دوّت صفارات الإنذار في مدينة عسقلان، عقب إطلاق صواريخ من قطاع غزة، فيما تواصل الغضب الفلسطيني؛ احتجاجاً على اقتحام إسرائيلي لمخيم جنين شمالي الضفة الغربية، صباح الخميس 26 يناير/كانون الثاني 2023، أسفر عن استشهاد 9 فلسطينيين بينهم مُسنة، وسط تنديد عربي ومطالب دولية بالتهدئة.
من جانبها، أعلنت السلطة الفلسطينية عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ونيتها التوجه لمجلس الأمن؛ احتجاجاً على العملية الإسرائيلية التي تعد وفق مراقبين، الأكبر من نوعها منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
وأعلن الرئيس محمود عباس، الحداد 3 أيام وتنكيس الأعلام، بجانب وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل والتوجه الفوري إلى مجلس الأمن.
صواريخ غزة ومظاهرات بالضفة
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن أربع قذائف صاروخية أطلقت من قطاع غزة، "سقطت اثنتان بمنطقة مفتوحة، في حين اعترضت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية للدفاع الجوي، قذيفتين صاروخيتين".
ودوت صفارات الإنذار، قبيل انتصاف ليل الجمعة، في مدينة عسقلان وفي محيط قطاع غزة، حسبما جاء في بيان مقتضب صدر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن "التفاصيل قيد الفحص".
فيما أعلنت بلدية عسقلان فتح الملاجئ في جميع أنحاء المدينة بعد إطلاق الصواريخ من غزة.
وبحسب مراسلي الأناضول، تظاهر الآلاف في أنحاء متفرقة من غزة وقرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، ورفعوا العلم الفلسطيني مرددين هتافات، من ضمنها "بالروح بالدم نفديك يا مخيم جنين"، و"غزة والضفة يد وحدة".
كما عمت المظاهرات مدناً بالضفة الغربية، في طوباس وبيت لحم والخليل ورام الله، وتحولت إلى اشتباكات مع قوات الاحتلال.
فيما شهدت قرية النبي صالح شمال غرب رام الله مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال خلال اقتحامها للقرية.
ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، المجتمع الدولي إلى التحرك ضد "الجرائم" الإسرائيلية.
دعوة لاجتماع مجلس الأمن
وحول العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين، قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، بربرا ليف، إنها "تواصلت مع الأطراف وحثتهم على خفض التصعيد وعلى التنسيق بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية".
كما أعربت عن قلقها إزاء وقوع خسائر في صفوف المدنيين باعتباره أمراً مؤسفاً للغاية، حسب ما نقله موقع "الحرة" الأمريكي.
ومساء الخميس، دعت الإمارات والصين وفرنسا مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ، الجمعة، حول التطورات الأخيرة في مدينة جنين، وفق بيان لبعثة الإمارات بالأمم المتحدة.
إدانات عربية وإسلامية
من جانبها، قالت وزارة الخارجية التركية، إنها "تلقت ببالغ الأسى نبأ مقتل كثير من الفلسطينيين جراء اقتحام الجنود الإسرائيليين مخيم جنين"، مقدمةً تعازيها للشعب الفلسطيني وحكومته.
فيما أدانت السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان ومصر والأردن، الاقتحام الإسرائيلي لجنين وسط مطالب بالتهدئة، والوقف الفوري لـ"الاعتداءات الإسرائيلية"، وفق بيانات رسمية منفصلة.
في السعودية، أكدت وزارة الخارجية "رفض المملكة التام لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة"، مطالبةً المجتمع الدولي "بوقف التصعيد والاعتداءات الإسرائيلية".
بدورها، دعت الخارجية الإماراتية "السلطات الإسرائيلية إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تُفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة".
ووصفت الخارجية القطرية ما قامت به تل أبيب بأنه "عدوان وحشي"، محملةً "سلطات الاحتلال وحدها مسؤولية اتساع دائرة العنف التي ستنتج عن هذا التصعيد الممنهج ضد الشعب الفلسطيني".
