انتقدت وحدات من الجيش الأوكراني، التي تقاتل في باخموت، المعدات العسكرية السوفييتية التي وصفتها بالمتهالكة، والتي أثرت على أدائها في مواجهة القوات الروسية في واحدة من أهم المعارك منذ بدء الهجوم الروسي، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 18 يناير/كانون الثاني 2023.
الصحيفة أشارت في تقريرها إلى أنه على الرغم من عدم وقوع انهيار كامل للقوات الأوكرانية في باخموت، لكن قوات اللواء الميكانيكي 24 لم يكن بإمكانها أن تبلي بلاءً أحسن من الذي أبلته في ظل افتقار جنودها إلى معدات أفضل حالاً من المعدات المتهالكة التي اعتمدت عليها في غمار هذه المعارك الشرسة.
الجيش الأوكراني يشتكي من المعدات
في معرض الشكوى من المعدات السوفييتية المتهالكة التي يستخدمها الجيش الأوكراني، قال الرقيب "سبايدر بوجدان"، قائد إحدى المدرعات من طراز "بي إم بي 2" السوفييتية: "لقد سئمنا القتال بمعدات [متهالكة] مثل هذه. ويسألنا بعضهم هل تريدون أن تستبدلوها بمدرعات (تشالنجر)؟ أتسألون حقاً عن ذلك؟! إنها ستكون هدية من السماء لنا".
تساءل سبايدر مستنكراً: "لماذا نُترك دائماً للقتال، في الصفوف الأمامية، بمعدات متهالكة من قبيل هذه القمامة؟!". وقال لمراسل صحيفة The Times البريطانية: "المصيبة في معداتنا هي أنها تبدو على ما يرام من الخارج، لكن بعد أن تشغلها وتذهب بها إلى المعركة، تتوقف بك فجأة".
بينما أعلنت الحكومة البريطانية، هذا الأسبوع، أنها سترسل إلى الجيش الأوكراني 14 دبابة من طراز "تشالنجر 2" لمساعدة الجيش الأوكراني في القتال. وتوصف دبابات تشالنجر بأنها أثقل وزناً وأقوى تدريعاً من جميع المركبات الروسية والأوكرانية.
لقي هذا القرار ترحيباً كبيراً من الجيش الأوكراني، وإن لم يتوهم أحد بأن أوكرانيا قادرة بتشكيل واحد من الدبابات أن تغير مسار الحرب. فالحكومة الأوكرانية وقواتها في ميادين القتال تحتاج إلى المئات من دبابات "تشالنجر" البريطانية، ودبابات "ليوبارد 2″ الألمانية، و"أبرامز" الأمريكية، التي ينبغي إرسالها بسرعة من أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
عين أوكرانيا على الدبابات الألمانية
يقول بعض الخبراء إن دبابات "ليوبارد 2" الألمانية أفضل الدبابات بين نظائرها، وأهم من ذلك أنها متوافرة بعدد كبير (2000 دبابة) لدى 13 دولة أوروبية صديقة لأوكرانيا، ما يعني أن الفرصة متاحة لتعزيز القوات الأوكرانية بها قبل هجمات الربيع والصيف المتوقعة من القوات الروسية.
مع ذلك، فإن هذه المطالب تعترضها بعض القواعد الصارمة المتعلقة بإعادة تصدير الأسلحة، فهي تحتاج إلى موافقة المورد الأصلي، أي ألمانيا. ولذلك تطالب أوكرانيا وحلفاؤها، مثل بولندا وبريطانيا، بأن يوافق المستشار الألماني أولاف شولتز على المضي قدماً في صفقات توريد الدبابات إلى الجيش الأوكراني.
أقرَّ شولتز بأن هذه القضية تأتي في صدارة القضايا المزمع نقاشها في الاجتماع الذي يستضيفه ووزير دفاعه الجديد، بوريس بيستوريس، لمجموعة الاتصال العسكرية الدولية لمساعدة أوكرانيا بقيادة الناتو، في قاعدة "رامشتاين" الجوية في ألمانيا، الجمعة 20 يناير/كانون الثاني. ومع ذلك، فقد أبدى شولتز بعض التردد حتى الآن متخوفاً من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تصعيد الصراع في أوكرانيا.
