على الرغم من توقُّع كثيرين اكتساح الجمهوريين خلال انتخابات التجديد النصفي الأمريكية التي جرت الشهر الماضي، تمكن الديمقراطيون من السيطرة على الغالبية في مجلس الشيوخ، إثر فوزهم في سباق حاسم بولاية نيفادا.
وإذا كانت السياسة الداخلية للرئيس الحالي موجِّهاً أساسياً لأصوات الناخبين الأمريكيين، فقد لعبت اختيارات بايدن الخارجية محدداً لا يقل أهمية في ترجيح كفة مرشحي الحزبين.
داليا العقيدي، عضو الحزب الجمهوري وكبيرة الباحثين بمركز السياسات الأمنية بواشنطن، تبسط في حوار مع "عربي بوست"، "أهم أسباب التأييد الواسع الذي ناله الديمقراطيون ودور السياسة الخارجية لبايدن في ذلك".
كما تتحدث العقيدي عن آليات اشتغال مجلس النواب المستقبلي واحتمال أن يعرقل فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعده تمرير بايدن لمشاريع القوانين وخلق حالة شلل تشريعي.
كيف يمكن أن ينعكس نجاح الديمقراطيين في السيطرة على الغالبية داخل مجلس الشيوخ الأمريكي على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة؟
نتائج الانتخابات النصفية أثبتت أن الشارع المحافظ غير مستعد للعودة إلى زمن الرئيس السابق دونالد ترامب، وهذا ما يُبرر خسارة غالبية المرشحين الذين تبنوا سياسات واستراتيجيات الرئيس السابق وحملوا رايته خلال حملاتهم الانتخابية.
الحزب الجمهوري اليوم بدأ يعيد حساباته للتحضير للانتخابات المقبلة ودراسة الأخطاء التي مر بها الحزب، خاصة بعد اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.
ما أهمية سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ؟
سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ تعني أنهم سيُشكلون الأغلبية في كل لجنة من لجان المجلس، مما يسمح لهم بمعالجة التشريعات والترشيحات بشكل أسرع. سيتمتعون بعدد أكبر من الموظفين وميزانيات أكبر، مما يمنحهم قدرة أكبر على تنفيذ أعمال اللجان لتنفيذ أجندة حزبهم.
بالنسبة لإصدار مذكرات الاستدعاء، لن يحتاجوا بعد الآن إلى دعم من الحزبين لإصدار مذكرات إحضار؛ حتى يتمكنوا من تجاوز معارضة الحزب الجمهوري لاستخدام هذه الأدوات الرئيسية، مما يعني احتمال ازدياد عدد التحقيقات التي يقودها الديمقراطيون.
هل يعرقل فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعد مجلس النواب تمرير بايدن لمشاريع القوانين ويخلق حالة شلل تشريعي؟
بالتأكيد. العام المقبل سيشهد صداماً كبيراً بين الحزبين في مجلس النواب وستتعطل قوانين كثيرة يحاول الديمقراطيون تمريرها. كل قرارات التمويل والميزانية والهبات عليها أن تمر أولاً عبر مجلس النواب، ما يعني أن أجندة اليسار المتطرف ستواجه عقبة كبيرة، اسمها الجمهوريون.
هل ساهمت مواقف الرئيس السابق دونالد ترامب في عدم بلوغ حزبه سقف الطموحات الذي كان متوقعاً؟
بالتأكيد. خاصة بعد اقتحام مبنى الكونغرس، الذي كان من الممكن جداً أن يُوقفه ترامب، إلا أنه آثر الصمت لأكثر من ست ساعات، إضافة إلى رفضه نتائج الانتخابات والإصرار على وجود تزوير فيها. هذه هي أهم المواقف التي أثرت بشكل مباشر على الحزب الجمهوري. هذا السيناريو سيتكرر إذا ما تمكَّن ترامب من الحصول على ترشيح حزبه، وهو أمر مستبعد إلا إذا أراد الجمهوريون الانتحار سياسياً.
