أعلن المشاركون في "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" بنسخته الثانية التي جرت في الأردن، في بيانهم الختامي الصادر عقب انتهاء اجتماعهم، الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، عن توافقهم على دعم العراق في مواجهة جميع التحديات، بما في ذلك الإرهاب.
المؤتمر الذي عقد في منطقة البحر الميت غربي العاصمة الأردنية عمان، شاركت فيه 12 دولة، وقالت في بيانها إنهم تجدد "دعمها للعراق في جهود ترسيخ دولة الدستور والقانون وتعزيز الحوكمة وبناء مؤسسات قادرة على التقدم وإعادة الإعمار وحماية مقدراته".
بناء علاقات إقليمية بناءة
كما شدد بيان المؤتمر على "دعم العراق في تحقيق التنمية الشاملة والعمل على بناء التكامل الاقتصادي، وأهمية التعاون الثلاثي مع مصر والأردن". ولفت البيان إلى أن "انعقاد المؤتمر يعكس الحرص على دعم دور العراق بما يسهم في جهود إنهاء التوترات وبناء علاقات إقليمية بنّاءة".
المشاركون في المؤتمر أكدوا، وفق البيان ذاته، أن "تجاوز انعكاسات الأزمات الإقليمية والدولية على العراق يستوجب تعاوناً ومقاربات سياسية واقتصادية جادة وفاعلة تدعم العملية التنموية فيه". كما "أكدوا أهمية عقد دورة ثالثة للمؤتمر، وتحديد مكان انعقادها وتاريخها بالتشاور بينهم" بحسب البيان.
عقب انتهاء أعمال المؤتمر، عقد وزراء خارجية الأردن أيمن الصفدي، والعراق فؤاد حسين، وفرنسا كاثرين كولونا، مؤتمراً صحفياً مشتركاً. وقال الصفدي: "اختتمت الدورة الثانية لمؤتمر بغداد برسالة واضحة وهي وقوفنا جميعاً إلى جانب العراق".
بدوره، اعتبر حسين أن مؤتمر بغداد "ليس فقط لدعم العراق، وإنما للعمل المشترك في المحيط الإقليمي". وفي رده على سؤال حول تدخلات خارجية في بلاده، قال الوزير العراقي: "نحن قلنا بغداد النسخة الأولى للحوار، والحكومة العراقية تؤمن بالحوار، وهناك عمل مشترك مع دول الجوار".
تسريع الانتخابات الرئاسية في لبنان
من جانبها، طالبت كولونا لبنان "بتسريع انتخاب رئيس له"، وكشفت أنها "دعت إيران إلى الإفراج الفوري عن رهائن فرنسيين محتجزين لديها".
يذكر أنه وفي وقت سابق الثلاثاء، انطلقت أعمال النسخة الثانية لمؤتمر "بغداد للتعاون والشراكة" في منطقة البحر الميت، بمشاركة العراق والأردن وفرنسا، وتركيا ومصر والكويت والسعودية والإمارات وقطر وسلطنة عُمان والبحرين وإيران.
يهدف المؤتمر إلى مساعدة العراق في توفير الأمن والاستقرار والازدهار، وتطرق إلى مناقشة ملفات محورية أخرى، تتصدرها المنطقة والإقليم. وعُقدت النسخة الأولى من المؤتمر بالعاصمة العراقية بغداد في أغسطس/آب 2021.
العراق يرفض أجواء التصعيد
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قال في كلمته في المؤتمر، الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن بغداد متمسكة ببناء علاقات وثيقة مع كل الشركاء الإقليميين والدوليين، وذلك في كلمة للسوداني بمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بنسخته الثانية، المنعقد بمنطقة البحر الميت غربي العاصمة الأردنية بحضور السعودية وإيران وفرنسا وتركيا وبعض دول المنطقة.
أشار السوداني إلى أن "العراق متمسك ببناء علاقات تعاون وثيقة مع كل الشركاء الإقليميين والدوليين، وهو ينأى بنفسه عن اصطفافات المحاور وأجواء التصعيد، وينشد سياسة التهدئة وخفض التوترات"، لافتاً إلى أن العراق "يرفض في الوقت ذاته التدخل بشؤونه الداخلية ومس سيادته أو الاعتداء على أراضيه".
العراق يعاني من شح المياه
كما أكد أنه "لا يمكن اعتماد مبدأ القوة في مساعي حل الخلاف أو الاختلاف، ولا نسمح باستخدام هذا المبدأ ضد العراق، ولا نقبل أن ينطلق أي تهديد من الأراضي العراقية ضد أية دولة من دول الجوار أو المنطقة".
