ضاعفت الولايات المتحدة ضغوطها على حلفائها في الشرق الأوسط للعمل على طرد فاغنر الروسية من ليبيا والسودان، حيث تقوم الميليشيا المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأدوار رئيسية في هذين البلدين، بحسب ما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الجمعة 3 فبراير/شباط 2023.
وتتزامن الجهود الأمريكية التي تحدث عنها المسؤولون الإقليميون، مع ضربات واسعة النطاق من إدارة بايدن، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على مجموعة فاغنر في الأشهر الأخيرة، بسبب توسُّع دورها في الحرب ضد أوكرانيا.
تعمل إدارة بايدن منذ شهور مع القوتين الإقليميتين، مصر والإمارات، للضغط على القادة العسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع المجموعة العسكرية، وفقاً لما ذكره أكثر من عشرة مسؤولين ليبيين وسودانيين ومصريين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم؛ للتحدث بحرية ولأنه غير مخول لهم مناقشة القضية مع وسائل الإعلام.
حيث قال مسؤول حكومي مصري رفيع المستوى على دراية مباشرة بالمحادثات: "فاغنر تستحوذ على تفكير المسؤولين الأمريكيين، فهذه المسألة تأتي على رأس كل اجتماع".
ونشرت مجموعة فاغنر آلاف النشطاء في دول إفريقية وشرق أوسطية؛ من ضمنها مالي وليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وسوريا. ويقول المحللون إنَّ هدف فاغنر في إفريقيا هو دعم المصالح الروسية وسط الاهتمام العالمي المتزايد بالقارة الغنية بالموارد.
واتهم خبراء حقوقيون يعملون مع الولايات المتحدة في 31 يناير/كانون الثاني، المجموعة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في مالي، حيث تقاتل إلى جانب القوات الحكومية.
كان دور المجموعة في ليبيا والسودان محورياً في المحادثات الأخيرة بين مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز ومسؤولين بمصر وليبيا في يناير/كانون الثاني 2023.
وقال مسؤولون مصريون إنَّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن ناقش أيضاً نشاط المجموعة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارته للقاهرة أواخر يناير/كانون الثاني 2023. وعقب تلك الزيارة، اعترف بيرنز في خطاب ألقاه، الخميس 2 فبراير/شباط، بجامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، بأنه بعد سفره مؤخراً إلى إفريقيا، كان قلقاً بشأن تأثير فاغنر المتزايد في القارة.
رسائل للخرطوم
فيما صرح مسؤول سوداني كبير بأنَّ القادة في السودان تلقوا رسائل أمريكية متكررة حول نفوذ فاغنر المتزايد في الأشهر الأخيرة، عبر مصر ودول الخليج.
وقال المسؤول إنَّ عباس كامل، مدير المخابرات المصرية، نقل مخاوف الغرب في محادثاته بالخرطوم مع الفريق عبد الفتاح برهان. وأضاف أنَّ كامل حث البرهان على إيجاد طريقة لمعالجة "استخدام فاغنر للسودان كقاعدة" لتنفيذ عمليات في دول مجاورة مثل جمهورية إفريقيا الوسطى.
بدأت فاغنر العمل بالسودان في عام 2017، حيث قدمت التدريب العسكري للمخابرات والقوات الخاصة، وللمجموعة شبه العسكرية المعروفة باسم قوات الدعم السريع، وفقاً لمسؤولين سودانيين ووثائق شوركت مع وكالة The Associated Press.
وقال مسؤولون إنَّ مرتزقة فاغنر لا يقومون بدور قتالي في السودان. بل تقدم المجموعة، التي لديها عشرات النشطاء في البلاد، تدريبات عسكرية واستخباراتية، فضلاً عن مراقبة وحماية المواقع وكبار المسؤولين.
فيما قالت تقارير إنَّ القادة العسكريين السودانيين منحوا فاغنر السيطرة على مناجم الذهب في المقابل. إذ تُظهِر الوثائق أنَّ المجموعة قد حصلت على حقوق التعدين من خلال شركات واجهة لها علاقات مع الجيش السوداني القوي وقوات الدعم السريع. وذكر مسؤولون أنَّ أنشطتها تتركز في المناطق الغنية بالذهب التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور والنيل الأزرق ومحافظات أخرى.
تحالف مع حفتر في ليبيا
وفي ليبيا، أجرى بيرنز محادثات في طرابلس مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية.
والتقى مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضاً مع حفتر في شرق ليبيا، حسبما كشف مسؤولون في قوات حفتر. وقال مسؤول اطلع على الاجتماع في مجمع الرجمة العسكري، مقر قيادة حفتر خارج بنغازي مباشرة، إنَّ فاغنر كانت القضية الرئيسية التي نوقشت.
وقال خبراء من الأمم المتحدة إنَّ مرتزقة فاغنر ينتشرون في ليبيا منذ 2018؛ لمساعدة قوات حفتر في قتالها ضد المتشددين بشرق ليبيا. وشاركت المجموعة أيضاً في هجومه الفاشل على طرابلس في أبريل/نيسان 2019.
وقدّرت القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) وجود نحو 2000 مرتزق من فاغنر في ليبيا بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2020، قبل اتفاقية وقف إطلاق النار. وقد زودت روسيا المرتزقة بعربات مدرعة وأنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة ومعدات أخرى، بحسب تقييم "أفريكوم".
وقال مسؤولون ليبيون إنَّ أنشطة فاغنر تركزت، منذ وقف إطلاق النار في عام 2020، حول المنشآت النفطية في وسط ليبيا، وواصلوا تقديم التدريب العسكري لقوات حفتر. وليس من الواضح عدد مرتزقة فاغنر الذين ما زالوا في ليبيا.
وقال مسؤول ليبي آخر إنَّ المسؤولين الأمريكيين طالبوا بسحب المرتزقة من المنشآت النفطية.
لم يقدم حفتر أية التزامات، لكنه طلب تأكيدات بأنَّ تركيا والميليشيات الليبية التي تدعمها في غرب ليبيا لن تشن هجوماً على قواته في مدينة سرت الساحلية ومناطق أخرى في وسط ليبيا.
وقال مراقبون إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أنَّ ضغوط إدارة بايدن أسفرت عن نتائج سواء في السودان أو ليبيا.