ظهرت شعبية جاسيندا أرديرن، رئيس وزراء نيوزيلندا السابقة، السياسية التي برعت دوماً في إضفاء جو من المرح والتواصل الإنساني، بجلاء في قرية راتانا الشمالية، الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني 2023، في آخر ظهور رسمي لها في منصب رئيسة وزراء نيوزيلندا .
منذ اللحظة التي وصلت فيها أرديرن إلى قرية راتانا، أحاط بها حشد من الناس ليلتقطوا معها صور سيلفي أخيرة، أو لتسجيل رسائل فيديو للأصدقاء والأقارب، أو ببساطة ليشاهدوها وهي تمر أمامهم، فيما ركضت مجموعة من الأطفال بين أرجل المارة ليتمكنوا من رؤيتها من موقع أفضل حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
فيما شوهدت جاسيندا وهي تبتسم للهواتف المحمولة، وتسأل الناس عن أسمائهم ووظائفهم، وتمازحهم، وتوقّع كرة سلة بالية لصبي تخطّى الحشد بصعوبة ليصل إليها.
البريق يعود لجاسيندا
وعاد بريق جاسيندا إليها الثلاثاء، فعلى بعد أمتار قليلة كان رئيس الوزراء الجديد كريس هيبكنز يقف بين المراسلين، ويجيب عن أسئلتهم، لكن الحشود لم تُعره اهتماماً كبيراً، ولم يظهر أي أثر يوم الثلاثاء للمحتجين الغاضبين، الذين أصبحوا يظهرون باستمرار في الفعاليات العامة التي تشارك فيها جاسيندا، وكانوا أحياناً يحملون لافتات وشعارات مناهضة للقاحات، وأحياناً أخرى يطاردون سيارتها ويصرخون بكلمات نابية.
ولا تزال نيوزيلندا- والعالم- في مرحلة استيعاب صدمة رحيل أرديرن المفاجئ، والاختيار السريع لبديلها، والتعرف على إرثها السياسي، ولكن في يومها الأخير في قيادة البلاد، بدا أن بعض الأسئلة الشائكة والجدلية عن إرثها السياسي وملفها البرلماني تتلاشى وسط الزحام.
وقرية راتانا تمثل بداية العام السياسي لنيوزيلندا، ويذهب إليها قادة الأحزاب لإلقاء أولى خطاباتهم بعد العطلة الصيفية، لكن هذا العام مختلف لأنه يمثل نهاية حقبة.
فيما أعادت مشاهد توديع أرديرن إلى الأذهان ذكرى محبيها، الذين استقبلوها بالأمل والتفاؤل حين تولت المنصب عام 2017. على أن خمس سنوات من القرارات الصعبة والنضالات السياسية أسهمت في محو كثير من بريقها، لا سيما في صناديق الاقتراع، التي عاقب فيها الناخبون رئيسة الوزراء وحزبها على عام شهد صعوبات اقتصادية بالغة.
وقالت أرديرن إن التهديدات والإساءات لم تكن من ضمن الأسباب التي دفعتها لتقديم استقالتها، لكن رحيلها أشعل جدلاً مزعجاً في نيوزيلندا، عن نطاق وحجم الخطاب الكاره للنساء، والعنف والإساءة والتهديدات التي كانت توجّه إلى الزعيمة. وقالت في حديثها المختصر مع الصحفيين إن تجربتها الطويلة في المنصب كانت إيجابية.
وقالت: "أكره أن يعتبر أي شخص رحيلي تعليقاً سلبياً على نيوزيلندا". وأضافت: "اختبرتُ مشاعر الحب والرحمة والتعاطف واللطف وأنا في منصبي. وهذه المشاعر كانت هي السائدة، ولذلك أنا ممتنة لوجودي في هذا المنصب الرائع لسنوات كثيرة… ولا يسعني إلا أن أقول شكراً".
استقالة جاسيندا الصادمة!
يشار إلى أن جاسيندا أرديرن، أصدرت في وقت سابق إعلاناً صادماً، بأنها لم تعد قادرة على مواصلة قيادة البلاد، وستتنحى عن منصبها.
أرديرن، البالغة من العمر 42 عاماً، قالت وهي تحاول كبح دموعها، إن الأعوام الخمسة والنصف التي أمضتها في رئاسة الوزراء كانت صعبة، وإنها مجرد بشر، وتحتاج إلى التنحي.
وفي أول ظهور علني لها منذ العطلة الصيفية للبرلمان، قبل شهر، قالت المسؤولة النيوزيلندية في مؤتمر صحفي "هذا الصيف كنت آمل أن أجد طريقة للاستعداد ليس فقط لعام آخر، بل لولاية أخرى، لأن هذا هو ما يتطلبه هذا العام، لكن لم أتمكن من ذلك". وتابعت: "أعلم أنه سيكون هناك الكثير من النقاش في أعقاب هذا القرار، حول ما يسمى بالسبب "الحقيقي"… الجانب الوحيد المثير للاهتمام الذي ستجدونه هو أنني وبعد المرور بست سنوات من التحديات الكبيرة بشر"، وتابعت "الساسة بشر، إننا نقدم كل ما في وسعنا لأطول فترة ممكنة، ثم يحين الوقت، وبالنسبة لي لقد حان الوقت".
أرديرن، التي تولت رئاسة حكومة ائتلافية عام 2017، قبل أن تقود حزبها إلى فوز ساحق في الانتخابات التي أُجريت بعد ذلك بثلاث سنوات، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبيتها وشعبية حزبها أيضاً. فيما قالت أرديرن إنها تعتقد أن حزب العمال سيفوز في الانتخابات المقبلة.