وفي الكويت، شددت وزارة الخارجية على أن "هذا العدوان الإسرائيلي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي"، محذرة من "مغبة هذه الانتهاكات التي تنذر بمزيد من التصعيد".
كما أعربت الخارجية العمانية عن رفضها "العدوان الإسرائيلي الوحشي"، داعيةً "المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته نحو وقف التصعيد".
ودعت الخارجية المصرية إسرائيل إلى وقف فوري لـ"الاعتداءات" على المدن الفلسطينية، محذرة من "خروج الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية عن السيطرة".
بينما دعت الخارجية الأردنية إلى "ضرورة وقف إسرائيل عملياتها العسكرية كافة وجميع الإجراءات اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام".
وعلى المستوى الأممي، أعرب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، في بيان، عن قلقه من "استمرار دائرة العنف بالضفة"، داعياً إسرائيل وفلسطين إلى "تهدئة التوترات واستعادة الهدوء".
كما أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان، عن قلقها إزاء أحداث جنين، داعيةً "جميع الجهات المسلحة إلى الالتزام باحترام وحماية المدنيين وممتلكاتهم".
وعربياً، أدان مجلس التعاون الخليجي، في بيان، "استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية المحتلة"، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل ضد ما يحدث للشعب الفلسطيني.
كما أدانت جامعة الدول العربية "اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لجنين"، محذرة من تداعيات "الصمت الدولي" حيال ما يحدث في فلسطين.
وشددت رابطة العالم الإسلامي، في بيان، على أن "اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لجنين انتهاك خطير لكل القوانين واعتداء سافر"، داعيةً "المجتمع الدولي إلى التدخل السريع لمنع أي تصعيد".
الفصائل الفلسطينية تتوعد
من جانبها، نددت فصائل فلسطينية، بينها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بالعملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين.
وتوعّد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، إسرائيل بـ"دفع ثمن المجزرة التي ارتكبتها في جنين"، مشدداً على أن "رد المقاومة لن يتأخر".
وحذّرت حركة "الجهاد الإسلامي" من "اندلاع معركة قريبة ومفتوحة في قطاع غزة، في حال لم تتوقف العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين".
وانطلق الآلاف في موكب جنائزي "مهيب"؛ لتشييع جثامين "مجزرة مخيم جنين"، حاملين جثامين الشهداء الـ9 على الأكتاف، من أمام مستشفى جنين الحكومي في مسيرة جابت شوارع المدينة.
والشهداء هم: صائب عصام محمود أزريقي (24 عاماً) من مدينة جنين، وعز الدين ياسين صلاحات (26 عاماً)، وعبد الله مروان الغول، ووسيم أمجد جعص، والمسنّة ماجدة عبيد من مخيم جنين، ومعتصم أبو الحسن من اليامون، ومحمد محمود صبح، والشقيقان محمد ونور سامي غنيم من برقين.
وخلال الاقتحام، منعت قوات الاحتلال إجلاء جثث الشهداء ووصول فرق الإسعاف إليها، حيث أُعيقت مركبات الإسعاف عن دخول المخيم لإنقاذ الجرحى، وسط قطع تام للتيار الكهربائي عن مخيم جنين.
في حين كشف تقرير لـ"الأناضول"، نقلاً عن سكان في جنين، أن المخيم شهد "معركة حقيقية" نفذها الجيش الإسرائيلي، استخدم خلالها الرصاص الحي والقذائف وطائرات مُسيّرة، ومركبات مصفحة؛ مما خلّف دماراً في البنية التحتية للمخيم، ودُمرت مبانٍ ومركبات.
ومنذ أشهر تشهد الضفة الغربية تصعيداً ملحوظاً في التوتر؛ جراء اقتحامات واعتقالات إسرائيلية تفجّر اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من جهة، والفلسطينيين من جهة أخرى.