في الخطاب الذي ألقاه شولتز أمام الحضور في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، رفض استدراجه إلى التصريح بموقف واضح من إرسال دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا، وقال إن ألمانيا "ستواصل تزويد أوكرانيا بكميات كبيرة من الأسلحة"، وتعهد بتقديم دعم مطرد لكييف في وجه العدوان الروسي، لكنه حذر من أن يتفاقم الصراع إلى "حرب بين روسيا والناتو".
زيلينسكي ينتقد تردد برلين
انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تردّد ألمانيا في تزويد الجيش الأوكراني بدبابات ثقيلة من صنعها، عشية اجتماع مهم لمجموعة الاتصال الأوكرانية في رامشتاين في ألمانيا، لتنسيق تقديم المزيد من المساعدة لكييف، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
حيث قال زيلينسكي عبر الفيديو، خلال مأدبة فطور على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا: "هناك أوقات يجب ألا نتردّد فيها أو نقارن. كأن يقول أحدهم سأعطي دبابات إذا فعل ذلك طرف آخر".
كان الرئيس الأوكراني يشير إلى تقارير إعلامية تفيد بأنّ برلين لن تمنح أوكرانيا دبابات ثقيلة إلّا في حال أرسلت الولايات المتحدة دبابات "أبرامز".
غير أنّ واشنطن ليست مستعدّة لتزويد الجيش الأوكراني بهذه الدبابات القتالية القوية، حسبما أكد، الأربعاء، مسؤول كبير في البنتاغون، مبرّراً هذا الرفض بمسائل تتعلّق بالصيانة والتدريب، من دون أن يستبعد تغيير الموقف الأمريكي في هذا الشأن في المستقبل.
فقد أشار النائب الأمريكي غريغوري ميكس إلى أنّ المستشار الألماني أولاف شولتس يأمل في أن ترسل الولايات المتحدة وألمانيا دباباتهما معاً إلى أوكرانيا. وقال لوكالة فرانس برس، الخميس: "يجب أن تكون الولايات المتحدة وألمانيا (معاً)، لا شك في ذلك".
بينما وجّه وزيرا الدفاع والخارجية الأوكرانيان أوليسكي ريزنيكوف ودميترو كوليبا في بيان مشترك "نداءً إلى كلّ الدول الشريكة التي سبق أن قدمت مساعدة عسكرية أو تدرس هذه الإمكانية، ندعوها فيه إلى تعزيز مساهمتها بشكل كبير".
كييف في حاجة لمزيد من الأسلحة الثقيلة
يرى المخططون العسكريون الأوكرانيون ومستشاروهم الغربيون أن كييف بحاجة إلى مزيد من الأسلحة الثقيلة عالية الجودة، لمقاومة الهجوم الروسي في الربيع، فضلاً عن السعي لاستعادة مناطق واسعة من الأراضي الأوكرانية التي لا تزال تحت السيطرة الروسية.
حيث قال رافائيل روسي، الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "غالب الظن أن يكون اجتماع (رامشتاين) الملتقى الحاسم لقرار تزويد أوكرانيا بدبابة ثقيلة من إنتاج غربي"؛ إذ "لا يمكن إمداد أوكرانيا بعدد كبير من الدبابات من دون تحالف أوروبي في سبيل ذلك، لأن المخزونات الوطنية قد تناقصت منذ نهاية الحرب الباردة".
أومأ شولتز إلى أنه سيوافق على إرسال دبابات "ليوبارد" من مخزونات الدول الأوروبية -وحتى من مخزون ألمانيا نفسها- إذا أرسلت الولايات المتحدة دبابات "أبرامز" من مخزونها.
في سياق الحديث عن حاجة أوروبا إلى إعادة تسليح نفسها إذا قررت تزويد أوكرانيا بمئات الدبابات وكميات كبيرة من الذخيرة، قال لوس: "يجب أن يُرافق قرار تزويد أوكرانيا بدبابات (ليوبارد 2) خطة صناعية كبرى لزيادة إنتاج قطع الغيار والذخيرة، وتصنيع كميات جديدة من المركبات والأسلحة، للحفاظ على القدرات العسكرية الأوكرانية وتحديثها".