احتفل النشطاء الذين يناضلون منذ عقود لتواجه ألمانيا ماضيها الاستعماري بإعادة تسمية ساحة وشارع في شمال شرق برلين، يوم الجمعة، 2 ديسمبر/كانون الأول، تكريماً للرموز التي قاومت الحكم القسري في إفريقيا، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
الحي الإفريقي
إذ أُعيدت تسمية شارع إلى "مانغا بيل بلاتز" في ما يسمى بالحي الإفريقي في العاصمة الألمانية برلين، تكريماً لذكرى رودولف وإميلي دوالا مانغا بيل، ملك وملكة دوالا في الكاميرون، اللذين قاتلا ضد الاستعمار الألماني.
وأعدمت السلطات الألمانية رودولف دوالا مانغا بيل، الذي تلقى تعليمه في ألمانيا، مع نحو 100 شخص آخر في أغسطس/آب 1914 بعد محاكمة صورية.
كانت الساحة، وهي جزء مركزي من الحي الإفريقي، تُعرَف حتى يوم الجمعة، 2 ديسمبر/كانون الأول، باسم "ناختيغال بلاتز" منذ عام 1910، تيمناً بغوستاف ناختيغال، مفوض الإمبراطورية الألمانية لغرب إفريقيا، الذي كان له دور رئيسي في الاستعمار الألماني لتوغو والكاميرون وناميبيا في سبعينيات القرن الـ19.
وبالقرب منه يقع شارع "لودريتز شتراسه"، الذي سُمّي على اسم المستعمر أدولف لودريتز، وهو تاجر من مدينة بريمن، اشتُهر بأنه مؤسس المستعمرة الألمانية في جنوب غرب إفريقيا -ناميبيا الآن- وأطلق عليه الاسم الجديد كورنيليوس فريدريكس شتراسه.
كان فريدريكس مقاتلاً في صفوف المقاومة من شعب ناما الذي سُجِن في معسكر اعتقال في جزيرة القرش مع مجموعة قوامها نحو 1800 شخص في عام 1906.
في السياق، قال جان بيير فيليكس إيوم، من أحفاد شقيق مانغا بيل، أمام حشد كبير تجمع في زاوية من الساحة، بينما كان السكان ينظرون من شرفاتهم: "مع إعادة التسمية هذه، تدرك برلين مسؤوليتها التاريخية".
وأشاد بيير فيليكس بالمؤرخين والكتّاب والسياسيين والمئات من نشطاء حركة Dekoloniale -وهي مدرسة فكرية تهدف للتحلل من الإنتاج الفكري للاستعمار- الذين أمضوا عقوداً في المطالبة بالاعتراف بالعصر الاستعماري الألماني، وإعادة تسمية الشوارع والساحات والعديد من المواقع المماثلة الأخرى في جميع أنحاء ألمانيا.
كما أضاف: "آمل أن تختفي في يوم من الأيام أسماء جميع المستعمرين التي ما زالت موجودة في الآثار والشوارع، ليس فقط في ألمانيا، بل في جميع أنحاء العالم".
حملة إعادة التسمية
كان هانز جورج رينيرت، المرشد السياحي الذي يتتبع روابط الحقبة الاستعمارية في الحي، في حفل إزاحة الستار بعد متابعة حملة إعادة التسمية لسنوات.
إذ قال رينيرت إنَّ هناك في الوقت نفسه "الكثير من الأماكن الأخرى على القائمة التي يجب أن تكون التالية".
واستشهد بـ"مورين شتراسه" أو شارع مور في وسط برلين، الذي من المقرر أن تُعاد تسميته بشارع أنطون فيلهلم آمو، على اسم الفيلسوف الإفريقي، وساحة نيتلبيك المسماة على اسم يواكيم كريستيان نيتلبيك، وهو بحار كان متورطاً في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.
جاءت الإمبراطورية الألمانية إلى الاستعمار في سبعينيات القرن الـ19، في وقت متأخر نسبياً، مقارنة بمعظم القوى الأخرى وفقدت السيطرة على معظم الأراضي مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914. واستمرت الطموحات لتأمين الأراضي المفقودة حتى الأربعينيات، لكنها لم تنتزع سوى القليل من الأراضي.
لكن يُنظَر إلى ألمانيا على أنها مسؤولة عن واحدة من أكثر الفظائع الاستعمارية المُخزية التي ارتُكِبَت على الإطلاق، وهي الإبادة الجماعية من عام 1904 إلى 1908 بحق ما بين 60 ألفاً و100 ألف من سكان الناما والهيريرو الأصليين.
حاول العديد من مستعمريها عادةً الترويج لمشروعهم الاستعماري على أنه مهمة لجلب المسيحية والحضارة إلى المناطق الإفريقية.