استخدم جنود روس، متهمون بقتل العشرات في بلدة بوتشا بأوكرانيا مطلع هذا العام، الهواتف النقالة لضحاياهم لإجراء اتصالات إلى موطنهم، وفي كثير من الأحيان استخدموا الهواتف بعد ساعات فقط من قتل المدنيين، الأمر الذي ساعد في الكشف عن الوحدة المسؤولة عن عمليات القتل.
صحيفة The New York Times الأمريكية، نشرت تحقيقاً واسع النطاق حول ارتكاب جنود روس جرائم حرب مُحتملة في بوتشا، التي تقع في محيط العاصمة الأوكرانية كييف، طوال شهر مارس/آذار 2022، وذلك بعد أن سيطر الجنود الروس على البلدة بطريقة عنيفة.
سكان في البلدة قالوا في تصريح للصحيفة إن الروس خلّفوا وراءهم "طريق موت" حرفياً، وفيما تحقق المحكمة الجنائية الدولية بالفعل في جرائم حرب محتمَلة في أوكرانيا، يتعين على سكان بوتشا، الذين يطلبون القصاص، الحصول على أدلة تفصيلية لدعم قضيتهم، بحسب ما أورده موقع Business Insider الأمريكي، الجمعة، 23 ديسمبر/كانون الأول 2022.
أمضت الصحيفة 8 أشهر في التحقيق فيما وصفته بـ"مذابح بوتشا"، فأجرت مقابلات في المدينة وأبحاثاً مكثفة لتحديد المسؤول بالضبط عن هذه المذبحة المنظمة، بحسب قولها.
وجدت الصحيفة في النهاية أن فرقة من المظليين الروس من فوج الهجوم الجوي رقم 234، بقيادة المقدم أرتيوم غوروديلوف، ومقرها مدينة بسكوف الروسية في الغرب، هي التي نفذت عمليات القتل في بوتشا لتأمين الطريق إلى كييف.
وجدت الصحيفة أن عدداً لا يُحصى من الأدلة، من بينها سجلات الهاتف، وإشارات مكالمات من قادة على قنوات لاسلكية روسية، ومعدات عسكرية، وشارات الزي الرسمي، وإيصالات التعبئة على صناديق الذخيرة، وقالت إن الأدلة تؤكد أن الوحدة المسؤولة عن هذه المذبحة هي فوج الهجوم الجوي 234.
من جانبهم، قال سكان بوتشا إن الجنود الروس كثيراً ما كانوا يأخذون هواتفهم أثناء استجوابهم، وهذا مكّن الصحيفة من الحصول على قاعدة بيانات أوكرانية لجميع المكالمات والرسائل الصادرة من البلدة في شهر مارس/آذار 2022.
وجدت The New York Times في تحقيقها، أن الجنود الروس غالباً ما كانوا يستخدمون هواتف ضحاياهم للاتصال بمنازلهم في روسيا، وكثيراً ما كانوا يُجرون مكالمات بعد ساعات فقط من قتل أصحاب الهواتف الأوكرانيين بالرصاص.
عمدت الصحيفة إلى تتبع أرقام الهواتف التي اتصل بها الجنود الروس من بوتشا لمعرفة صفحات أفراد عائلات هؤلاء الجنود على صفحات التواصل الاجتماعي، ومكّنها ذلك من تحديد 20 عضواً في الفوج، أكد اثنان منهم للصحيفة بالفعل أنهما كانا من ضمن جنود المظلات الذين خدموا في بوتشا.
كانت الصور المروّعة للمقابر الجماعية ومقاطع عمليات القتل في شوارع بوتشا قد صدمت العالم مطلع هذا العام، فيما أنكرت روسيا تورطها، وقال السكان الناجون للصحيفة إنهم الآن يطلقون على شارع يابلونسكا "طريق الموت"؛ لتخليد ذكرى ما يقرب من 400 شخص فقدوا حياتهم أثناء الاحتلال.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصف ما حدث في بوتشا بأنه "إبادة جماعية"، وقال إن بعض النساء اللائي عثر عليهن متوفيات تعرضن للاغتصاب قبل قتلهن، ثم أحرق الروس الجثث، حسب قوله.
خاطب حينها الرئيس الأوكراني أمهات الجنود الروس، قائلاً: "حتى لو قمتن بتربية اللصوص، كيف أصبحوا جزارين أيضاً؟".
زيلينسكي أشار عقب طرد القوات الروسية من بوتشا، إلى أنه تم العثور على ما لا يقل عن 900 جثة، وقال إنه مع قيام الجنود الروس بحرق الجثث ودفنها "لا أحد يعرف عدد القتلى".
يُذكر أنه، وفي 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.