قال موقع قناة NBC News الأمريكية في تقرير نشره، الثلاثاء 31 يناير/كانون الثاني 2023، إن مستودعاً قديماً كان يستخدم لإصلاح سيارات المدنيين في أوكرانيا، يقع على بعد ساعتين من خطوط الجبهة شرق أوكرانيا، يُكرَّس الآن لإصلاح وتجديد وتعديل وتحديث الدبابات الروسية وناقلات الجند المدرعة التي تم الاستيلاء عليها، بالإضافة إلى مزيج من القطع الأخرى المتُبرع بها أو المعدات العسكرية العتيقة.
قال كبير فنيي الميكانيكا في الورشة عبر تطبيق زووم: "لقد تعلمنا الكثير من الأشياء؛ لدرجة أن الوحدات العسكرية تأتي إلينا في كثير من الأحيان وتتعلم من فنيي الميكانيكا لدينا، كيفية إصلاح المعدات العسكرية السوفييتية والأجنبية". كان صوت أزيز المناشير واهتزاز المثاقيب واضحاً خلفه، بينما يحاول عدد قليل من عشرات الفنيين الذين يعملون معه، أن يصلحوا الأجزاء القديمة من الآليات العسكرية.
ورش لإصلاح الدبابات والتدريب
أوضح كبير الفنيين في الورشة، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفاً من أن يؤثر عمله على أسرته التي تعيش في منطقة بالبلاد تحتلها روسيا: "نحاول أن نتطور، ونحاول أن نكون أفضل في كل الأوقات، أملاً في أن نصل إلى مستوى منشأة عسكرية حقيقية".
يركز هؤلاء الفنيون الآن على معدات القوات الروسية الغازية وكيفية فك الدبابات الروسية تي-72، والمركبات القتالية المدرعة المضادة للكمائن والألغام الأمريكية الصنع، بالإضافة إلى العديد من منظومات الصواريخ متعددة الإطلاق المُتبرَّع بها، التي وصلت إليهم من أجل إصلاحها.
تابع كبير الفنيين في الورشة حديثه عبر مترجم، قائلاً: "لم نتعامل قط من قبل مع المعدات العسكرية. فهذا نوع مختلف من المنشآت. لم نكن مستعدين لذلك، لكن الحرب بدأت وكان علينا التصدي للاتحاد الروسي. هذا هو ما يمكننا أن نفعله بوصفنا فنيي ميكانيكا".
في كثير من الأوجه، تقع جهوده وجهود طاقمه في وسط التوترات التي ألقت بظلالها مؤخراً على المحادثات بين أوكرانيا وشركائها.
أزعجت المفاوضات الشاقة على ما يبدو بعضاً من العمال في منشأة الإصلاح، وأزعجت كذلك الآخرين الذين أمدّوا الورشة بالقطع والتمويلات. إذ يعتقد هؤلاء أن الفنيين الأوكرانيين يمكنهم، إذا مُنحوا الفرصة، تعلم كيفية إصلاح هذه الدبابات، تماماً مثلما حدث مع الدبابات التي عملوا عليها حتى الآن. أعرب المسؤولون عن شواغلهم مما إذا كان الأوكرانيون سوف يستطيعون تعلم كيفية استخدام الدبابات وإصلاحها بالسرعة الكافية التي تجعلها ناجعة من أجل هجوم فصل الربيع، حتى في ظل إثبات قوات كييف براعتها في التعامل مع التكنولوجيا الجديدة.
تنسيق عمليات إصلاح المركبات
ساعد بوهدان أوستابتشوك في تنسيق عمليات إصلاح المركبات التي تم الاستيلاء عليها في مؤسسة سيرهي بريتولا الخيرية، التي يديرها سيرهي بريتولا، المذيع التلفزيوني السابق والمرشح السياسي في كييف. دفعت المؤسسة مقابل إصلاح 13 مركبة روسية حتى الآن، تتنوع بين دبابات ومركبات برمائية ومركبات أخرى.
