توصلت تركيا وشركات التأمين البحري إلى حلِّ للنزاع المتعلق بالشروط التأمينية الجديدة التي فرضتها إسطنبول على السفن العابرة لموانئها، واستأنفت الناقلات عبورها عبر مضيق البوسفور والدردنيل، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2022.
كانت الأيام الماضية شهدت تكدس نحو 20 سفينة تحمل النفط في انتظار الإبحار عبر مضيق تركيا بعد أن أقرَّت إسطنبول لوائح تأمينية يسري تنفيذها منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول على السفن المارة عبر موانيها، في أعقاب إعلان الدول الغربية عن فرض حد أقصى على أسعار بيع النفط الروسي.
فيما أعلنت مجموعة الدول السبع الكبرى، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وأستراليا، الأسبوع الماضي عن فرض حدٍّ أقصى على سعر بيع النفط الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً للبرميل، بحيث يبقى النفط الروسي متاحاً في سوق الطاقة مع الحد من قدرة موسكو على جني الأرباح من مبيعاته.
أزمة العقوبات الغربية على النفط الروسي
يقتضي القرار الغربي منع شركات الشحن من بلوغ التأمين والخدمات البحرية الأخرى إلا إذا كان النفط الذي تحمله يُباع عند السعر المقرر في الحد الأقصى أو أقل منه.
في الوقت الذي توقفت فيه معظم دول أوروبا عن شراء الخام الروسي، فإن الدول الغربية رأت أن بإمكانها فرض الحد الأقصى لسعر الخام على عملاء النفط الروسي؛ لأن معظم شركات التأمين تقع في الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع.
بينما تعثرت الخطة عندما أعربت تركيا عن مخاوفها من احتمال مرور سفن غير مؤمَّنة عبر مضيق البوسفور، وطالبت أنقرة بضمان غطاء شامل لتأمين "الحماية والتعويض" ضد حوادث تسرب النفط وغيرها، بصرف النظر عما إذا كانت السفن تنتهك الحد الأقصى المفروض على الأسعار أم لا.
لكن شركات التأمين الغربية رفضت الطلب بحجة أن ذلك سيجعلها مسؤولة عن أي انتهاك محتمل للعقوبات الجديدة إذا تبين أنها تحمل شحنات نفط بيعت بأسعار تتجاوز الحد الأقصى المقرر في العقوبات المفروضة على النفط الروسي.
من جانبها، قالت السلطات البحرية التركية إنه في حالة وقوع حادث لسفينة تنتهك العقوبات، فيحتمل ألا يغطي الصندوق الدولي للتعويضات النفقات المترتبة على التلوث النفطي أو الأضرار الواقعة، وأشارت إلى أنها "غير مستعدة لتحمل المخاطرة بأن لا تفي الشركات بمسؤوليتها عن التعويض".
كان نيل روبرتس، رئيس قسم البحرية والطيران في Lloyd's Market Association، قال لموقع MEE في لقاء سابق، إن شركات التأمين قاومت الإقرار بضمان شامل لتركيا، بدعوى أن ذلك الشرط "لم يكن معياراً متبعاً" في هذه الصناعة.
وساطة غربية بين تركيا وشركات التأمين
المضيق التركي أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، ويعبره ما يقدر بنحو 48 ألف ناقلة كل عام. ومن ثم، فقد سارع دبلوماسيون أوروبيون وأمريكيون للتوسط بين شركات التأمين والمسؤولين الأتراك سعياً للتوصل إلى حل وسط يناسب جميع الأطراف.
فيما قالت وزارة النقل التركية إن الناقلات بدأت الآن في إصدار "خطاب تأكيد" يضمن تأمين مرورها من الموانئ الروسية إلى الأسواق العالمية. وأضافت الوزارة في بيان أنه "لا توجد ناقلات محملة بالنفط الخام تنتظر المرور".
كما أعلنت شركة التأمين على السفن النرويجية "غارد" Gard، وهي إحدى شركات المجموعة الدولية المكونة من 13 نادياً لشركات التأمين والتعويض، يوم الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول، عن التوصل إلى حل وسط.
قالت الشركة أيضاً: "بعد مفاوضات مكثفة بين المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض والحكومة التركية، تم التوصل إلى اتفاق يسمح للسفن التي تحمل شحنات النفط الخام بمواصلة رحلاتها عبر المياه التي تسيطر عليها تركيا".
كانت بعض العواصم الغربية قد انزعجت؛ لأن غالبية السفن المتضررة كانت تحمل النفط الخام من كازاخستان، ولا تخضع لسقف السعر المفروض على النفط الروسي.
يُشحن النفط الكازاخستاني إلى روسيا عبر خط أنابيب CPC المملوك لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين، ثم يُنقل النفط على ناقلات في ميناء نوفوروسيسك الروسي لإرساله إلى الخارج.
كان للأزمة تأثير طفيف على سعر النفط، فقد وصلت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في عام 2022 خلال النزاع.