كيف تقيّمين سياسة بايدن الخارجية، خاصة بشأن الحرب في أوكرانيا ودول الشرق الأوسط؟
بايدن أعاد البلاد إلى سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما كأنها استمرارية لثماني سنوات من الفشل والقرارات الخاطئة. عندما نتحدث عن إيران مثلاً، أوباما حاول استمالة الحكومة الإيرانية ومنحها أموالاً إلى حين إتمام الاتفاق النووي في عهده والذي ألحق ضرراً بمنطقة الشرق الأوسط برمتها، خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
بايدن إلى حد هذه اللحظة يحاول أن يستميل النظام الإيراني للعودة مجدداً إلى الاتفاق الذي ألغاه الرئيس السابق دونالد ترامب، هذا أحد أسباب عدم اكتراث طهران بعواقب أفعالها ضد المواطنين الإيرانيين قبل كل شيء.
اتخاذ المواقف السلبية تجاه حلفاء الولايات المتحدة القدامى في الخليج العربي خطأ استراتيجي يضر بالاقتصاد الأمريكي والأمن القومي.
إدارة بايدن تجاهلت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، حليف أمريكا الأكبر، بدلاً من البناء على هذه الخطوات المهمة في المنطقة، لمجرد أن الأطراف المعنية توصلت إليها في عهد سلفه.
أثار قرار إدارة الرئيس جو بايدن إعفاء اللاجئين الأوكرانيين القادمين إلى الولايات المتحدة من بعض القيود المفروضة على بقية اللاجئين الآخرين عاصفة من الانتقادات، فهل تعد هذه السياسة تمييزية؟
الإدارة تنظر إلى قضية اللاجئين الأوكرانيين بشكل مختلف جداً عن غيرهم، لعدة أسباب. بايدن يريد أن يُظهر للعالم أنه القائد الدولي الذي سيحرر أوكرانيا من الغزو الروسي؛ ومن ثم فإن قراراته تعتمد بالدرجة الأولى على مدى تأثيرها على هذا الملف.
هناك اعتقاد بأن اللاجئين الأوكرانيين لا يرغبون في البقاء بالولايات المتحدة أو في الدول الأوروبية فترة طويلة، وبأنهم سيعودون إلى بلادهم فور انتهاء الحرب. لو أردنا المقارنة بينهم وبين اللاجئين الأفغان بعد الانسحاب الأمريكي فسنرى التمييز الواضح بينهما.
كيف يمكن إذن تقييم وضع المهاجرين العرب في عهد بايدن؟
المهاجرون العرب لم يتأثروا في عهد بايدن، إذ إن أولوية الإدارة كانت لفتح الحدود الأمريكية المكسيكية والسماح بدخول أعداد كبيرة من المهاجرين من أمريكا الجنوبية؛ مما أدى إلى أزمة معقدة ومأساة حقيقية على الحدود باعتراف الحكومة. أما بالنسبة إلى نائب الرئيس كامالا هاريس التي ألقيت على عاتقها مسؤولية ملف الهجرة غير الشرعية، فإنها فشلت في هذه المهمة التي أنيطت بها منذ بداية تسلمها المنصب.
هل أثر موقف بايدن الداعم لحرب العراق على شعبيته، خاصة في أوساط المواطنين الأمريكيين من أصل عربي؟
بالتأكيد لا. الحرب في العراق مضى عليها وقت طويل وبالتالي فهي غائبة عن ذاكرة الأمريكيين من أصول عربية. مع ذلك فإن الانسحاب المخجل من أفغانستان والذي فشلت إدارة بايدن في التخطيط له بشكل يليق بسمعة الولايات المتحدة العسكرية في العالم ساهم بشكل كبير في انخفاض شعبيته الضعيفة أصلاً، ليس فقط بين العرب الأمريكيين وإنما بين عدد كبير من العسكريين الذين شاركوا خدموا في فترة ما بأفغانستان.