قال أوستابتشوك، بعد زيارة الفنيين الذين كانوا يعملون على إصلاح ناقلة جند أمريكية، بالإضافة إلى العمل على إصلاح قطع أخرى: "عندما يقول الساسة في الخارج إن المركبات القادمة من البلاد الغربية معقدة للغاية بالنسبة للأوكرانيين، وإنهم يحتاجون إلى الكثير من البنى التحتية، أو إننا نحتاج إلى قضاء وقت طويل مع هذه المركبات، فإن هذا القول غير صحيح. إذا منحونا القطع وأسبوعاً واحداً لاستكشاف كتيب التشغيل، فسوف نصلح كل دبابة ترسلها إلينا الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وألمانيا، وسوف نعيدها إلى خطوط الجبهة من أجل جنودنا".
برغم ثقة الأوكرانيين المتطوعين، لدى المسؤولين الأمريكيين مخاوف حقيقية حول ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على أن تتعلم بسرعة طريقة تشغيل دبابات أبرامز وإصلاحها.
صحيحٌ أن كبير الفنيين وطاقمه كانوا بارعين في إصلاح المعدات العسكرية السوفييتية، لكنهم قالوا إنهم استمتعوا بالتعرض المحدود للمعدات الغربية؛ لأنها كانت مصنوعة بطريقة أكثر بديهية وسهولة، مما يسهل عليهم عملية التنقل بين الدوائر الكهربائية والأسلاك التي يعثرون عليها داخلها.
مكونات مختلفة تحتوي عليها دبابات أبرامز
لكن الخبراء يقولون إن دبابات أبرامز تحتوي على العديد من الصناديق السوداء التي تحتوي على إلكترونيات ولوحات دوائر كهربائية معقدة، يستحيل إصلاحها بدون التدريب وأدوات التشخيص الحاسوبية الضرورية. إذ إن تعلم كيفية تشخيص المشكلات ثم إصلاحها، يمكن أن يستغرق شهوراً، وقد يتطلب مساعدة من المقاولين العسكريين الغربيين، الذين قد يعملون في ميدان المعركة.
يقول كثير من ضباط الجيش الأمريكي المتقاعدين الذين استخدموا دبابات أبرامز بكثافة في الماضي، إن أفراد طواقم الدبابات المتمرسين يستطيعون أن يتعلموا بسرعة كيفية قيادتها، لكن تدريبات الصيانة وحدها يمكن أن تستغرق أشهراً، فضلاً عن تعلم كيفية التنسيق مع القوات البرية الأخرى. بيد أن بدء التدريب الآن، سوف يضمن استشعار سرعة دبابات أبرامز وقوتها النارية التي لا تُضاهَى، فوق ميادين القتال في أوكرانيا، وسوف يساعد كييف على اختراق الخنادق المتعثرة بسرعة.
قد يستغرق وصول دبابات أبرامز الأمريكية إلى أوكرانيا أشهراً. وفي المدى القريب، تُبتعث طواقم الدبابات الأوكرانية إلى بولندا لتلقي تدريبات على تشغيل وصيانة دبابات ليوبارد 2 الألمانية، التي سوف تمدهم بها عديد من دول منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك حسبما أفادت وكالة Reuters. ويتوقع أن تصير جاهزة لاستخدامها في ميدان المعركة مطلع فصل الربيع القادم. وفي غضون ذلك، يتعاظم إبداع الفنيين المتطوعين.
تحويل دبابة روسية لمركبة إصلاح متنقلة
حيث استطاعوا تحويل دبابة روسية تي-72 إلى مركبة إصلاح متنقلة، بعد تثبيت رافعة ورصيف مائل بها بدلاً من برج الدبابة ومدفعها. وعدلوا مركبة مدرعة خفيفة بناء على طلبات المسعفين الميدانيين لتصنيع سيارة إسعاف ميدانية محمية بصورة أكبر. وفي بعض الحالات، ثبّتوا مدافع خفيفة وبنادق في ناقلات جند مدرعة لتعويض العدد المحدود من الدبابات المتاحة.
من جانبه، قال أوستابتشوك إن أي شيء بعجلات وبعض الدروع، يمكن استخدامه. وأوضح: "يجب علينا استخدام كل مركبة نقل سوفييتية قديمة، وكل مدرعة وكل شاحنة، وأي شيء يمكننا إصلاحه لإعطائه إلى جنودنا لأن هذا ينقذ الأرواح".
صحيحٌ أنه يعلم أن المهمة ضخمة، لكنه يقول إن كل دبابة يرسلها الغرب سوف تصنع فارقاً، "وسوف تساعدنا في الثبات بشجاعة، وخوض المعركة بجسارة، والقتال بذكاء".