مضى السوداني يقول: "واجبنا أن نعتمد الحوار والتفاهم لحل مشاكلنا، ونبني على ما يجمعنا لفتح الآفاق نحو إقامة الشراكات الإقليمية الشاملة وتعظيم الاعتمادية بين دولنا، لنؤسس للاستقرار والازدهار في المنطقة".
على صعيد آخر، اعتبر رئيس وزراء العراق أن بلاده تواجه "تهديداً وجودياً بسبب شح المياه". واستدرك: "إننا عازمون على العمل الجاد مع جيراننا في الجمهورية التركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لضمان أمننا المائي، والتوصل إلى أفضل السبل للإدارة المشتركة للموارد المائية العابرة للحدود، ووصول حصتنا المائية وفق الاتفاقيات والقوانين الدولية".
ضمان أمان العراق وازدهاره
من جانبه، أكد ملك الأردن عبد الله الثاني أن مؤتمر بغداد يهدف إلى "خدمة مصالحنا المشتركة وضمان أمن العراق وازدهاره واستقراره ركناً أساسياً في منطقتنا، ونتطلع لمواصلة العمل معكم لتعميق شراكاتنا خدمة لشعوبنا"، مشيراً إلى أن التحديات "كثيرة وتزداد تعقيداً".
أضاف: "المؤتمر ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة أزمات أمنية وسياسية، وتحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، بالإضافة إلى الحاجة لتأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي".
اعتبر أن "انعقاد المؤتمر يؤكد تصميم الجميع على العمل مع العراق -حكومة وشعباً- من أجل مزيد من الازدهار والتكامل"، مشدداً على أن "مواجهة التحديات المشتركة تستدعي عملاً جماعياً تلمس شعوبنا آثاره الإيجابية".
وزير خارجية إيران يتحدث بالعربية
خلال المؤتمر الذي تستضيفه الأردن، ألقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أجزاء من كلمته باللغة العربية، لتوجيه رسالة مباشرة إلى دول المنطقة الناطقة بالعربية، داعياً العراق ودول الجوار إلى الحوار والتعاون، فيما شدد على أن الأمر بات "ضرورة مُلحَّة".
قال عبد اللهيان إن الحوار والتعاون بين دول الإقليم "ليس خياراً بل هو ضرورة مُلحَّة" من أجل تحقيق فهم مشترك يؤدي في النهاية إلى السلام، وإرساء منطقة مزدهرة ومستقرة تنعم بالتنمية. مشدداً على أن استقرار إيران يرتبط باستقرار وأمن المنطقة بأسرها، وأضاف أن سياسة طهران "تقوم على تجنب الحرب وضمان الأمن والاستقرار"، وهي بمثابة مبدأ "ثابت".
في السياق، أشار عبد اللهيان إلى تمتع بلاده حالياً بحكومة جديدة "تعمل على تطوير علاقاتها مع جيرانها"، داعياً جميع دول المنطقة إلى التخلي عن "السياسات الإقصائية" بالتأكيد على أهمية تحقيق الأمن الجماعي لضمان الاستقرار الإقليمي.
في سياق الاتفاق النووي، لفت الوزير الإيراني إلى استعداد بلاده لإتمام المفاوضات وإبرامه، شريطة "مراعاة الدول الغربية للخطوط الحمراء والنصوص التي أعلنتها إيران". فيما طالب عبد اللهيان المعنيين بالاتفاق النووي بالتمتع بالواقعية واحترام مطالبات بلاده من أجل التوصل لاتفاق في هذا الشأن. واختتم كلمته بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية "تظل القضية الأولى للعالم الإسلامي"، مقترحاً أن يقوم الحل السياسي لهذه القضية على مبدأ حق تقرير المصير.
ماكرون يدعو لتجاوز الانقسامات
من جانب آخر، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العراق وجيرانه إلى تجاوز أي انقسامات، بهدف ضمان وأمن العراق ودول الجوار. وقال إن العراق "إحدى ضحايا عدم الاستقرار الإقليمي"، داعياً جيرانه، ولا سيما سوريا ولبنان، إلى "وضع أجندة تعاون صادقة لحل المشكلات الأمنية"، مضيفاً أن جميع الدول المشاركة في المؤتمر "تسعى إلى إرساء الأمن والاستقرار في العراق وفي المنطقة".
في السياق، أشاد ماكرون بالدور المحوري الذي يلعبه الأردن في دعم الحوار، وتعزيز الدبلوماسية في المنطقة والعالم. وتابع: "المنطقة تتحول إلى مركز ثقل دبلوماسي، وباتت تعزز دورها في الاستقرار العالمي".
يشارك بالمؤتمر 12 دولة، هي: العراق والأردن المستضيفان للمؤتمر، وفرنسا الداعية له، وتركيا ومصر والكويت والسعودية والإمارات وقطر وسلطنة عُمان والبحرين وإيران.