قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن اختطاف العميل السابق في المخابرات الليبية، أبو عقيلة محمد مسعود، جرى من خلال "اتفاق" بين الحكومة الأمريكية و"مسؤولين ليبيين"، قبل 3 شهور من اختطافه ونقله إلى الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
والعميل الليبي السابق متهم بصنع القنبلة التي اُستخدمت في تفجير طائرة بان آم 103 فوق مدينة لوكربي الأسكتلندية عام 1988.
ومَثُل أبو عقيلة محمد مسعود لمدة قصيرة أمام المحكمة في العاصمة واشنطن، الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول؛ حيث وجهت له تهمة ضبط توقيت القنبلة التي دمرت طائرة البوينغ 747، وتسببت في مقتل 270 شخصاً في أعنف هجوم إرهابي وقع على الأراضي البريطانية.
التعاون مع مسلحين "سمعتهم سيئة"
بدورها، أعلنت وزارة العدل الأمريكية أنها احتجزت مسعود مطلع الأسبوع، لكنها لم تذكر تفاصيل عن الطريقة التي وصل بها إلى الولايات المتحدة.
وقال مسؤولون ليبيون على دراية بالقضية إن مسلحين موالين لعبد الغني الككلي، وهو قائد ميليشيا محلية سيئ السمعة يعرف باسم "غنيوة"، اختطفوا مسعود من منزله في حي أبو سليم بطرابلس في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، ثم سلموه إلى ميليشيا ثانية احتجزته أسبوعين قبل أن تسلّمه إلى عملاء الحكومة الأمريكية.
وقد أعرب محللون عن قلقهم من أن اختيار الولايات المتحدة لهؤلاء الشركاء المحليين سيئي السمعة لتنفيذ عملية سرية وإحضار مسعود إلى الولايات المتحدة رغماً عنه قد يقوّض الجهود المبذولة لتعزيز سيادة القانون في ليبيا.
محاولة نقله لواشنطن استغرقت سنوات
من جانب آخر، قال المسؤولون المطلعون للغارديان إن مسؤولي إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب أجروا محادثات مع السلطات المحلية بشأن إحضار مسعود إلى الولايات المتحدة لمحاكمته عام 2019، وإن هذه "المحادثات" استمرت في عهد الرئيس جو بايدن.
وحتى ستة أشهر مضت، كان مسعود يقضي عقوبة بالسجن مدتها 10 سنوات لجرائم ارتكبها أثناء عمله في المخابرات إبان حكم معمر القذافي، الذي أطيح به عام 2011.
وأثناء وجوده في السجن، كان يمكن نقل مسعود (75 عاماً) بسهولة نسبياً إلى الولايات المتحدة عن طريق حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، ولكن أُطلق سراحه مطلع هذا العام بعد أن قضى فترة حكمه.
من جانبه، قال مسؤول ليبي -لم تذكر الغارديان اسمه- إن مسعود "كان رجلاً حراً. كان في منزله وحسب. ولم تصدر أي مذكرة توقيف بحقه أو أي شيء من هذا القبيل. والأمريكيون كانوا يعرفون ذلك بالطبع".
"هدية" إلى أمريكا
وبدا في البداية أن غياب مبرر قانوني لاحتجاز مسعود قد أعاق الجهود الأمريكية، إلى أن عرض أحدهم من ذوي النفوذ داخل حكومة الوحدة الوطنية، يُعتقد أنه ابن شقيق رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، احتجاز مسعود وتسليمه إلى الحكومة الأمريكية.
في السياق، قال جلال حرشاوي، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "كان القادة الليبيون يعرفون أن الأمريكيين مهتمون بالحصول عليه، بغض النظر إن كان محتجزاً أم لا. ولم تكن الإجراءات القانونية مصدر قلق كبير للجانب الليبي".
أضاف حرشاوي: "يبدو أنهم كانوا يحتفظون به إلى أن تكون الولايات المتحدة جاهزة لاستلامه وقبول الهدية".
ولم يعلم بالمصير المخطط لمسعود سوى عدد محدود من كبار المسؤولين في واشنطن، خاصة في وزارة العدل ووزارة الخارجية، وإن كان يعتقد أنه تم إخطار وكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض.
نُقل "رغماً عنه"
وبعد اختطافه، نُقل مسعود إلى وحدة شبه عسكرية مدججة بالسلاح تسمى القوة المشتركة في مدينة مصراتة الساحلية. وقد تشكلت القوة قبل عام على يد الدبيبة لتكون بمثابة حرسه الشخصي، ووصفها الخبراء بأنها "مسلحة تسليحاً جيداً، وصغيرة، وعنيفة، وقادرة على إنجاز المهام".
وفي حوالي 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تسلم المسؤولون الأمريكيون مسعود ونقلوا أسيرهم إلى مالطا رغماً عنه، على حد قول المسؤولين.
وقال عبد المنعم مريمي، ابن شقيق مسعود، لوكالة رويترز، الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول، إن الأسرة لم تعلم بأمر نقله إلى الولايات المتحدة إلا من وسائل الإعلام.