماً.
انتقاد للدعم المتواضع
ووصلت الشحنة الأولى من المساعدات الدولية إلى السكان المكروبين في شمال غرب سوريا، الخاضع لسيطرة المعارضة، الخميس، لكن الناجين وعمال الإنقاذ والأطباء عبّروا عن خيبة أملهم لوصول المساعدات بعد ضيق الوقت المتاح للإنقاذ وفواته، فضلاً عن أن المساعدات التي جاءت في الشاحنات الست افتقرت إلى بعض الإمدادات التي كانوا في أمسّ الحاجة إليها، واشتملت مواد أقل أهمية.
بدوره، قال محمد الشبلي، المنتمي إلى مجموعة "الخوذ البيضاء" للدفاع المدني: "لو جاءت فرق الإنقاذ الدولية إلى سوريا في الساعات الأولى عقب الزلزال أو حتى في اليوم الثاني، لكان لدينا أمل كبير في إخراج الضحايا الذين كانوا تحت الأنقاض أحياءً".
وطالب الشبلي الأممَ المتحدة وقادة العالم بإرسال عمال إنقاذ وآليات حفر ثقيلة لنقل الأنقاض، واصفاً المساعدات التي وصلت المنطقة بأنها لا نفع منها للسكان الذين لجأوا إلى الحفر بأيديهم للبحث عن الناجين وإخراج جثامين أحبابهم. وأضاف مستنكراً وهو يغالب دموعه: "أي نفع يعود للأطفال [القتلى] تحت الأنقاض من الحفاضات؟!".
وأثَّر الزلزال في مساحة واسعة من شمال غرب سوريا، وامتدت آثاره إلى المناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد والمناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة على مشارف الحدود التركية.
فيما انتشرت فرق الخوذ البيضاء، التي تعمل بلا توقف منذ وقوع الزلزال، الإثنين، في سباق مع الزمن لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الضحايا، وقال الشبلي: "بعض الناس شاركونا وصاياهم الأخيرة من تحت الأنقاض. فهم يطلبون منا نقل رسائل الوداع لأحبابهم، ويخبروننا بأسمائهم، ثم يموتون".
وتعثرت قافلة المساعدات التابعة للأمم المتحدة في الطريق إلى سوريا بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق جراء الزلزال، والتي عطَّلت أيضاً وصول العمال المحليين الذين يتحققون من المساعدات وينقلونها.
دخلت القافلة من تركيا إلى سوريا من خلال معبر باب الهوى الحدودي، الذي لا يزال منذ سنوات الممر الوحيد لمساعدات الأمم المتحدة في مناطق المعارضة السورية. وقال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الشاحنات كانت تحمل مواد إيواء وسلعاً غير غذائية.
وقال ينس ليرك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن "الشحنة الأولى اختبار" لمرور المساعدات، والغاية منها التحقق من أن الطرق سالكة. وقال إن المنظمة تأمل في إيصال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى شمال غرب سوريا في أقرب وقت ممكن.
فيما قالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من 11 مليون شخص في سوريا تضرروا جراء الزلزال، ويعتمد نحو 4 ملايين منهم على وكالات الإغاثة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل المياه النظيفة وإمدادات الطعام.
وكرر الأطباء السوريون نداءات الاستغاثة المطالبة بتقديم مزيد من المساعدات عاجلاً، لا سيما أن الحرب الأهلية التي أعقبت الثورة السورية منذ 10 سنوات قد دمرت نظام الرعاية الصحية في البلاد، وقد وجدوا أنفسهم الآن في غمار أزمة إنسانية جديدة.